جدلٌ بين أنصار الكتب وعشّاق الرّوايات

بقلم: عدي النابلسي

هناك جدلٌ شائعٌ ومستمرٌّ حول قراءة الكتب والرّوايات، أو ّلنَقُل بين “أنصار الكتب” و “أنصار الروايات” – ولا سيّما من حيث الفائدة الكامنة في قراءة الكتاب أو الرّواية – فبعضهم يرى بأنّ قراءة الرّوايات هي مجرّد مضيعةٌ للوقت ليس إلّا .. و هُراء لا طائلَ منه، و أنّها لا تُسمن ولا تُغني من جوع … و بذلك يحصُر جُلّ تفكيره في قراءة الكتب العلمية والثّقافية بشتّى أشكالها المختلفة ومجالاتها المتنوّعة.

الفرق بين قراءة الكتب والروايات

و في الحقيقة .. هذا ليس مفيداً ومثمراً في جوهره .. ولا سيّما على المدى البعيد ؛ وذلك لأنّ من يكتفي بقراءة الكتب فقط – مهما بلغت قيمتها – فإنّ كلّ ما يفعله هو أنّه يحولّ عقله لجهاز أشبه بالحاسوب .. وذلك لكثرة ما يتلقّاه من معلوماتٍ جامدة ونظريّاتٍ ثابتة لا تمكنّه من الغوص في بحور خياله الشّاسعة وسبر أغوارها العميقة واستنهاض قواها الخفيّة ، و لا تمكّنه أيضاً من التفكير بين اللّحظة والأخرى بماذا سوف يحدث هنا؟.. أو ما الذي دفع أحدهم للقيام بهذا الأمر؟ .. ومَن؟ و كيف؟ و لماذا ؟!..
و بهذا تتجمّد عمليّة التّخيل لديه وبعض مهارات التفكير الإبداعية الأخرى ..

أهمية قراءة الروايات

و تلك المهارات لا نراها – غالباً – إلّا في بين سُطور رواية خياليّة ذات حبكةٍ إبداعية، فهي التي تجنحُ بخيال القارئ وتحلقّ به في سماء هذا الكون الرّحب الواسع، هذا من الجهة الأولى ..وأمّا من الجهة الأخرى .. فنرى هناك من يقتصر على قراءة الرّوايات الخيالية، و التي هي خيّاليةٌ فكرةً وسرداً وحواراً .. فيعيش في خيال الكاتب أو عالمه التصويري .. فهذا الذي يتلوّى حزناً على رحيل البطل الأسطوري .. وتلك التي تتمزّق شجناً على روح بطلها المعَذّب .. و لربّما تقيم الحداد عليها أيضاً!

وهكذا .. حتى ينسى القارئ أو القارئةُ قراءة أيّ كتابٍ ثريٍّ جيّدٍ في أي مجال محدّد . و هذا بالطبع – أقصد قراءة الرّوايات دون سواها – ربّما يأخذه إلى عالمٍ جديد آخر وينمّي بعض مهاراته اللغويّة والفكريّة ولكن .. لن يعودَ عليه بالفائدة القصوى (من حيث الفائدة طبعاً)، وأمّا بالنسبة لمن يرغب بقطفِ ثمار الفائدة الحقيقية من شجرة القراءة المثمرة؛ فليس له إلّا حلّ واحد – على الأغلب – وهو الذي سوف يُنهي الجدل القائم بين أنصار الكتاب وأنصار الرّواية تماماً .. وهو على النّحو التّالي:

يجب أن يكون هناك موازنة بين قراءة الكتب والروايات

هناك اختراع يُسمّى ﺑــِ ” الميزان ” و كما نعلم بأنّه أساسٌ للعدل و التساوي بين أيّ وزنٍ و آخر، و كذلك القراءةُ أيضاً .. فإنّه لن تتساوى كفّتا الميزان إلّا عندما نوازن ما بين قراءة الكتب وقراءة الروايات، وبذلك لا نُهمل واحدةً على حساب الأخرى، وبذلك أيضاً نسمح لأنفسنا بأن نعيشَ في عالمين حقيقيّين ومختلفَين في عالمٍ واحدٍ. ببساطةٍ .. هذه هي الطّريقة المثلى والمثمرة للحصول على الفائدة القصوى من عمليّة القراءة.

بقلم: عدي النابلسي

 

أضف تعليقك هنا