أمير الريف

الأمير محمد عبد الكريم الخطابي

هو أسطورة لا يعرفها الكثيرون ، أول من ابتكر حرب العصابات عبر التاريخ ، استطاع هزيمة جيش كامل مكون من ثلاثة وستون ألف جندي بثلاثة ألاف مقاتل فقط ، أنشأ دولة استمرت لخمس سنوات كانت من أعدل الدول في ذلك الوقت ، أرسل البعثات العلمية وعلم الناس الدين الصحيح .

هو الأمير محمد عبد الكريم الخطابي ، ولد في أجدير بالمغرب في قبيلة (بني ورياغل) من قبائل الأمازيغ عام 1301هجريا 1883ميلاديا، سماه والده (عبد الكريم الخطابي) محمدا تيمنا بإسم الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، كانت أسرته ذات مكانة قيادية و سياسية وعلمية كبيرة في الريف الغربي الأوسط في ذلك الوقت.

حفظ القراّن في صغره وتعلم العلوم الدينية قبل أن يذهب إلي للدراسة في مدرسة العطارين في فاس ثم إلى مليله التي نال فيها شهادة البكالوريا الإسبانية ثم الى  جامعة القرويين  بفاس وأخيرا درس القانون لمدة ثلاث سنوات في مدينة شملنقه الإسبانية .

بعد تخرجه اشتغل بالتدريس ثم الترجمه حيث كان يتقن العربية والإسبانية والأمازيغية ثم كصحفي في صحيفة تيليغراماديل ريف الناطقة بالإسبانية وخصص له عمودا بالعربية ، وأخيرا وعلى غرار أبيه تبوأ مكانة رفيعة بالقضاء في مدينة مليله .

حتى ذلك الوقت كان محمد عبدالكريم مؤمنا بالتعايش السلمي مع المستعمر طالما أنه ليس لديهم القوه الكافية لطرده حتى يقال أنه طالب بالجنسية الإسبانية مرتين ولكن لم يوافق له عليها.

فترة سجنه في اسبانيا

إلى أن تم سجنه من قبل السلطات الإسبانية بتهمة التخابر مع المخابرات الألمانية وخلال فترة سجنه حاول الهروب عدة مرات حتى أنه كسرت إحدى رجليه في مره من المرات ، حتى أفرج عنه بعد أن تم إحدى عشر شهرا في السجن ، في تلك الفترة شعر محمد عبد الكريم بمدى غطرسة  الإحتلال وإضطهاده فبدأ بتكوين علاقات مع المعارضين للإحتلال فى مناطق الإحتلال الإسباني والفرنسي .

بعد الحرب العالمية الأولى  كانت بلاد المغرب تمر بظروف صعبة حيث أدركت الدول الإستعمارية مدى أهمية المغرب الإستراتيجية فعقدت مؤتمر الجزيرة الخضراء واتفقوا على تقسيم المغرب بين كل من إسبانيا وفرنسا وألمانيا وتفتيت الوجود الإسلامي بها الذي كان دائما ما يشكل تهديدا لهم .

لكن شيوخ القبائل إعترضوا وبسبب كثرة الإعتقالات والمضايقات من السلطات الإسبانية بدأت شيوخ القبائل وعلى رأسهم عبد الكريم الخطابي (الأب )الذي قام بمراسلة السلطان العثماني  بالتعبئة وجمع المقاتلين واستطاع جمع  مائتي مقاتل للمقاومة وذات مره في أثناء حصارهم  لإحدى نقاط الجيش الإسباني تم تسميمه وتوفي.

طريقة محمد عبد الكريم الخطابي في القتال

بعدها قام محمد عبد الكريم بجمع ما يقارب ثلاثة ألاف مقاتل واستطاع إبتكار فنا جديدا من فنون القتال لأول مره في التاريخ وهى طريقة في القتال تقوم على المباغتة والكر والفر ،  هو ما يسمى الاّن بحرب العصابات والذي اقتبسه منه( تشي جيفارا) للمقاومة أثناء الثوره فى كوبا و كذلك الزعيم الفيتنامى (هوتشي منه ) أثناء حربه ضد الإحتلال الأمريكي وإلى الآن تستخدمه المقاومة في فلسطين بعد أن قاموا بتطويره ، وكذلك ابتكر طريقة حفر الخنادق حتى الوصول إلى مقرات العدو ومباغتتها .

بتلك الطرق استطاع تكبيد الإسبان خسائر فادحة  لم يستطيعوا تحملها فقررت السلطات الإسبانية إرسال جيش مكون من ثلاثة وستين ألف جندي على رأسه الجنرال سيلفيستري المعروف بجبروته وشدتة مجهز بالأسلحه والعتاد للقضاء على الخطابي ورجاله الذي كان يملك أسلحة وبنادق قديمة ، و التقى الجيشان أنوال الشهيرة واستطاع محمد عبد الكريم الإنتصار الساحق بثلاثة الاّف مقاتل فقط حيث قتل ثمانية عشر ألفا وأسر الاّلاف حتى قيل أنه عاد من هذا الجيش إلى إسبانيا ستة ألاّف فقط ،  حتى أن الأسبان أطلقوا على هذه المعركة (كارثة أنوال ).

تأسيسه لجمهورية الريف

قام محمد عبد الكريم بتأسيس جمهورية الريف رسميا وعاصمتها أجدير وكان عدد سكانها يقارب 18.350 نسمة ، وفي 1 فبراير 1923 م تم تشكيل حكومتها الرسمية برئاسة محمد عبد الكريم  .

استمر قيام تلك الدوله لخمس سنوات اهتم فيها بالعلم فأرسل البعثات العلمية وعلم الناس تعاليم الدين الصحيح ونشر العدل ووحد القبائل المتناحرة تحت راية الإسلام .

ولكن لم يستمر ذلك كثيرا فقد اجتمعت الدول الإستعمارية مرة أخرى لمحاربة الأمير الخطابي وحل دولته ، فأرسلت 500.000 جندى  وقامت الطائرات الأسبانية بإلقاء الغازات السامة وضرب المدنيين بالأسلحة الكيماوية لأول مره فقتلت كل ما هو حي وأحرقت الأخضر واليابس ومازالت آثار ذلك تظهر على الأطفال والمواليد حتى الآن ، في نفس الوقت حاصر الأسطول الإنجليزى السواحل المغربية للضغط على محمد عبد الكريم للإستسلام .

وتم حل جمهورية الريف في 27 مايو 1926م .

بعد حرب شرسة ضربوا فيها المدنيين بكافة الاسلحة المحرمة والأسلحة الكيماوية  وغاز الخردل وتضييق الخناق على المدنيين  .

اتفقوا على  التفاوض ووقف القتال وعرضوا على محمد عبد الكريم  سلامة المدنيين وإتاحة سبل العيش لهم وإعطاءه  كافة  الضمانات الموثقة لذلك .

إلا أنهم سرعان ما نقضوا عهدهم وقاموا بخطف الأمير ونفية إلى جزيره فى المحيط الهندى ولم يسمع أحد شيئا عنه بعد ذلك .

وفي يوم 22 من شهر مايو عام 1947م وعلى متن إحدى السفن الأسترالية تدعى كاتومبا والتي رست في ميناء عدن للتزود بالوقود  قابله رجل يدعى السيد حسين الأدهل وكان ما زالت  تبدوا من قسمات وجهه مظاهر العزة والسمو وعلى يديه ورجليه آثار سلاسل واغلال كأنما حفرت في جسده حفرا فلما تأكد من هويته أرسل برقية  سرية إلى القاهرة أن الأمير الخطابي غادر ميناء عدن على متن الباخرة كاتومبا فلما وصل الخبر للملك فاروق دبر خطه لإنقاذه وبالفعل نجح في ذلك.

عاش الأمير الخطابي في القاهرة ما تبقى من حياته وكان على اتصال بدعاة مصر وفضلاءها.

وفاة محمد عبد الكريم الخطابي

توفى محمد عبد الكريم الخطابي في 6 فبراير 1963م ودفن في مقابر الشهداء بالقاهرة .

ومن اقواله

• الحرية حق مشاع لبني الإنسان وغاصبها مجرم .

• نحن في عصر يضيع فيه الحق مالم تسنده قوة .

• لا أدرى بأي منطق يستنكرون استعباد الفرد ويستسيغون استعباد الشعوب.

• السلاح الحقيقي لا يُستورد من هنا أو هناك، ولكن من هنا ” يشير إلى العقل ” ومن هنا “يشير إلى القلب “.

• انتصار الاستعمار ولو في أقصى الأرض هزيمة لنا، وانتصار الحرية في أي مكان هو انتصار لنا.

• الاستعمار وهم وخيال يتلاشى أمام عزيمة الرجال، لا أشباه الرجال.

• الاستعمار ملة واحدة.

• لقد قتلنا الاستعمار في الريف وما على الشعوب إلا دفنه، وإذا لم تستطع فلا عزاء لها.

• من لم يحمل السلاح ليدافع به عن نفسه، حمله ليدافع به عن غيره.

• ليس هناك نجاح أو فشل، انتصار أو هزيمة، بل شيء اسمه الواجب، وأنا قمت به قدر استطاعتي.

• إذا كانت لنا غاية في هذه الدنيا فهي أن يعيش كافة البشر، مهما كانت عقائدهم وأديانهم وأجناسهم، في سلام وأخوة .

فيديو مقال أمير الريف

أضف تعليقك هنا