منذ بداية النهضة (اليقظة كما يسمها بعض الباحثين لأنها لم تصل إلى حد النهضة الاوروبية ) العربية في الشرق و الجدال قائم بين الحداثة و التراث ، و هذا صراع نتاج عن الصدمة الحضارية التي تعرض له العرب خلال حملة نابليون على مصر في صيف عام 1798 م ، حيث اندهش العرب من التطور الرهيب الذي كان لدى الاوروبيين ، و من هنا بدأ سؤال النهوض الحضاري، لماذا تقدم الغرب و تأخر المسلمون؟
في منتصف القرن 19 وبداية العشرين بدأ يطرح سؤال من سيخرج العرب و المسلمون من الركوض و الجمود الذي يعيشون فيه منذ العصر المملوكي لذى فئات النخبة ( علماء ، مثقفون ، سياسيون …) ، فا منهم من نادى بالانطلاق نحو الحداثة و القطيعة مع التراث العربي الاسلامي الذي هو في نظرهم سبب تأخر العرب والمسلمون (دعاة العلمانية : الليبراليين و القومين ) ، ومنهم من قال بالمزج بين تراث و الحداثة و تركيب بينهما للخروج بتوليفة تخدم العالم العربي و الاسلامي ( جزء من الاصلاحيين : جمال الدين الافغاني ، محمد عبده ، و رشيد رضا …) ، و البعض الاخر جاء بفكرة مفادها العودة الى تراث سلف صالح و القطيعة مع كل ما جاء به الغرب و الانغلاق على الذات لأن هذا الغرب حسب فهمهم ، كافر ( دار الحرب ) لا يجوز الأخذ منه و تعامل معه وأن هذه العلوم التي جاء بها زندقة و كفر.
في ظل هذه الأطروحات و غيرها جاء مفكرون عرب و مسلمون حاولوا أن يقدموا اجابات على اسئلة عصر النهضة أو اليقظة الفكرية في المشرق العربي ، ومن بين هؤلاء المفكرين المسلمون على سبيل المثال لا الحصر كل من :
ينادي بالقطيعة الابستومولوجيا مع التراث جزء منها جغرافي مع الشرق ( تراث الغزالي و تياره) و الانتقال نحو الغرب الاسلامي المسلم ( تراث ابن رشد وتياره ) ، و يدعوا الجابري الى ” ثورة علمية ” كما هو عند با شلار و طوماس كون ( رواد البنيوية أو الابستومولوجيا التركيبية) .
أيضا أركون ينادي بالقطيعة الابستومولوجيا مع التراث لكنه يعطي لهذه القطيعة مفهوم جديد عكس الجابري و العروي ، فالقطيعة عنده تعيش على ايقاع “ثورة منهاجية ” جديدة التي تمتد إلى مختلف الحقول في اللغة و التاريخ والاجتماع و النفس ، و يرى أركون أن التراث بما في ذلك القران الكريم مجرد مجازات و خيالات لا تصلح لأن تكون قانونا بشريا كما هو الحال مع الأناجيل و التوراة.
هو الاخر ينادي بالقطيعة الابستومولوجيا مع التراث لكنه يختلف مع طرحين سابقين، فهو يقول أنه علينا القطيعة الكلية مع التراث و توجه نحو الحداثة و الأخد من الغرب كل العلوم و التقنيات ، و هو بهذا الطرح فالقطيعة تأخد معنى ” الطفرة التاريخية ” بمعنى تبنيه مايسمى بالمادية التاريخية ( تاريخانيا).
يمكن القول أن السبيل الوحيد والأوحد لخروج الشعوب العربية والإسلامية من هذا الانحطاط و الركوض الذي نعيشه في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية و السياسية و المعرفية هو الجمع بين النقيضين ” التراث و الحداثة ” ، الأخذ من التراث ما ينفعنا و يؤثر في حاضرنا و مستقبلنا و القطيعة مع كل اشكال الفهم الخاطئ لتراثنا العربي و الاسلامي ، الغريب في الأمر أن هناك بعض النوازل الفقهية او الفتوى التي كانت في عصر من العصور و التي كانت تخص واقع اجتماعي و اقتصادي معين تطبق إلا الان و مازلت صالحة لكل زمن و مكان حسب فهم بعض رجال الدين… ومن جهة اخر علينا الأخذ من الحداثة الغربية كل ما يتلاءم مع ثقافتنا العربية و الاسلامية المحافظة من علوم ومعارف و تقنيات تجعلنا ننطلق من براثين التخلف الى رحابة التقدم و الحداثة و من الماضوية المظلمة الى المستقبل المضيء و هنا أختم بشعار النهضة اليابانية ” تقنية غربية و لكن بروح يابانية ” و أنا اقول ” تقنية غربية بروح اسلامية ” .
فيديو مقال القطيعة مع التراث و الانطلاق نحو الحداثة..
بقلم: رسل المعموري جبريل عليه السلام هو أقرب ملائكة الله إليه، وصديق النبي صل الله… اقرأ المزيد
أيها القارئ الكريم ظللنا لعقود طويلة ومنا من لا يزال يؤمن أو متأثر بثقافة المنظرة… اقرأ المزيد
بقلم: رسل المعموري ""وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا… اقرأ المزيد
ما هي صفات الابن المراهق؟ لسن المراهقة بدايةً بالتمهيد وهو عمر ما قبل سن المراهقة… اقرأ المزيد
أنا فخورة بأنني أمازيغية مغربية، فاللغة الأمازيغية تحمل في طياتها عمق الإحساس وجمالية الطبيعة والثقافة… اقرأ المزيد
لطالما كان الوقوفُ على قدمين منتصبتَين، أو ربّما على قدمٍ واحدة، أو ربما النهوض بلا… اقرأ المزيد