الطريق إلى مدارس الذكاء الاصطناعي

يستخدم الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد في التعليم من خلال تطبيقات تقنية مثل منصات التعليم عبر الإنترنت وبرمجيات التعلم الآلي، ولكن استخدامه بصفة أساسية في المدارس يمكن أن يتطلب وقتًا أطول نظرًا للتحديات التقنية والتنظيمية والتمويلية.

من المؤكد أننا سنرى زيادة في عدد المدارس التي تستخدم الذكاء الاصطناعي كجزء من تعليمها ،وسيتوقف ذلك على تطور التكنولوجيا واعتماد المؤسسات التعليمية على الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة التعليم وتخصيصه وتكييفه مع احتياجات الطلاب وستتاح المزيد من الفرص للمعلمين والطلاب للاستفادة من هذه التقنية في عملية التعلم.

كيف يمكن استثمار الذكاء الاصطناعي بنجاح في المؤسسات التربوية؟

وكي ننجح في استثمار الذكاء الاصطناعي تربوياً، على افتراض أننا نسعى لإنشاء مدارس تعمل بتقنياته، فإن تحديد الأهداف والرؤية يمكن أن يرسم خارطة لتعزيز التعليم وتحسين تجربة الطلاب، ثم يأتي دور تحديد وتأمين التمويل والموارد اللازمة لتطوير وتنفيذ مشروع المدرسة والبحث مع خبراء في مجالات الذكاء الاصطناعي والتعليم لتطوير استراتيجيات وخطط فعالة ومنهاج تعليمي مبتكر يستفيد من الذكاء الاصطناعي ويتوافق مع الأهداف التعليمية و توفير التقنيات والأدوات اللازمة لتنفيذه في العملية التعليمية، مثل منصات التعليم الذكي والبرمجيات ذات الصلة ويأتي الدور الأبرز للعنصر البشري المؤهل لتطبيق التكنولوجيا الذكية بفعالية في التعليم.

ونحتاج قبل التنفيذ بشكل كامل إلى مدة اختبار وتقييم للتقنيات والأدوات للتحقق من فعاليتها وملاءمتها لمتطلبات المدرسة وتواصل مع الأهل والمجتمع لشرح الفوائد والأهداف المرتقبة للمدرسة مع مراعاة امتثال المدرسة لجميع القوانين واللوائح المحلية والوطنية المتعلقة بالتعليم واستخدام التكنولوجيا، إن الأثر المأمول إن ثبت بالتقييم أنه حقق جودةً إضافية للتعليم وتحسيناً؛ ستكون تجربة تستحق التعميم.

ضرورة جعل برامج الذكاء الاصطناعي ملبية لحاجات الطلاب 

أما المستهدف الأول للعملية التعليمية: الطلاب، فهناك خبرات ومهارات وجودها لديه سابقٌ لخوضه هذا الغمار، حيث تعلم مفاهيم البرمجة الأساسية والمهارات الرياضية وطريقة التفكير التحليلي المنطقي والتفكير الإبداعي وحل المشكلات، والقدرة على التعلم الذاتي والتفاعل الاجتماعي والإصغاء والتواصل مهمة لمن يرغب في التعلم بطرق ذكية.

وعلى الطالب الذي سيواصل التعلم عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي أن يحافظ على درجة عالية من الفضول والاستعداد للتعلم والعمل بشكل مستقل وتنظيم وقته وإدارة مهامه التعليمية بشكل فعّال وأن يمتلك القدرة على تقييم المعلومات تقييماً منطقياً، في الوقت ذاته واعياً بأمان البيانات والمعلومات عبر الإنترنت، مستعداً لمواجهة التحديات.

استثمار الذكاء الاصطناعي في دعم القادة التربويين

و لا بد من التفكير في استثمار الذكاء الاصطناعي في دعم القادة التربويين، حيث أن القيادة التربوية تتطلب جوانب إنسانية معقدة مثل التفاعل الاجتماعي واتخاذ القرارات الأخلاقية لا تستطيع التكنولوجيا القيام بها ، و جوانب أخرى تساعد على اتخاذ القرارات الاستراتيجية وتحسين الأداء التربوي، مثل: تحليل البيانات التعليمية و تقديم توجيهات استراتيجية وتحليل أداء المعلمين و توفير معلومات عن الاتجاهات التعليمية والمساعدة في اتخاذ القرارات المالية وتحسين عمليات الإبلاغ والاتصال: يمكن للذكاء الاصطناعي توليد تقارير دقيقة وشاملة تسهم في تسهيل عمليات الإبلاغ والاتصال بين المدارس والأهالي والجهات المعنية وتعزيز التعلم الذاتي للقادة التربويين: يمكن للذكاء الاصطناعي توفير مصادر تعلم ذاتي للقادة التربويين لمساعدتهم على تطوير مهاراتهم القيادية.

الذكاء الاصطناعي قيمة مضافة

في السياق التعليمي، يشير مفهوم القيمة المضافة إلى الفوائد والتحسينات التي تقدمها المؤسسات التعليمية للطلاب أثناء فترة دراستهم ، يمكن أن تشمل هذه القيمة المضافة تحسين الأداء الأكاديمي، وتطوير المهارات الشخصية، وتعزيز الاستعداد للحياة والعمل، وتوفير الفرص الاجتماعية والثقافية، وتقييم مدى تحقيق المؤسسات التعليمية للقيمة المضافة هو جزء مهم من تقييم جودة التعليم وأثره على الطلاب.

يعتبر الذكاء الاصطناعي مدخلًا يعزز من قيمة التعليم والأنشطة التعليمية ، فيمكن له تخصيص التعليم بناءً على قدرات كل طالبٍ واحتياجاته الفردية، و توفير تقييم دقيق لأداء الطلاب وتحديد مجالات التحسين ورفد المؤسسة بتجارب تعليمية تفاعلية تساعد الطلاب على تجاوز الضعف، كما يقلل الأعباء الإدارية على المعلمين و إدارة المدرسة و يسهم في وصول التعليم إلى المناطق النائية أو المحرومة، ويمكن الطلاب من اكتساب المعرفة بشكل مستمر ومستقل.

من المأمول أن يسير الذكاء الاصطناعي جنباً إلى جنب مع المعلم و يرفع من قيمته المضافة إلى التعليم حين يقدم له على وجه التحديد مواد تعليمية مناسبة لاحتياجات الطلاب الفردية ، فيتحول المعلم من العام إلى الخاص والأكثر خصوصية ، ثم يُمَكِّنه من مراقبة أداء الطلاب في الوقت الفعلي وتدوين ملاحظات فورية أو إعداد اختبارات مخصصة ، بل و يحلل البيانات بما يساعد في اتخاذ قرارات أفضل .

تتيح أدوات الذكاء الاصطناعي التعامل مع أهداف منوعة داخل المؤسسة التعليمية مثل : تحسين جودة التعليم أو توجيه الطلاب نحو تحقيق نتائج أفضل أو زيادة كفاءة الإدارة التعليمية ، و من هذه الأدوات : منصات التعلم الذكي و أنظمة التقييم التلقائي والتحليلات التعليمية ومساعدي الصوت والأجهزة الذكية والتعلم الآلي و الروبوتات التعليمية وأنظمة الإدارة التعليمية  والواقع الافتراضي والواقع المعزز .

تحديات..

تكلفة جعل الذكاء الاصطناعي أحد أركان العملية التعليمية تعتمد على العديد من العوامل المختلفة، بما في ذلك نوع التقنيات والأدوات المستخدمة، حجم المدرسة أو المؤسسة التعليمية، ومدى تطبيق الذكاء الاصطناعي .

التكلفة متفاوتة تبعاً للصورة الحالية للبنية التحتية التكنولوجية للمؤسسة فقد تحتاج إلى تحديث وتطوير للأجهزة والبرامج لدعم التطبيقات ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي و بغض النظر عن شكل البنية التحتية فإن تكلفة البرمجيات والأدوات التي تحتاجها للتطبيق يمكن أن تكون متفاوتة على الرغم من أن بعضها مفتوحة المصدر ومجانية ، بينما تتطلب أدوات أخرى تراخيص مدفوعة.

والتكلفة تطال جوانب التدريب للمعلمين والموظفين على كيفية استخدام التقنيات المرتبطة ، وتوظيف مطورين ومصممين و خبراء و استشارين لإنشاء محتوى ذكي ،إلى جانب تكاليف إدارة المشروع الذكاء الاصطناعي و تكاليف الصيانة والتحديث وجوانب أخرى كالتراخيص والامتثال للقوانين المتعلقة بحماية البيانات والخصوصية. ولتحديد ما إذا كانت التكلفة المحتملة لجعل الذكاء الاصطناعي أحد أركان العملية التعليمية تكافئ المخرجات المأمولة، يجب أن نقوم بتقييم شامل للتكاليف مقابل الفوائد المتوقعة مع المقارنة بالبدائل التي تحقق الأهداف التعليمية بتكاليف أقل أو بوسائل أخرى .

وعلى الرغم مما سبق لا يمكن الجزم بجهوزية الذكاء الاصطناعي لتحقيق ضمان الجودة التعليمية فلا يزال أمامه شوط من التقدم في الدقة والقدرة على التفاعل مع بيئة التعليم ولا تزال نماذج الذكاء الاصطناعي بحاجة للتدريب بعد تغذيتها ببيانات نوعية، والكوادر البشرية في المؤسسات التعليمية بحاجة لتدريب أيضاً على كيفية الاستفادة من تطبيقاته في تحسين الجودة التعليمية ومراقبتها و يتطلب الأمر استعداداً لاستثمار كبير في شراء وتطوير البرمجيات.

كما وستتأثر مخرجاته بجودة البيانات فإذا كانت البيانات غير دقيقة أو غير كافية، فإن التحليلات والتوصيات تكون غير صحيحة، و لا نغفل أنه يفتقر إلى القدرة على التفاعل البشري بنفس طريقة الإنسان وقد يكون عرضة للأخطاء والانحرافات في التحليل واتخاذ القرارات.

فيديو مقال الطريق إلى مدارس الذكاء الاصطناعي

 

أضف تعليقك هنا