مغامرات ( حمّود ) / الجوال ـ 6

تفكير حمود مع نفسه

بعد تفكير عميق ارتأى حمّود أن يكتم الأمر عن والديه، ولا يصارحهما بما حدث له، فهو في الأخير إنسان كبير ولا ينبغي له الهلع من شيء تافه كهذا، كما أن عليه أن يكون مستقلاً في رأيه، ولا يتعلق بوالديه هذا التعلق البغيض، ثم إنه قد أوشك على مرحلة البلوغ ولا يجب أن يظهر أمام أمه وأبيه كأنه طفل صغير، فقد حان له أن يتحمّل مسئولية نفسه ويعتمد على ذاته في الحياة. هكذا فكر حمّود بينه وبين نفسه، ومع ما في تفكيره من صحة وخطأ إلا أن مرحلته العمرية أوحت له أن قراره صحيح مائة بالمائة، ولا غبار على ما تخذه من قرار.

بعد خروجه من المنزل التقى حمّود أصحابه على دكة المدرسة بعد صلاة العشاء، أخذوا يقلبون جوالاتهم ويتراسلون في قروباتهم في الواتساب مع موجه من الضحك والترفيه، بينما ظلّ حمّود ساهماً صامتاً فأنكر عليه أصحابه هذا المزاج الغريب، وسألوا عمّا يزعجه، وما الأمر الذي نكّد عليه عيشه خاصة بعد وجود الجوال وفرحته الغامرة به.

افضاء حمود لأصحابه ما بداخله

ولأن المرء في كثير من الأحيان يفضّل أن يصارح أصحابه وشلته بهمومه أكثر من أهله، فقد صارح حمّود القوم بما في نفسه، وحكى لهم الحكاية، كانوا صامتين وكلهم ينظر إليه وهو يقصّ قصته.

لما فرغ من شكواه وأراح ضميره أوضح له أصحابه أن ما خاف منه وارتعب كلهم تقريباً قد مرّ به في أول الأمر مع اختلاف مصدر الحصول عليها، فالمقاطع الإباحية الخبيثة أصبحت أمراً شائعاً، وقد انتشرت بين الصغار والكبار، وللكبار دور خبيث في دلالة الصغار على هذا النفق العميق.

أدرك حمّود أنه ليس الغارق الوحيد في هذه اللجة العميقة، فالشباب والصغار قد وقعوا فيما وقع فيه، وهذا لا يعني أن الأمر مباح أو مفروغ منه، بقدر ما يعني تفشّي الفساد واستشراء الشرّ بوجود الوسائل السهلة لاستجلابه.

هنا أدرك حمّود أيضاً لِمَ كان يرى الصغار لوحدهم أحياناً ومع آخرين يكبرونهم في السن يقبعون في الزوايا المظلمة يقلّبون جوالاتهم وينظرون في أشياء لا صوت لها ولا حس، لقد فهم أنّ الدكك النائية والمواقع البعيدة كانت مرتعاً خصباً لمشاهدة الأفلام الإباحية والصور الخادشة للحياء.

هل يعلم الآباء وأولياء الأمور بما يحدث؟

فكّر حمّود، ثم استرسل في تفكيره قائلاً في نفسه : قطعاً هم يعيشون في وادٍ وما يحصل لأبنائهم وأطفالهم في وادٍ آخر، هذه هي الحقيقة المرّة، فهم يعتقدون أنّ امتلاك أبنائهم لجوالات ذكية شيء مرحبٌ به؛ لكونهم يعيشون في عصر التقنية، وعليهم مواكبة هذا التطور والتقدم، لكنهم لا يعلمون ما تحت النار من رماد، الجميع غافلون ومنهم والديّ الحبيبان.

استعدّ بعض أصحاب حمّود أن يكشفوا له جميع الأوراق، ويبينوا له من أين تأتي تلك المفاسد، ويفرشوا كل شيء على المكشوف كما يقولون، كما أبدى بعضهم ممن أدمن مشاهدة المقاطع الخبيثة أن يزود حمّود  بنماذج منها، إلا أنه لتعب نفسه وتحطّم أعصابه رفض أن يرى أو يسمع شيئاً مرجئاً الأمر إلى جلسات أخرى قادمة.

تقدّم أحد الشباب وأعطى حمّود ذاكرة صغيرة وطلب منه أن يفرمتها له في جهاز الحاسوب لأنه لا يملك واحداً بعد، وأخبره أن عليه وضعها أولاً في قارئ ذاكرة، وعن طيب نفس أخذ منه حمّود كرت الذاكرة، وفي المساء وضعها على الحاسوب وقبل أن ينقر عليها يميناً ثم يختار تهيئة من القائمة المنسدلة، رأى حمّود أن يأخذ نظرة على محتوى الذاكرة قبل مسحها!!

ترى ماذا وجد حمّود في تلك الذكرة ؟ ولماذا تعمّد ذلك الشاب إعطاءها له ؟ وكيف تصرف حمّود حينئذٍ مع الموقف ؟

تابعونا في الحلقة القادمة بإذن الله..

فيديو مقال مغامرات ( حمّود ) / الجوال ـ 6

أضف تعليقك هنا

أحمد عمر باحمادي

أحمد عمر أحمد باحمادي

كاتب يمني

خرّيج كلية الآداب ـ صحافة وإعلام حضرموت ـ اليمن