مركوب العصر

أهمية السيارة في حياتنا

لم تحظى عند العرب بمثل ما حظيت به الخيل من المديح و الدلال على الرغم من أنها أسرع انتقالاً و أشد احتمالاً و أكثر رفاهة و في ذلك البون شاسع و لا يزال في اتساع مستمر، يكفي أنها تضيء طريقك ليلاً و تسير بلا ريب في طرقات قاتمة بنفس كفاءتها في وضح النهار الذي تحتمل فيه قيظاً و لفحاً بنفس كم الوقود بالليل، فليس للأجواء على عطشها أثر.

و في المدينة تصبح السيارة بالنسبة للبعض المنزل المصغر أو غرفة الجلوس الخاصة! فكثير منا في هذا العصر يقضي جزءاً غير يسير من يومه فيها. كم من مرة أجرينا مكالمات و خضنا نقاشات و اتخذنا قرارات حاسمة. و كم كذلك تكونت صداقات مع رفقاء طريق يومي أو رحلة طويلة ذات إجازة صيف. نحتفظ مع سياراتنا بالكثير من الذكريات، بل لكل منها حنين خاص و عبق مميز.

سيارتك الأولى و سيارة مابعد الزواج و أحيانا سيارة العمل و سيارة صديق مقرب. واحدة كانت دلالة على تحسن الحال و التقدم و أخرى ارتبطت بظروف مهمة أو تغير مهم في حياتك.

ارتباط ذكريات الانسان بسيارته

علينا تقدير قيمة هذه النعمة الكبيرة المتوفرة للكثير منا في حين يصعب ذلك في دول أخرى إلا على الميسورين، و في بلادنا بالذات بسبب المساحات شاسعة و المدن الرئيسية للمناطق في كل اتجاه. تنشأ تبعاً لذلك المكوث الطويل في التنقل بينك و بين سيارتك الجماد ماتعتقده ألفةً لكنها في الحقيقة سماتك الشخصية انطبعت عليها قتطبعت بك ابتداءاً من الأثر في  مكان جلوسك حتى بصمات أصابعك على أزرار التحكم و أشياء تحتفظ بها فيها درج أو مخبأ و لا يعلم عنها أحد غيركما.

و من توصيف  الألفة كذلك القول بأنك أحيانا قد تصل وجهتك أو تريد التحرك لها لكنك تفضل المكوث قليلاً لتستجمع ما شتته منك الطريق أو لتستقوي على ما قد يشتته لاحقاً فتنطلق راكباً أو عنها راجلاً. و عندما نقول غرفة جلوسك الخاصة، فهي فعلاً مأوى خلوتك مع ذاتك حين تريد الانعزال عن العالم و مشاكله، و هي من  تحملك حين تريد أن تهيم لتنسى أمراً حصل أو لتتفكر فيه، فتطاوعك على ماتحب و لا تحتاج ترويضاً أو تدريباً، و تحافظ على حاجتك فيها بسبب الأمان و قدرتها على الإنذار، و تحفظ سرك و لا تخبر به أحداً، ألم أقل أنها لم تحظى بما تستحق؟!

فيديو مقال مركوب العصر

أضف تعليقك هنا