واقع الحب في العلاقة العاطفية وإعادة ضبط الإعدادات

اصطدام مشاعر الحب مع واقع الحياة 

كيف تتبدل مشاعر الحب إلى مشاعر أخرى؟ أين يذهب الحب؟! الحب في الحقيقة لا يذهب دفعة واحدة، بل يتلاشى رويدًا رويدًا ليحل محله بعد فترة من مضي الوقت مشاعر لم تكن من قبل…

ويبدأ الحب بالتلاشي عندما يصطدم بالواقع الذي يعيشه، فالحياة العاطفية تختلف مع الأيام بإختلاف طريقة التفاعل مع الأحداث، والسبب ظهور مواقف جديدة يكون طرق التعامل معها غير متوقع من كلا الطرفين، أو ربما تتغير آراء أحدهما حول مواضيع كانت مطروحة مسبقًا ومتفق عليها من ثمّ احتاج الأمر لبعض التغيير، فيدخل الطرفان في جدال حاد في محاولة إثبات كل منهما صحة رأيه…

إن تكرار حالات الصدام واستمرار الجدل بشكل عقيم، وفرض قرارات أحد الطرفين على الآخر… كل ما سبق يزرع بذور الفتور في العلاقة العاطفية، ويساهم في تحول مشاعر الحب إلى مشاعر سلبية تجاه الشخص الآخر، ثمّ يأتي تفصيل واحد صغير ويقلب العلاقة 180 درجة بكل سهولة… وقد تكون تلك الحصوة سببًا في فيضان الماء من الكأس.  

الحب أخلاق قبل أن يكون كتلة مشاعر

الحب مفهوم عاطفي مليئ بالمشاعر الجميلة لا يحتاج إلى شرح مطول، والحب لدى الأشخاص الطبيعية يملك قيمة معنوية كبيرة، وتكمن تلك القيمة الثمينة في الحفاظ على العلاقات البشرية بشكل سليم وصحي، بحيث تكون الراحة النفسية في أعلى مستوياتها الجيدة، بعيدًا عن أي قلق أو هلع قد يسببه الطرف المقابل.

المفاهيم الخاطئة عن الحب

لقد سادت بين الأفراد مفاهيم خاطئة عن الحب، نتج عنها حوادث انتقام أليمة، ومعاناة نفسية يصعب تجاوزها! مما سبب خللًا في سير العلاقات العاطفية، وانعكس ذلك على عمليات البناء في الأسرة والمجتمع على حدٍ سواء.

 هناك مسؤولية كبيرة تقع على العائلة في تصحيح المفاهيم الخاطئة بداية من العلاقة الأسرية السليمة، حيث يحمل الأهل دورًا مهمًا في مراقبة أولادهم، والانتباه على طريقة تصرفهم مع الآخرين من خلال المواقف التي تحصل معهم إن كانت داخل الأسرة أو مع الأصدقاء والأشخاص المحيطة. 

وخاصة عندما تصل الأولاد إلى مرحلة الشباب والمراهقة، على الأهل توضيح معنى الحب الحقيقي، عبر القيام بعملية تبديل الأفكار السامة بأفكار سليمة بعيدة عن التملك وإرهاب الشخص الآخر عن طريق التهديد أو الابتزاز مقابل الموافقة على استمرار العلاقة العاطفية! 

ويجب الحذر مما يقوم به الإعلام ومواقع الانترنت من بث مسلسلات أو برامج وأفلام تقوم على تشجيع الشباب وحثهم على تبني الحب بأشكاله العنيفة، فهذه المرحلة من العمر تعد من أخطر المراحل كونها تهوى التقليد الأعمى واتباع ما يرونه أمامهم بشكل متقن دون التفكير به قبل التنفيذ… حيث تقوم تلك الجهة على تصوير الغيرة الزائدة التي تصل حد الاختناق على أنها دليلًا على الحب، وتمثيل الرغبة في الانتقام على أنها صفة عادية من صفات الحب!

إعادة ضبط الإعدادات لحماية الحب من الاختراق 

للحب قواعد وضوابط لا يجوز الاستغناء عنها، أولها الاحترام المتبادل بين الطرفين، وأي تجاوز يحصل في العلاقات العاطفية من شأنه أن يسبب البغض والنفور في يوم من الأيام مهما كان مؤشر قوة الحب عالي… فكل علاقة عاطفية ناجحة أساسها الاحترام المتبادل بين الطرفين، إنها معادلة بسيطة جدًا حيث لا يوجد احترام لا وجود للحب. 

وصدق المشاعر من القواعد المهمة أيضًا في بناء العلاقة العاطفية، فعندما تكون المشاعر صادقة نابعة من القلب بنقاء تصب حتمًا في القلب، أما إن كان الطريق وعرًا مليئًا بالخداع لن يتابع الحب مسيرته مهما كان اندفاعه قويًا…

الاهتمام من الأمور المهمة أيضًا في بناء أي علاقة عاطفية بشكلها السليم، على الطرفين أن يهتم لشؤون الآخر بحيث يعرف ما الذي يحب وما الذي يكره… مع مراعاة منحه مساحة شخصية تشعره بالراحة والتوازن، لأن مجرد وجود فكرة أنه مملوك أو مقيد في أي حركة تجعله شخص متمرد غير آبه للشعور بالحب.

كذلك ممارسة الضغوط الخارجية وفرض قرارات بعيدة عن الحوار الهادف، وعدم الانتباه على طريقة التواصل مع الطرف الآخر عبر إستخدام أسلوب السخرية أو التهتك… تقلب مشاعر الحب إلى مشاعر غير محبذة أبدًا والقلوب المنكسرة لا تصلح للحب مهما حاولت ترميمها عن طريق الإعتذار وتقديم الهدايا… هناك أشياء لا تعود بعد رحيلها.

يجب عدم تجاهل الأخطاء في العلاقة العاطفية

عند حصول أخطاء في بداية أي علاقة عاطفية، الأفضل عدم تجاهلها مهما كانت البدايات مبهرة وجميلة، الحب وحده لا يكفي في استمرار العلاقة العاطفية بشكلها السليم، فكل خطأ مهما كان بسيطًا أو تصرف غير لائق بمقدوره أن يؤدي إلى مشاكل ونتائج وخيمة فيما بعد، ومنه إلى فشل في العلاقة العاطفية. 

نحن قد ننسى الكلام الجارح حرفيًا، لكن لا ننسى الإحساس الذي شعرنا به حين سمعناه… كذلك تراكم التنازلات تبني جدارًا بين الطرفين من الصعب هدمه، وإن هُدم مع مرور الزمن يظهر خلفه شخصًا آخر.

فيديو مقال واقع الحب في العلاقة العاطفية وإعادة ضبط الإعدادات

أضف تعليقك هنا