فرق بين رغباتك واحتياجاتك

لماذا تفشل في تحقيق رغباتك المادية؟ لماذا لاتنعم بالإكتفاء والوفرة؟ لماذا لا تتمتع بالحرية المالية “او الثقة المالية”؟ لماذا تظل هناك تحلم وتتنازل عن احلامك واحدا تلو الآخر؟ ولماذا امنياتك للعام الجديد هي ذاتها امنياتك للعام الماضي؟ هل تحب ان تغير واقعك وتتغير تبعا لذلك نتائجك ؟ اليس من الحمق ان تفعل ذات الأشياء وتتوقع إختلافا في النتائج؟, حسنا دعني احدثك هنا عن النقطة الأولى في طريق إستيعابك لواقعك, وهي ذاتها النقطة التي ستفرق بين حاضرك وبداية إشراق مستقبلك وفهم العبرة من ماضيك.

تحديد أسباب الفشل

ان الإجابة عن لماذا تفشل قد تكون له عشرات الأسباب ولكوني لا اعرف خياراتك وما تمر به من احداث فلا يمكنني ان احدد بدقة اين تكمن مشكلتك لكني احدثك هنا بشكل عام, عن نقطة بداية يجب ان تجلس مع نفسك وتفهمها وتستوعبها جيدا وتراقب نفسك من خلالها وإلا فلا تتوقع ابدا ان يختلف حال ماضيك عن حال مستقبلك, تلك هي النقطة التي اسميها إدراكك للفرق بين احتياجاتك ورغباتك. ان ما تحتاجه هو مايبقيك على قيد الحياة سليما معافى, ويبقيك خارج إطار مخالفة القانون, وما عدا ذلك يقع في دائرة رغباتك.

كثيرا ما يتساءل الموظفون وحتى المبتدئين في حياتهم العملية اين تذهب النقود؟ اين يذهب المرتب؟ اين تنصرف الاموال دون ان نشعر بها وكانها تتسلل بشكل خفي من بين ايدينا, إن الإجابة على ذلك تكمن في إحصائك الدقيق لما تصرفه وأين تصرفه ومن ثم مقاربة ذلك بتصنيف ما تحتاجه وما ترغب فيه, عادة ما نقدر انفسنا كما تقدرنا امهاتنا وربما يدفعنا الغرور لما هو اكثر, وهذا ما يدفعك احيانا وربما دون ان تشعر لأن تشتري هاتفا شاهدت إعلانه التجاري واعجبك رغم ان الجهاز الهاتفي الذي تحمله لم يكمل شهورا او ربما عاما واحد في حوزتك وما زال يعمل بكل كفاءة لكن انت تنجذب لشراء هذا وشراء ذاك.

 الاحتياج والرغبة

قد تكون في حاجة لسيارة لكن حوجتك للسيارة لا تعني حوجتك لمازاراتي او بنتلي او رولزرويس ,وللإمانة فإن هذا النوع من السيارات ليس معدا لنقلك من مكان إلى آخر –فأي سيارة يمكن ان تؤدي هذا الغرض- لكن هذا النوع من السيارات مصنوعة لكي تقول شيئا عن مالكها , والاعجب ان معظم ملاك هذه السيارات لا يحتاجونها –وهي ليست سيارات حوجة- لكن التصريح بالمكانة هو ما يدفعهم لإمتلاكها وهوذاته  ما يدفعك ويدفع الآخرين دفعا لإقتناء ما تريده وليس ما تحتاجه, والمعضلة تكمن في انك لا يمكن ان تقيس تقدمك إلا إذا اقتنيت ما تريده وليس ماتحتاجه, لكن إيهام نفسك بالتقدم الظاهري هو مايغرقك في نهاية الأمر. والصعوبة تكمن في إدراكك الدقيق لمتى يمكن ان تخطو خطوة نحو ما تريد؟ وماهو مقدار هذه الخطوة بالضبط؟  وماهي تبعاتها على إحتياجاتك الأساسية الحقيقية وليست المتوهمة؟

يقولون إن معظم مشاكل الرجل ناجمة عن عدم قدرته على الجلوس مع نفسه في غرفة متأملا و منفردا ومنعزلا عن الجميع, وهذا صحيح, لأننا ننجرف مع التقليعات والأشياء الحديثة ونسعى لتمميز انفسنا بالحق وبالباطل ونساير المجتمع ونساير من نعاشرهم وهكذا, وكما يقال أيضا اننا نشتري ما لانحتاج لنبهر من لا نعرف, ومن السوء ان نتصور ان تكديس الإشياء هو إستثمار والأسوأ ان يكون الشراء هو عادة وسلوك نربطه براحة نفسية-وهذا ما تقع فيه كثير من النساء-, إذ لا حد لما يمكن ان تقتنيه, ومهما كان دخلك فإن هناك ما يمكن ان تنفق فيه المال بالملايين والمليارات, فهل تسأل نفسك قبل لحظة الشراء هل تحتاج ام تريد هذا او ذاك من المعروض؟

إن لم يكن لديك إدراك كافي لذلك فاعلم انه مهما زاد دخلك لأي سبب لن تصل للثقة المالية ولا للراحة النفسية لأن هناك دوما ما يمكن ان تشتريه ويذهب بكل ما احرزته من اموال, ولا ادعوك للبخل إطلاقا بل واقول بكل صراحة ان تقدمك مربوط بذهابك لما تريد وليس ماتحتاج, لكن ما ادعوك له هو الوعي بخياراتك في كل لحظة والتفريق التام بين رغباتك وحاجاتك والتحديد الدقيق لمقدار واهيمة الرغبة التي تود تحقيقها من ناحية التكلفة والضرورة والتوقيت, وبإضافة قصيرة اقول إجعل بعض رغباتك وكانها هدايا تهديها لنفسك على إنجاز ما وتقدم ما تسعد نفسك فيه برغبة إقتناء محسوبة ومقدرة لا منجرفة بلا قيود ولا مندفعة بلا حساب, فالأخطار تحوم دوما حول رغباتك الجامحة والتبعات تلاحق دوما نزواتك, ان الإنتصار في الدنيا يبدأ بالإنتصار على النفس كما قال الدكتور مصطفى محمود مضيفا “قاوم ماتحب وتحمل ماتكره” وهذا هو جوهر الدنيا في عبارة.

فيديو مقال فرق بين رغباتك واحتياجاتك

أضف تعليقك هنا