الأشياء من حولنا تدعونا باستمرار إلى النظر في أعماقنا

نحن والأشياء

ربما لا يُصدق الناس أن الأشياء من حولنا تدعونا بإستمرار إلى نفسها ، فهي تخاطبنا دائماً لأن نغوص في أعماقها لنستخرج أشياء نافعة لنا في حياتنا ، لكن كثيراً من الناس لا يستطيعون أن يسمعوا تلك الخطابات والرسائل ، وما يمكن أن أوضحه وأقدمه كأسلوب لسماع تلك الأشياء هو أنها – أي الأشياء – تتعرض لأمور كثيرة مُلفتة للنظر، بعضها يحصل مع نفسها ونحن كبشر نلاحظ ونراقب تلك الأمور الحاصلة ،وبعضها يحصل مع غيرها.

والإنسان ليس طرفاً فيها وإن كان قادراً على مراقبتها وضبطها، وبعضها يحصل مع الإنسان نفسه فتحدث معهُ وهو في نفس الوقت يراقبها، وكل هذه الحوادث الواقعة للأشياء سواء كانت مع نفسها أو مع الغير – فإن الإنسان ليس أحد أطرافها – أو مع الإنسان نفسه، كلها نداءات من تلك الأشياء للنظر فيها ودراستها والتعمق في تفاصيلها، فكل حادثة تقع لأي شيء حولنا فهي دعوة من ذلك الشيء للتعمق فيه ودراسته والتأمل فيه طويلاً.

غفلة الناس عن رسائل الأشياء

إن ما يفعله الناس إزاء تلك الحوادث المتكررة يومياً ليس موضعاً للفخر والتباهي،فهم غالباً لا يلتفتون ولا يراقبون ، وإذا راقبوا لا يحللون أو يستنتجون ،وإذا استنتجوا فإنهم يستنتجون بطريقة ضعيفة ولا يعدو الاستنتاج عندهم سوى ما يتصل بظاهر الأشياء وصورتها الخارجية، وإذا تعمقوا في الاستنتاج فإنهم لا ينفكون يطلقون استنتاجات غير رصينة، وهذا هو خطأ الناس الكبير، بخلاف العقول الرائعة بل الأكثر من رائعة التي تعتبر كل حركة كونية مُلفتة للنظر ومسألة بحد ذاتها، وحتى لو نفد الحبر من عدد من تلك المسائل فإنه سيكون بداية لكمٍّ هائل من المسائل، لأن نفادها بحد ذاته حدث تتحرك كل الأشياء حول ذلك الحدث، ثم إن أي اقتراب منها سيكون بداية للاقتراب من أعماقها وعدم الاكتفاء فقط بتسطحها.

 

أضف تعليقك هنا