السعادة ليست في نبذ الدين ظِهريًّا ؟!

السياسة والدين

كتب محمد رشيد رضا تحت عنوان ” محاورة في دعوى ضرر الدين و الجامعة الإسلامية “: ضمنا مجلس مع مكاتبي أشهر الجرائد في الديار المصرية فذكر بعضهم (المنار) وأثنوا عليه بما فضلوه به على جميع الجرائد العربية ، فقال أحدهم : إني ما رأيت المنار إلا قليلاً ، ولقد ترائى لي منه أنه يدعو إلى الجامعة الإسلامية ، كما هو لسان علماء الإسلام الذين يتكلمون في السياسة ، ولا ريب في أن هذا الرأي خطأ ؛ لأنه يدعو إلى التفرقة بين المسلم والقبطي في مصر مثلاً ، ومصلحتهما واحدة ، والاتفاق بين المصري والهندي المسلمَيْنِ ، ومصلحة بلادهما مختلفة، ومآل ذلك إلى خراب البلدين ، وما أضرّ بالشرق وأوقع به الدمار إلا الدين.

مهمة الجرائد الشرقية الحرة

فينبغي للجرائد الشرقية الحرة التي تريد أن تخدم الشرق خدمة نافعة أن تبين للنشئ الجديد فيه أنه لا يمكن النجاح والترقي إلا بنبذ الدين ظِهريًّا . فقلت له : أنا لا أنكر أن اختلاف الدين أضر بالشرق ضرراً بينًا ، ولكن هذا الضرر لم يأتِ من طبيعة الدين ، وإنما جاء من عدم فهم حقيقته ، ومن عوارض أخرى ، كجهالة الرؤساء ودسائس الطامعين ، الذين جعلوا الدين عاملاً من عوامل السياسة ، وإنني أعتقد أن لا شيء يؤلف بين القلوب كالدين ، إذا أُخذت تعاليمه وآدابه على طهارتها كما جاءت في الكتب السماوية.

مقاصد ( المنار )

ومن مقاصد ( المنار ) بيان ذلك والحث عليه ؛ ولذلك قلت في مقدمة العدد الأول منه التي بينت فيها مشرب الجريدة ما نصه : ( وتحاول إقناع أرباب النِّحَل المتباينة والمذاهب المختلفة أن الله تعالى شرع الدين للتحابّ والتوادّ ، والبر والإحسان ، وإن المعارضة والمناهضة والمناصبة والمواثبة تفضي إلى خراب الأوطان ، وتقضي على هدى الأديان ) . ومن المقاصد أيضًا : بيان أن السعادة الدنيوية تتوقف بعد التهذيب على أعمال تبنى على علوم وفنون لا بد منها ، ولا غناء عنها ، وأعطيته العدد الخامس عشر الذي ذكر فيه أن صحة العقائد لا تكفي لهذه السعادة ، إذ تنكَّبَتْ الأعمال النافعة والفنون التي تمدها وترقيها .

فيديو مقال السعادة ليست في نبذ الدين ظِهريًّا ؟!

أضف تعليقك هنا

هيثم صوان

الكاتب هيثم صوان