عندما عجزوا عاقبناهُم بالرحيل

في ذلك المشفى، كنتُ أسيرُ باحثةً عن غرفة إحدى المرضى. بين غرفةٍ وأخرى كنت اقرأُ قصصًا في عيون روادها.. كنت أرى نظرات عتبٍ، نظراتُ حزن، نظراتُ أمل ونظرات يأسٍ وخيبات.. في ذلك الطابق المختص بكبار السن كانت هي الصدمة، كانت هي الخيبة ونظرات الإستغراب من حال هذه الدنيا أو من حال من سكنوا هذه الدنيا.

في يومٍ من الأيام كانوا هم كل الحياة

في يومٍ من الايام كانوا هم كل الحياة، هم من أعطونا الحياة ليصبحوا على هامشها دون اي ذنب اقترفوه سوى إنجابهم لأولاد لم ولن يعرفوا قيمتهم يومًا. في تلك الغرف تركوهم ينتظرون مع كل خطوة يسمعونها أمل.. لعلَ قلوب أولادهم تشفقُ على حالهم.

هم ليسوا بحالاتٍ استثنائية، فهم كثرٌ في كلا المجتمعين الشرقي والغربي ويا لغلبتهم في المجتمع الشرقي. هي ليست بظاهرة ولا بمشكلة إجتماعية، هي قسوة قلوب، وانعدام إنسانية حلت بهؤلاء إلى الوحدة في النهاية.

بين كل مدينة ومدينة تسمع أنينهم

بين كل مدينة ومدينة، بين كل حي وحي، بين كل شارع وآخر نسمع أنينهم، بين يومٍ وآخر نجد كثرُ منهم دون مأوى، نجدهم لا يملكون لا حول ولا قوة، ينتظرون يدًا بيضاء تمتدُ لهم لتنتشلهم من ذل هذه الحياة. تمتدُ لهم لعلهم يجدون من يحتمون به من صقيع وحرارة هذه الحياة.. وآخرون منهم من يمتلك الماوى، ولكن جدران بيوتهم باردة تفتقد إلى الحنان والإهتمام.

الذين يقبعون في دور الرعاية

وأولئك الذين يقبعون في دور الرعاية، ينتظرون أمام النوافذ، ينتظرون لعلَ أحدهم يمرُ بهم.أنحنت الكلمات أمام ألم هؤلاء العجز، أنحنت أمام خذلانهم، فهم من هزقوا حياتهم ليصنعوا لنا الحياة هكذا يكون ثوابهم.  ولكن، نسوا أبنائهم أن الزمن سيدور ذات حين، فاليوم هم وفي الغد أنتم.

 

أضف تعليقك هنا