لم يكن يتخيل وهو يبدأ يومه أنه سينتهي هذه النهاية الرائعة ، التي تأكد منها عندما أغلقت باب حجرة نومه وهي ترتدي هذا القميص الأصفر الرائع الذي أهدته إليها أختها حيث أنه زاد لجمالها ورونقها بعض الفتنة والدلال ، ورغم إنه ليس من عشاق اللون الأصفر علي الإطلاق ، إلا أنه أحبه في هذه اللحظة وسوف يراجع قراره بإلغاء هذا اللون من ألوان حياته ، وعندما جلست بجواره بهدوء ، وهي تنظر للأرض في خجل أو بمعني أصح تتصنع الخجل ، بدأ يشتم رائعة عطرها الرائع الذي أصابه بوخزة في قلبه ، لما يحمله في ذهنه من ذكريات جميله مع هذا العطر وقبل أن نتحدث عن باقي تفاصيل هذه الليلة ، نراجع أحداث يومه سريعاً .
البداية ، كانت في السادسة صباحاً ، عندما رن جرس التنبيه بالموبايل ، قام مسرعاً ليغسل وجهه بالماء البارد ، وبعد وضع الصابون علي وجهه يكتشف أن المياه قد انقطعت ، لتُذكره أنه يعيش في الدور الثاني عشر ، من مبني تحمل رخصته أصلاً ستة أدوار ، ورغم ذلك لم يثور ، وجفف وجهه بلطف كي لا يحرق الصابون عينيه ، وفتح الثلاجة ليجد أي شيء يأكله لكي يذهب لعمله ، وبعد بحث مضني بالثلاجة ، لم يجد إلا بقايا في علبة جبن أبيض جفت بفضل عامل الزمن ، ورغيف خبز مقطوع منه مثلث صغير وشبه جاف ، شكر الله علي النعمة ،وسخن الرغيف إلا مثلث ، والتهمه بصعوبة مع فتات الجبن ، وهو مليء بالأمل ، لأنه يعلم أن اليوم أول أيام الشهر .
وهذا يعني أنه سوف يحصل علي راتبه الصغير الذي ينتظره بفارغ الصبر منذ منتصف الشهر ، ويعني أيضاً أن زوجته سوف تعود هي وابنه الوحيد من منزل والدتها ، حيث تتواجد شهرياً في أخر أسبوع بالشهر ، وهذا طبعاً لضيق الحال ، وحفظاً لماء الوجه ، وتوفيراً للديون ، ويعني أيضاً أنهم سوف يتناولون علي الغداء وجبة محترمة تعوضهم عن اسبوع الشقاء الأخير .
بعد نزوله من شقته علي السلم طبعاً لعدم وجود أسانسير ، رغم أن العقد الذي وقعه مع المعلم صاحب البرج يحتوي علي بند توفير اسانسير ، ولكن لم يذكر من الذي سوف يدفع قيمته وقيمة تركيبه ، و في الشارع تذكر عدم وجود أي أموال معه ، ولم يفقد أيضاً تفاؤله الصباحي وأقنع نفسه أن المشي رياضة ، مع إن مكان عملة يبعد حوالي سبعة محطات اتوبيس كاملة عن محل سكنه .
وعندما جلس علي مكتبه ، وجد كميات كبيرة من الأوراق والدفاتر ، وبدأ في العمل فوراً ليقوم بإنهاء مصالح الناس وعدم تعطيل أي منها لكي يبارك له الله في رزقه ، ولفت نظره أرقام المستخلصات والفواتير التي بالملايين ، و بدأ يحلم بأنه صاحب أحد هذه الفواتير التي من الممكن أن تحل جميع مشاكله ، ثم يستغفر ربه ، وفور انتهائه يجد مديره القصير يطل عليه من خلف كومة الملفات ويخبط بيديه فوقها ، لينتفض ويقف مسرعاً ، فينهال عليه مديره بعبارات الذم بسبب عدم ترتيب مكتبه مما قد يتسبب في ضياع بعض الأوراق ، وقبل أن يبرر موقفه ، يباغته بيومين جزاء .
كل ما سبق غير مهم ولكن المهم هو أنه علم ان الصراف تأخر بالبنك وأنه لن يحصل علي راتبه اليوم ، وطبعاً نزل الخبر علي مسامعه كالصاعقة ، وأكمل يومه ليعود للبيت سيراً علي الأقدام كما جاء ، وبعد معاناة الصعود لقمة جبل شقته ، يجد زوجته وابنه ، في انتظاره ، فيحتضنهم وهو يحاول التماسك حتى لا تنزل دموعه ، ويفرجها ربه عليه ، فقد باغتته زوجته أن والدتها أعطتها بعض الطعام لأنها تأخرت هناك ولن تتمكن من الطبخ ، يجلس ثلاثتهم علي السفرة لتناول الطعام ، ثم يجلسون أمام التلفاز .
نعود إلي ليلتنا التي ينتظرها كل من أكمل المقال ..
يعني مافيش احساس خالص ؟ …بعد كل اللي قريته !!!! …. طبعاً قالها تصبحي علي خير ونام .
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد