الاستمناء بين الإسلام واليهودية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه, أمَّـا بعد:

كامرأةٍ عارية تائهة في الصحراء, تخشى أن يراها أحدهم وتتمنى أن يلقاها أحدهم, كذلك الشهوة الزائلة, يخشى صاحبها أن يراه أحدهم, وفي الوقت ذاته يلتمس فيها شيئًا من اللذة, التي تخفتُ شيئًا فشيئًا مع كل مرة يقدم فيها عليها. إنما نحن – بني البشر- منساقون خلف غرائزنا وشهواتنا بشكل يصعُب على الكثير منا مقاومته, إلا بالطبع من رحم ربي.

لقد كانت ممارسة العادة السرية أو الاستمناء محط جدل كبير على الكثير من المستويات, سواء مستوى الأفراد, أو المستوى الاجتماعي, أو حتى المستوى الأخلاقي, لكننا سوف نتناوله اليوم من الجانب الديني, ولا نهدف خلف هذا المقال أن نأكد بالأدلة والبراهين- التي سبق للعديد الإتيان بها- أن الاستمناء عادة محرَّمة دينيًّا, بل سيصتبغ المقال في هذا الصدد بصبغة مقارنة بين أوجه التحريم وأسبابه في كل من الديانتين الإسلامية واليهودية.

أسباب تحريم العادة السرية أو الاستمناء

في البدء نوضح للسادة أن الاستمناء محرمٌ في الديانتين على حد سواء, ولكن يتجلى لنا التباين في دوافع التحريم وأسبابه,

تحريم الاستمناء في الإسلام

من المعروف أن تحريم الاستمناء في الإسلام ينبع من أسباب مثل كون تلك العادة هي شهوة زائلة ولحظية وزائفة, وأنَّ الإكثار منها يسبب مشاكل نفسية وصحية للمستمني ناهيك عن أنها تعارض فكرة السمو بالنفس البشرية والانحطاط إلى ما هو أدنى منها.

ويجدر الذكر في هذا الموضع أن هناك من مشايخ الإسلام مَن أحلَّ الاستمناء بيد الزوجة, وقد قال صاحب الإقناع من كتب الحنابلة : (وللزوج الاستمتاع بزوجته كل وقت على أي صفة كانت إذا كان في القبل. وله الاستمناء بيدها), علمًا بإن شرط الطهارة عند الزوجين واجب في تلك الحالة, وهو طهارة المرأة من حيضها وكذلك عدم الإتيان بالدبر, ولاشك أن الاستمناء بيد الزوجة لها من الأضرار النفسية والصحية ما لا يخفيه الأطباء. ولكن بيت القصيد هنا أن الاستمناء في العموم حرام شرعًا والاستمناء بيد الزوجة قد أجازه بعض المشايخ والفقهاء بشرط.

تحريم الاستمناء في اليهودية

فما هي أسباب التحريم في اليهودية؟! الحق أننا إذا أردنا الوقف على أسباب التحريم في اليهودية ينبغي لنا العودة إلى العهد القديم حيث بدايات التحريم أصوله ودوافعه وأسبابه, وهذا يذهب بنا إلى قضية أخرى في اليهودية لنا نخوض فيها كثيرًا, وهي أنه يجب على الفرد اليهودي أن يتزوج من أرملة أخيه, وذلك إذا لم يرزق أخاه بابنٍ من قطُّ, وليس هذا فقط, بل يجب عليه الزواج بها والدخول عليها والإنجاب منها, على أن يُكتب المولود الأول باسم الأخ المتوفي وليس الوالد الحقيقي والفعلي, وذلك استنادًا- حسب اليهودية- إلى المقولة القائلة بـ “حتى لا ينطفئ نور إسرائيل”, وثم يُكتب المولود الثاني باسم الأب الفعلي لأبيه.

قصة أونان وثمار

وهناك قصة شهيرة ورد ذكرها في العهد القديم,  في (سفر التكوين : 83 : 9 – 10) وهي قصة أونان وثمار, وأونان هو أحد أبناء يهوذا, والذي توفى أخيه فكان عليه أن يتخذ أرملة أخيه زوجة له, على أن يكون المولود الأول باسم أخيه المتوفي, فورد في التوراة في الموضع السابق ذكره: (فعلم أونان أن النسل لا يكون له. فكان إذا دخل على امرأة أخيه أنه أفسد على الأرض لكيلا يعطي نسلاً لأخيه. فقبح في عيني الرب فأماته أيضًا). وكان الموت عقابًا له.

ما يهمنا في هذه القصة هي فكرة الإفساد, أي القذف أو الإتيان بماء الشهوة على الأرض وليس داخل المرأة, وهي جريمة حرمتها اليهودية تمامًا, ومن هذا المنطلق أصبح الاستمناء يُكنَّـى في اليهودية باسم: أونانيوت, نسبة إلى أونان بن يهوذا.

سبب تحريم الاستمناء في اليهودية

فما هو السبب وراء تحريم الـ “أونانيوت” في اليهودية؟! السبب يختلف تمامًا عن الإسلام, ليس لأنه شهوة زائلة أو لأضراره الصحية والنفسية ولا لفكرة الرقي الإنساني, بل لاعتقاد اليهود أن ماء الشهوة هذا يحوي العديد من الأرواح, التي حتمًا ستتحوَّل إلى أرواح شريرة تُطارد صحابُها, بل ستتحول إلى ما يعرف في اليهودية باسم “قوى الضغمة” أي القوى الشريرة, وحينما يموت المستمني ستقوم تلك الأرواح “الشريرة” بمطاردة جنازة الميت وتعذيبه كذلك, لذلك يستحب- عند اليهود- في مسيرات الجنائز, أن يقوم حاملو النحش بالسير لعدة خطوات ثم التوقف مع ترديد أدعية معينة, ويتم تكرار تلك العملية بكثرة حين الاقتراب من القبر.

فيديو مقال الاستمناء بين الإسلام واليهودية

أضف تعليقك هنا