الأقسام الحياةتعليم

كيف تتشكل الذكريات؟

الخلايا العصبية والذاكرة

ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺪّﻣﺎﻍ منشغلًا ﺑﺎﻷﻧﺸﻄﺔ. وﻓﻌﻠﻴًّﺎ، ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕٌ ﻋﺪﻳﺪﺓٌ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴّﺔ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﺔ ﻋﻦ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﺘّﺼﻮّﺭﺍﺕ ﺍﻟّﺘﻲ ﺗﻀﻌﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﺃﻭ ﺧﺎﺭﺝ ﺣﻴّﺰ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻐﻴّﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ. ﺗﺘﻜﻮّﻥ ﺍﻟﺬّﻛﺮﻳﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺘّﻐﻴُّﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮّﺓ ﻓﻲ ﻗﻮّﺓ ﺍﻻﺗّﺼﺎﻻﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴّﺔ. ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺑﻂ ﺃﻭ “المشابك ﺍلعصبيّة” ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻗﻮﻯ ﺃﻭ ﺃﺿﻌﻒ، ﺍﻋﺘﻤﺎﺩًﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻰ ﻭﻛﻴﻒ ﺗﻢّ ﺗﻔﻌﻴﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ.

ﻟﺬﻟﻚ، ﻋﻨﺪﻣﺎ يخطر ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻟﻨﺎ شيءٌ ما، ﻛﺎﻟﻘﻬﻮﺓ مثلًا، ﻳﺒﺪﺃ ﺩﻣﺎﻏﻨﺎ ﺑﺘﻌﺰﻳﺰ ﺍﻻﺗّﺼﺎﻻﺕ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﻮﻝ ﻣﺴﺎﺭﺍﺕٍ ﻋﺼﺒﻴّﺔٍ ﻣﻌﻴّﻨﺔٍ، ﻭﻧﺒﺪﺃ ﺑﺮﺑﻂ ﺍلأفكار ﺑﻔﻨﺠﺎﻥ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ، وﺣﺒﻮﺏ ﺍﻟﺒﻦّ، ﻭﻣﻮﻋﺪٍ ﻟﺸﺮﺏ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ. ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻻﺗّﺼﺎﻝ ﺑﻴﻦ خليّتين عصبيّتين ﺃﻗﻮﻯ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﺪﺃ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴّﺔ ‏(ﺃ) ﺑﺘﻨﺸﻴﻂ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴّﺔ ‏(ﺏ‏) ﺑﺸﻜﻞٍ ﻣﺴﺘﻤﺮٍّ، ﻣﻤّﺎ ﻳﺤﻔّﺰ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺠُﻬﺪ (كمون) ﺍﻟﻔﻌﻞ Action Potential، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﺗّﺼﺎﻝ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﺢ ﺃﺿﻌﻒ ﺇﺫﺍ ﻓﺸﻠﺖ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴّﺔ ‏(ﺃ‏) بتحفيز ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴّﺔ ‏(ﺏ) باستمرار.

اللدونة المشبكيّة وﺍﻟﺬّﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴّﺔ

ﺗُﺴﻤَّﻰ ﻫﺎتان ﺍلعمليّتان بكمون الفعل طويل الأمد Long-term Action Potenital، وLong-term Depression. وﻋﻠﻤﻴًّﺎ، ﻓﺈﻥّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘّﻐﻴّﺮﺍﺕ -ﺍﻟﻤُﺴﻤّﺎﺓ باللدونة المشبكيّة Synaptic Plasticity- ﻫﻲ ﺍﻟﺬّﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴّﺔ. ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺮّﺍﻫﻦ، ﺗُﻌﺘﺒَﺮ اللّدونة الخلويّة ﺍﻟﻤﺮﺷَّﺢ ﺍﻟﺮّﺋﻴﺴﻲّ ﻹﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻨّﻈﺮﻳّﺔ ﺍﻟﺨﻠﻮﻳّﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺬّﺍﻛﺮﺓ. ﻭﻟﻜﻦّ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻟﻢ ﻳﻔﻬﻤﻮﺍ ﺣﺘّﻰ ﺍﻵﻥ ﻛﻴﻒ -ﺃﻭ ﺣﺘّﻰ ما إذا كانت- ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘّﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴّﺔ ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺑﻜﺔ ﺗُﺘَﺮﺟَﻢ ﺇﻟﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮﺍﺕٍ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺸّﺒﻜﺔ ﺍﻟّﺘﻲ ﺗﻜﻤﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺬاكرة.

ﺍﻟﺬّﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻳﺎ ﻋﺼﺒﻴّﺔٍ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔٍ

ﺍﻟﺬّﻛﺮﻳﺎﺕ ﺗﺄﺗﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻢّ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕٍ ﻣﺤﺪّﺩﺓٍ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴّﺔ، وإنّ ﺃﻱّ ﺗﺤﻔﻴﺰٍ ﻓﻲ ﺍﻟﺪّﻣﺎﻍ ﻳُﻨﺘِﺞ ﻧﻤﻄًﺎ ﻣﻌﻴّﻨًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨّﺸﺎﻁ ﺍﻟﻌﺼﺒﻲّ له القدرة على ﺗﺤﻔﻴﺰ أﻭ ﺗﺜﺒﻴﻂ ﻋﻤﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ. ﻣﺜﻠًﺎ، ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﺗﻔﻜّﺮ ﻓﻲ ﻗﻄّﺘﻚ، ﺃﻭ ﻣﻨﺰﻟﻚ، ﺃﻭ ﻛﻌﻜﺔ ﻋﻴﺪ ﻣﻴﻼﺩﻙ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ، ﻓﺈﻥّ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕٍ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴّﺔ ﻳﺘﻢُّ ﺗﻔﻌﻴﻠُﻬﺎ.

مقالات متعلقة بالموضوع

ﺍﻟﻨّﻈﺮﻳّﺔ ﻫﻨﺎ ﻫﻲ ﺃﻥّ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺃﻭ إضعاف ﻧﻘﺎﻁ ﺍﻻﺷﺘﺒﺎﻙ ﺍﻟﻌﺼﺒﻲّ يزيد أو ينقص من احتمال حدوث ﺃﻧﻤﺎطٍ ﻣﻌﻴﻨﺔٍ ﻣﻦ ﻧﺸﺎﻁ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴّﺔ. ﻛﻄﻔﻞٍ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ، ﺇﺫﺍ ﺳﻤﻌﺖَ ﻛﻠﻤﺔ “ﻣﻨﺰﻝ” ﻓﺴﻮﻑ ﺗﺘﺨﻴّﻞ ﺭﺳﻤًﺎ ﻟﻤﻨﺰﻝ. ﻟﻜﻦ ﻛﺒﺎﻟﻎٍ، ﻭﻋﻨﺪ ﺳﻤﺎﻉ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ، ﺳﻮﻑ ﺗﺘﺨﻴّﻞ ﺻﻮﺭﺓً ﻟﻤﻨﺰﻟﻚ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔٌ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔٌ ﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻤُﺪﺧَﻼﺕ.

ﻭﻳﺮﺟﻊ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺃﻥّ ﺗﺠﺮﺑﺘﻚ ﻭﺫﻛﺮﻳﺎﺗﻚ ﻗﺪ ﻏﻴّﺮﺕ ﺍﻻﺗّﺼﺎﻻﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴّﺔ، ﻣﻤّﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴّﺔ ﻟﻜﻠﻤﺔ “منزل” ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ تتحدّث -على الأرجح- ﺇﻟﻰ كلمة “منزل” ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ. ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺁﺧﺮ، ﺇﻥّ ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺫﻛﺮﻯ ﻣﻌﻴّﻨﺔ ﻳﺘﻄﻠّﺐ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔٍ ﻣﺤﺪّﺩﺓٍ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴّﺔ. ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻫﻲ ﺃﻥّ ﻋﻤﻠﻴّﺔ اللّدونة المشبكيّة ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺎلتّغيير ﺍﻟﺴّﺎﺑﻖ ﺫﻛﺮﻩ ﻓﻲ ﻧﺸﺎﻁ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴّﺔ.

فيديو مقال

أضف تعليقك هنا
شارك

Recent Posts

جبريل عليه السلام

بقلم: رسل المعموري جبريل عليه السلام هو أقرب ملائكة الله إليه، وصديق النبي صل  الله… اقرأ المزيد

% واحد منذ

من فضلك كن نفسك فقط

أيها القارئ الكريم ظللنا لعقود طويلة ومنا من لا يزال يؤمن أو متأثر بثقافة المنظرة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

تاريخ الديانة الحنيفية

بقلم: رسل المعموري ""وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا… اقرأ المزيد

% واحد منذ

كيف تحتوي المراهقة؟

ما هي صفات الابن المراهق؟ لسن المراهقة بدايةً بالتمهيد وهو عمر ما قبل سن المراهقة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

بين قمم الأطلس وخضم الريف: شهادة امرأة حرة عن جمال وتنوع المغرب الأمازيغي

أنا فخورة بأنني أمازيغية مغربية، فاللغة الأمازيغية تحمل في طياتها عمق الإحساس وجمالية الطبيعة والثقافة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الدراما السورية..نهوض الفينيق!!

لطالما كان الوقوفُ على قدمين منتصبتَين، أو ربّما على قدمٍ واحدة، أو ربما النهوض بلا… اقرأ المزيد

% واحد منذ