عند عتبة أبواب تلك السجون تنتهي حياة خارج جدرانها، لتبدأ آلالامٌ وقصص وراء قضبانها. بين مظلوم ومتهم، بين ظالم وبريءٌ أثبتت إدانته، ضاعت حياة أناس ما رحمتهم الحياة يومًا. بين تلك الجدران التي خطوا عليها أحزانهم، تلك الجدران التي رسموا عليها أحلامهم، تلك الجدران التي رمقت معاناتهم، يعيشون لحظاتهم بين حلوها ومرها.
في ذلك المكان الذي يسلب الحرية، في ذلك المكان الذي يعيد المخطىء إلى صوابه، تضيع الكثير من الحقوق. فعلى الرغم من أن السجين متهم ذلك لا يلغي إنسانيته، على الرغم من أنه جائر، مازال يملك الحق بالعيش الكريم. ولكن أين هي تلك الحقوق في سجوننا اليوم؟
بين ماضي هذه السجون وحاضرها لم تختلف القصص كثيرًا، فالسجين لا يملك أدنى حقوق الإنسان من مأكل ومشرب ومنامة وحتى النظافة. نعم أختفت أساليب التعذيب الماضية ولكن التعذيب النفسي مازال أشد وقعًا، فالحرمان من الحياة على قيد الحياة، يميتُ زهرة العيش بداخلهم. فيخرجون إلى الحرية أكثرُ عنفًا، يخرجون بنفسية مدمرة، يخرجون بنتائج ما حُمدت عقباها يومًا. عندها تصبح السجون أماكن لزرع العنف والكراهية والظلم في قلوب السجناء، عوضًا عن أن تكون مدرسةٌ تعيد تهيأتهم للحياة من جديد.
تنصُ كل الشرائع والقوانين والكتب السماوية أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، فماذا عن الحياة ما قبل الإدانة؟ بين أيامٍ، أشهر، وسنوات تُهدر من حياة المتهمين تحت طائلة مسؤولية المحاكم التي تضع هؤلاء على لائحة الإنتظار وكأن الساعات التي ضاعت ستعود، تبدأ حكايةٌ أخرى. فاستكمالًا للتقصير داخل السجون العربية، يموت المسجون ببطىء منتظرًا حكمه. فيُمضي الأشهر والسنوات، وماذا لو صدر الحكم بالبراءة؟ من الذي سيعيد الأيام التي ضاعت، من الذي سيُعافي نفسيته المعتلة، كيف سينبت الأمل في قلبه من جديد؟ كيف سيندمج في المجتمع من جديد؟
يقول كريستيان جاريت “أن الحياة خلف القضبان، إذا طالت مدتها وزادت قسوتها، قد تؤدي إلى تغيير شخصية السجناء على نحو تعيق إعادة إدماجهم في المجتمع بعد إطلاق سراحهم.”
مجرمٌ كان أم بريء، لا يمكن لأيٍ كان شطبه عن لائحة الحياة، فحبسه بين تلك القضبان كفيلٌ بعقابه. ولكن ما بين عقابٍ وآخر تختلف النتائج لذا على كل المعنيين العمل لإعادة تأهيل السجون والأنظمة داخلها فهي لتعليم أداب الحياة وليس الإخلال بها. فالفوضى وإنعدام المسؤولية داخل السجون تعيد المتهم إلى نقطة الصفر، فيدخل السجن بمخالفة ليخرج بجنحة ويعود إليها من جديد بجناية.
بقلم: رسل المعموري جبريل عليه السلام هو أقرب ملائكة الله إليه، وصديق النبي صل الله… اقرأ المزيد
أيها القارئ الكريم ظللنا لعقود طويلة ومنا من لا يزال يؤمن أو متأثر بثقافة المنظرة… اقرأ المزيد
بقلم: رسل المعموري ""وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا… اقرأ المزيد
ما هي صفات الابن المراهق؟ لسن المراهقة بدايةً بالتمهيد وهو عمر ما قبل سن المراهقة… اقرأ المزيد
أنا فخورة بأنني أمازيغية مغربية، فاللغة الأمازيغية تحمل في طياتها عمق الإحساس وجمالية الطبيعة والثقافة… اقرأ المزيد
لطالما كان الوقوفُ على قدمين منتصبتَين، أو ربّما على قدمٍ واحدة، أو ربما النهوض بلا… اقرأ المزيد