ٌْجدل افتراضي بين الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني

في ظل التطورات التي شهدها العالم ولا يزال يشهدها، لم يعد من المعقول أن تثار مواضيع الخصومة بين شيء وآخر لكون الآخر حديث عهد بالاختراع، وعدم تمكنه من الميزات التي امتاز بها الشيء الأول، لأنه لكليهما من الخصوصية ما لم تتيسر للآخر. الأمر نفسه في الجدل بين الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني، لم يكن اختيار هذا الموضوع للمقابلة بينهما وترجيح أحدهما على الآخر، لأن الأمر لا يتعلق بالمنافسة، بل له صلة بالكمال. الأسطر الآتية توضح هذا الإجمال.

سلبيات وايجابيات الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني

الكثير منا يرى رأيا جانبيا حول الكتاب الإلكتروني، ويعتبره خصوما للكتاب الإلكتروني، من وجهة نظره إنه لايجد في الكتاب الإلكتروني رائحة الأوراق، يحرم من تقليب الصفحات وصوته الجميل، لا يقدر أن يكتب على هوامشه بالقلم، لا يستطيع أن يضع فيه علامة للمكان المطلوب، لا يمكن له قراءته مضطجعا أو واضعا الكتاب في حضانته، يشعر بواسطة بين القارئ والكتاب، لا يقدر على المطالعة والبطارية منخفضة، تتعب الأعين، وتضر أشعته البصر، الإشعارات والرسائل تخل في التركيز على المحتوى،، الخ.

هذه الجوانب السلبية لا يمكن إنكارها، وبالفعل إنها توجد في الكتاب الإلكتروني، ولكن في جانب آخر يمتاز الكتاب الإلكتروني بمزايا عديدة يخلو منها الكتاب الإلكتروني، فلكل منهما مزايا وعيوب، إلا أن الغاية لا تختلف، وهي الحصول على المعلومات والمعارف، وكذلك الحظ بمتعة المطالعة والقراءة، منشأ الاختلاف تعدد منهجيتهما، وهذا الخلاف لا يعد من نوع التناقض، إنما هو يدل على التعدد.

كتاب الكاتب “حكيم مرزوقي”

إحدى صحف عربية في لندن “العرب” قامت  بنشر مقال بتاريخ (18/أكتوبر 2006م) للكاتب حكيم مرزوقي، حول هذا الموضوع بعنوان: “الكتاب الورقي أم الإلكتروني.. جدل افتراضي بين قراء لا يقرأون”. ولا أخطئ إذا قلت أن العنوان يعبر عن حقيقة هذا الصراع على وجه أكمل، وهذا هو خلاصة هذه الخصومات، يقول الكاتب فيه:

“الكثير يجمع على أنّ العلاقة بين كلا الكتابين، هي علاقة تكامل لا علاقة تنافس، فالكتاب الورقي والإلكتروني يكمّــلان بعضهما البعض، فلكل واحد منهما ميزاته وإيجابياته وسلبياته.”

ثم أتبع قائلا:

“المشكلة لم تعد تتوقف عند مجرد المقارنة أو المقاربة أو المفاضلة بين كتاب ورقي وآخر إلكتروني، بل في القراءة نفسها أمام هذا التراجع المرعب والمخيف عن القراءة، حتى باتت الأرقام مفزعة”.

مشكلة تراجع القراءة

وتشير هذه الأرقام بحسب تقرير التنمية البشرية الصادر عن اليونسكو عام 2003، كان نصيب 80 عربيا من حيث القراءة كتابا واحدا، بينما كان المواطن الأوروبي يقرأ 35 كتابا في السنة، والمواطن الإسرائيلي يقرأ 40 كتابا، ورغم الفارق الكبير في نصيب القراءة للمواطن العربي مقارنة بالأوروبي، إلا أنه يعتبر أفضل من الوقت الحالي، حيث تراجع إلى ربع صفحة فقط وهو معدل كارثي.

ظل الكلام واضحا أن المشكلة ليست في أحد نوعي الكتاب،بل في القراءة نفسها، فلذا المطلوب هو القضاء على هذه الأزمة، سواء التغلب عليها يكون بالكتاب الورقي أو الكتاب الإلكتروني.

خصائص الكتاب الإلكتروني

من الخصائص التي تنفرد بها الكتاب الإلكتروني أنه قليل التكلفة للطباعة، وقليل السعر، وعامة يوفر مجانا، يقرأه الآلاف من القراء في آن واحد، ينشر بسرعة في أنحاء العالم في بضع ثوان، تكتب الملاحظات عليه، يغير حجم الخط من صغير إلى كبير والعكس، يمكن إطلاق الفيديو أو الآديو من الرابط، وكذلك فتح الروابط الخارجية الإثرائية، باستخدام نسخة واحدة في الفصل الذكي يستفيد طلاب الفصل كلهم، لا يحتاج لقراءته إلى ضوء، كما يمكن مطالعته في الباصات والقطار والرحلات وما إلى ذلك، تقرأها بدون استحياء، لأن الناظر إليك يفهمك أنك تنشغل بجوالك.

ليس له وزن وثقل، لا يحتاج إلى النقل والحمل، لا تفتقر إلى إعارته من المكتبة، ثم إرجاعه، لا تمزق أوراقه، فبالتالي لا تجبر إلى الغرامة، لا يحتاج لقراءتها إلى أضواء الشوارع، لا تندثر نسخها،،، الخ.

ثمة فرص عديدة للاستفادة من الكتب البرقية، تتزايد على فرص الكتب الورقية، لاسيما للمبتعثين إلى دولة أخرى لغرض التعليم، فمن المعروف أنهم لا يجدون مكتبات ومطابع لغتهم، ثم هم يضطرون إلى الكتب الإلكترونية التي تكون حلا وحيدا لهذه المشكلة.

لا يغرنك أنه يوجد هنا تفضيل أحد النوعين على الآخر، لأن الأمر لا يتعلق بالمنافسة إطلاقا.

فيديو مقال ٌْجدل افتراضي بين الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني

أضف تعليقك هنا