رحلة مع بول بولز تسافر بنا عبر كتاباته ،أصدقاؤه وحياته، أثناء تواجده في مدينة طنجة

يعتبر فريدريك بول بولز، واحد من الروائيين الأمريكيين الكبار الدين طبعوا تاريخ مدينة طنجة الادبي والثقافي، بولز لم يكن فقط روائيا فحسب بل ملحنا ومؤلفا موسيقيا. صاحب “السماء الواقية”و”بيت العنكبوت”، و”الدغل الأحمر”،وغيرها من الكتب العظيمة، يرتبط ارتباطا وثيقا بالمغرب، وخاصة طنجة، عبر البحر الأبيض المتوسط من إسبانيا، حيث عاش لعدة عقود. بولزاعترف بقيمة طنجة كجسر بين الشرق والغرب ، كما انه إرتبط بالعديد من الحركات الأدبية المهمة في القرن العشرين، وكتاب باريس في العشرينات، وحركة البيتس في الخمسينيات، والصحافة الصغيرة تحت الأرض في السبعينيات.

الأعمال الأولى لبولز

تظل أعمال بولز الاولى هي الأكثر أهمية. وتشمل “السماء الواقية” (1949) و”دعها تنزل” (1952) لانها كانت مفعمة بالخبرة ومحاكاة جميع الظواهر التي تطرق اليها في كتاباته عن تجربة حقيقية مثل “حلقة بعيدة” و”صفحات من النقطة الباردة”. بعد دلك جاءت أعمال لاتقل اهمية من الاولى مثل “زمن الصداقة” و”هنا للتعلم” و”في الغرفة الحمراء.

تم تحويل “The Sheltering Sky”” السماء الواقية ” إلى فيلم لبرناردو بيرتولوتشي عام (1989) مع ديبرا وينجر وجون مالكوفيتش. أحد أفلام ثلاثية برتولوتشي الشرقية، إلى جانب “الإمبراطور الأخير” (1987) و”بوذا الصغير” (1994)، يدور حول زوجين أمريكيين يمران بنوع من الرحلة الروحية في الصحراء الكبرى.

طنجة المدينة التي منحت لبولز الاستقرار النفسي من تنقلاته المتعبة

ولد بولز ونشأ في جامايكا، كوينز، نيويورك عام 1910.لم يعرف استقرارا في حياته، تنقل كثيرا ،حيث عاش بعضا من مراحل حياته الاولى في أمريكا الوسطى والهند وباريس وبنغلاديش واسطنبول.كما قضى فثرة في المكسيك لمدة أربع سنوات تقريبًا قبل الحرب العالمية الثانية وقضى بعض الوقت بجزيرة توجد في سريلانكا. قال ذات مرة: “كانت لدي رغبة كبيرة في الاستمرار، هذا هو الشيء الرئيسي الاستمرار والاستمرار. لم أسأل عما سيحدث. لم أكن أعتقد أن أي شيء سيحدث. اعتقدت فقط أنني سأفعل ذلك. إذا رأيت المزيد والمزيد، سأشعر بالمزيد والمزيد، وفي النهاية، بالطبع، يجب أن أعود”ويبقى المغرب المكان الوحيد الدي قضى فيه فترة اطول مقارنة بباقي الاماكن الاخرى.

وصل بولز إلى طنجة عام 1931 برفقة الملحن آرون كوبلاند بناءً على نصيحة الكاتب جيرتود شتاين. اول إنطباعات بولز عن مدينة طنجة عبر عن حالة صديقه كوبلاند الدي قال عنه انه لم تعجبه كثيرًا لأن قرع الطبول الذي سمعه ليلاً منعه من النوم. وقال بولز: “لقد جاء العديد من أصدقائي الى هنا وليس فقط هم، بل أشخاص كثر اتوا إلى المغرب وانتحروا أو أصيبوا بالجنون. إنه المكان الذي يزعزع استقرار الناس”.

اول ما كتب حول انطباعاته الاولى عن طنجة، كتب بولز أنها “مدينة الأحلام… غنية بمشاهد الأحلام النموذجية: شوارع مغطاة مثل الممرات مع أبواب تفتح على الغرف من كل جانب، وشرفات مخفية مرتفعة فوق البحر، وشوارع تتكون من درجات فقط، طرق مسدودة مظلمة، ومربعات صغيرة مبنية على تضاريس منحدرة بحيث تبدو وكأنها مجموعات باليه مصممة بمنظور زائف، مع أزقة تؤدي إلى عدة اتجاهات؛ بالإضافة إلى معدات الأحلام الكلاسيكية من الأنفاق والأسوار والآثار والأبراج المحصنة والمنحدرات.

اكتشاف بولز لطنجة، واكتشف معها حبه الكبير للمغرب

أحب بولز كثيرا المغرب لأنه جعله “يشعر بأنه مجهول” ومثل “شفرة، فارغة، جاسوس أرسلته قوى الموت إلى الحياة”. كتب ذات مرة لهنري ميلر أنه يحب طنجة لأنه يستطيع أن يعيش الحياة بالسرعة التي تناسبه، “يمكن للمرء أن يحدد إيقاع حياته بالسرعة التي تبدو مناسبة للعيش. في الولايات المتحدة، التذكير المستمر بأن الوقت يمر وأنه يجب على المرء أن يكون سريعًا، يزيل كل طعم العيش في خضم الحياة.

سحر طنجة يعيد بولز إلى أوج شهرته الأدبية

نشر بول بولز قصائده في المجلات الكبرى عندما كان في السابعة عشرة من عمره، ولكن لم يجذب جمهورًا كبيرًا إلا بعد نشر روايته “السماء الواقية/ The Sheltering Sky في عام 1949. وقد أشاد النقاد بالرواية وظلت على قائمة نيويورك تايمز لأكثر الكتب مبيعا لمدة ثلاثة أشهر. ظل بولز يتمتع بشعبية كبيرة حتى الستينيات عندما ركز على ترجمة المؤلفين المغاربة. في السبعينيات والثمانينيات أعيد نشر رواياته وعادت شهرته إلى الحياة عندما قام برناردو برتولوتشي بنسخته السينمائية من رواية “السماء الواقية”.

بولز الكاتب المتعدد التخصصات 

كان بولز أيضًا ملحنًا وعالمًا في الموسيقى العرقية .كتب عن استكشافاته الموسيقية كونه اعجب بالكثير من الأصوات العالية والمميزة التي تطبع هده المنطقة من الارض و خصوصياتها الغنية و مفاتيحها المختلفة.

في الخمسينيات، حصل بول بولز على منح من مكتبة الكونجرس ومؤسسة روكفلر الأمريكية لتسجيل أكبر عدد ممكن من أنواع الموسيقى المغربية. بعض التسجيلات متاحة على ملصق “Folkways “التابع لمكتبة الكونغرس. كتب بولز وصفًا ممتعًا لتجاربه في جبال الريف وقام بتسجيلات في “رؤوسهم خضراء”. “أيديهم زرقاء”. ومن المثير للاهتمام بشكل خاص وصفه للمشاكل التي واجهها مع السلطات الفرنسية التي كانت قلقة من أن يفضح عمله “الجانب البدائي” للثقافة المغربية ويجعلها تبدو سيئة.

فيديو مقال رحلة مع بول بولز تسافر بنا عبر كتاباته ،أصدقاؤه وحياته، أثناء تواجده في مدينة طنجة

أضف تعليقك هنا