الجسم السياسي

الاجتماع أضحى ضروريا ومن العبث فضه والعودة إلى حالة الاطبيعة، وكل ما نستطيع صنعه هو أن نصلح مفاسده بأن تقيم الحكومة الصالحة ونهيء لها بتربية المواطنين الصالحين.

الميثاق الاجتماعي

فمن الوجهة الأولى لن تعود المسألة إلى إيجاد ضرب من الإتحاد يحمي بقوة المجتمع شخص كل عضو وحقوقه ويسمح للكل بأن لا يخضع إلا لنفسه، وبأن تبقى له الحرية التي كان يتمتع بها من قبل، لم تكن ملكية الأرض مضمونة بما فيه الكفاية، وكان لابد من تدبير وسائل جديدة لحمايتها وقد لجأ الأغنياء إلى حيلة الإيقاع بالفقراء، وابتكروا كما يقول روسو أذكى حطة عندما قالوا للفقراء نتحد لكي نحمي الضعفاء من الظلم والجور ونضع قوانين العدل والسلم وبدل أن نستنفذ قوانا في الإقتتال نوحد أنفسنا في سلطة عليا وفق الشرائع الحكيمة، وهكذا قاد تأسيس الملكية الأرضية البشر إلى ميثاق اجتماعي.(1)

القانون عند روسو

ولما كان القانون حسب روسو جامعا بين كلية الإرادة وكلية الموضوع، بين مرة أخرى كيف أن ما يأمر به بشر من الناس بمحض سلطة، وكأننا ما كان هذا البشر، ليس البتة بقانون بل إن ما يأمر به صاحب السيادة حسب روسو بصدد موضوع جزئي، ليس كذلك بقانون وإنما هو مرسوم، إنه ليس بإجراء سيادي؛ وإنما هو من إجراءات ولاية الحكم، وليست القوانين بالمعنى الحقيقي إلا شروط الإجتماع المدني حسب روسو ويجب على الشعب أن يكون هو صاحب سنها.

أسئلة حول القوانين

ولكن كيف بضبطونها؟ يطرح روسو هذه التساؤلات. هل يكون ذلك باتفاق مشترك؟ أم بإلهام مفاجئ؟ وهل للجسم السياسي من لسان حال تتكلف بإعلان إرادته؟ ومن الذي يهبه التبصر الضروري بالأمور حتى يبلور تلك الإجراءات وينشرها مسبقا، ويعبر في ذات السياق كيف لحشد أعمى غالبا ما لا يرى أي شيء يريد لأنه قلما يعرف أي شيء يكون صالحا له، أن يحقق من تلقاء نفسه، ذلك أن الإرادة العامة دائما على صراط مستقيم وملكت الحكم التي وجهتها ليست دائما نيرة؟

الحريات والحقوق في كتاب العقد الاجتماعي

ويذهب روسو في معالجتها في كتاب العقد الإجتماعي ليرى أن الغرض من الحريات والحقوق، ممكن التحقق عندما تجتمع الكثرة المفككة على أن تؤلف شهبا واحدا، وأن تحل القانون محل الإرادة الفردية، وينزل عن نفسه، وعن حقوقه للمجتمع بأكمله وهذا هو البند الوحيد للعقد الإجتماعي، إذ بمقتضاه يصبح الكل متساوين في ظل القانون، والقانون إرادة الكل تصير المنفعة العامة، وأن الشعب لا يريد إلا المنفعة العامة، فالإرادة الكلية مستقلة دائما ومن يأب الخضوع لها يرغمه المجتمع بأكمله.

كانت القوانين في البداية على قول روسو، تفتقر إلى بعض الضوابط والمعايير الملزمة لأفراد وكان المجتمع بأسره يضمن احترامها والتقيد بها، لكن سرعان ما أوحي ضعف شكل الحكم هذه الفكرة (توكيل أفراد معينين على الوديعة الخطيرة التي هي السلطة العامة).

موضوع القوانين عند روسو

وعندما كان يقول روسو بأن موضوع القوانين يكون عاما دائما، أعني بذلك أن القانون يعتبر الرعاية من حيث هم أجسام وينظر إلى الأفعال على أنها مجردة، ولا ينظر قط إلى الإنسان ما باعتباره فردا، ولا إلى فعل من الأفعال على أنها جزئي، على هذا النحو فإن القانون يمكنه أن يفضي بوجوده امتيازات، ولكنأن يخلعها على شخص بعينه ناعتا إياه بالإسم.

ويمكن للقانون أن يضع للمواطنين مراتب عديدة، بل وأن يعين الصفات التي يوجز الحق فيها، ولكن لا يمكنه أن ينعت بالإسم من من الناس هؤلاء أو ألائك يحق لهم كسب تلك المراتب ويمكنه أن يقيم حكومة ملوكية، وسلالة بالوراثة، ولكن لا يمكنه أن ملكا بعينه، وأن لا ينعت بالإسم أسرة ملوكية بعينها، ومختتم الكلام أن كل وظيفة تتعلق بموضوع فردي ليس من شأن السلطة التشريعية.

المصادر:

1- كرم يوسف، تاريخ الفلسفة الحديثة، دار المعارف، مصر، الطبعة1، الصفحة195.

فيديو مقال الجسم السياسي

أضف تعليقك هنا