الأقسام خواطرمشاعر

الأسود الحقيقي يسكن القلوب

إن الأسود قد يليق بنا في اللبس في أثاث، في حلي، في زينة، في أشياء نرتديها كسترة وتزين، لكن الأسود الذي يسكن قلوبنا لا يليق بنا، ولا بد من تنقية القلوب وغسلها؛ ليتحول اللون الأسود إلى لون أبيض، أو أي لون بعيد عن الأسود.. فكل سواد يسكن القلب هو السواد الحقيقي الذي يعبر ويدل ويؤكد على الكره، على الحقد، على الانتقام، على الشر، على النفاق، على القسوة، على الجليد الصلب الذي لا يذوب من شدة السواد المحيط به، فعندما نقول الأسود الحقيقي يسكن القلب فهذا معناه كل ما هو بعيد عن الجمال، والحب هو ساكن ويسكن القلب.

الفرق بين القلب الأبيض والقلب الأسود

إن الشخص الذي يحب عكس الشخص الذي يكره، والذي يكره عكس الذي يحب، والقلب الذي يسكنه الحب لا يشبه القلب الذي يسكنه الكره ومشتقاته، فالقلب المحب قلب نقي أبيض ناصع البياض.. قلب به نور يشع ويضيء كل ظلمة قد يتخبط فيها القلب أو الإنسان باحثاً عن بقعة مضيئة تعيد له النفس والأكسجين.. إذن القلب الأبيض أكسجين، وهواء، وحياة حقيقية، والطيب صاحب قلب نظيف جداً لا يوجد أثر لنقطة سوداء كانت وغابت، أو لا تزال متواجدة، فهذا الطيب مهما يواجه في الحياة من ظلام وسواد.. سواد في الظروف والصعوبات.. ومن سواد أفعال البشر ونواياهم فهو ينتصر، والقلب الأبيض رجل نجدة ينقذه مهما كان.

الأسود الحقيقي يسكن القلوب، وإن سكن القلب تسرب إلى الروح، ومن الروح إلى العقل، وأصبح كل شيء محاط، ومغطى، وملوث بالسواد الذي يجعل الواحد في ظلمة مع أن الليل لم يحن، والنور قد سكن الأرض والسماء وحتى الظل وما تحت السقف.. هذه القلوب لا تسعى أبداً إلى الخير سوى الشر قد سيطر عن النوايا والأفعال والأفكار والحركات والتصرفات والكلام والأهداف والغايات.. هذه القلوب لا تؤمن بالحب والصلاح، ولا بالجميل والجمال، ولا بالنقاء والصفاء، ولا بكل ما هو بعيد عن الأسود، ولا بكل ما هو ينتمي للبياض.. إن الأسود لا ينجب إلا السواد الشديد الذي يزيد من حدة الأسود، وشعاعه المحرق المخرب.

صفات صاحب القلب الأسود

صاحب القلب الأسود لا يبني كل جميل، ولا ينجب الثمار الخيرة النافعة فهو ضر مع ضر مع ضر من شوك، مع بناء بشع وهدم الجميل، وجلب للحزن والألم، والشر الذي قد سيطر على معظم بقاع الأرض، وللأسف السواد الحقيقي سكن، ويسكن الملايين من القلوب، فللأنانية سبب ودور كبير في هذا الانتشار الرهيب لسواد القلوب الذي صار يظهر دون خجل، والعلانية والجهر أصبح إعلامهم والمشهر لأفعالهم، وأعمالهم الشيطانية لا البشرية الإنسانية كما للمصلحة النابعة من الأنانية دور في زيادة هذا السواد التي تخطى موطنه القلب إلى الروح، إلى العقل، إلى الخارج، وامتد إلى أوسع ما توقعنا.. كما للمال سيطرة واضحة، ومبينة على استمرارية هذا السواد، وعلى بقائه القوي بالسلبي والموحش.

إن القلب الأسود لا يعرف الإنسانية، فكل ما يصدر منه ضد الإنسانية، ومبدأ الإنسانية، وحق الإنسانية، فهو الحرب التي لا تنتهي، والتي لا تترك الخير ينتشر، ولا الأخضر يكبر، ولا النور يحافظ على نقائه، وصورته اللامعة سوى التلوث والظلمة والوساخة قد وصلت السماء، وعمت بكل أرجائها واستولت على الأرض.

سواد قلوب بعض البشر كالوحوش التي لا ترحم، وإنما تبحث عن الفريسة رغم اختبائها، وبعدها عن منطقته، وعدم مشاركته بكل ما يخصه رغم أنها تخصها وملكيتها الأصلية.. فرغم رحيلها بلا شيء وتخليها عن كل شيء إلا أن القلب الأسود الوحش يهدد راحتها، وطمأنينتها، ويحسدها في راحة البال، ويود سحب البياض الذي يسكنه بنقل البعض، أو الكل من سواده الذي قد احترق به ويود حرق الجميع.

مقالات متعلقة بالموضوع

من هم حمَلَة القلب الأسود؟

كل منتقم صاحب قلب أسود.. كل حاسد حاقد صاحب قلب أسود، كل شرير صاحب قلب أسود، كل منافق، كل خبيث صاحب قلب أسود، كل مخرب مدمر صاحب قلب أسود.. كل كاره فاسد خائن صاحب قلب أسود، وأصحاب القلوب الأسواد كثيرة، وفي تزايد سريع في زمننا هذا، وهم قريبون منا ويعيشون حولنا نعرفهم ولا نعرفهم، فليس كل صاحب قلب أسود قد أظهر سواده علانية للجميع وقد لبس ثوبه الواضح مباشرة، ولكن رغم اختبائه وراء أقنعة بيضاء كثيرة إلا أن السواد طاغي، وقد سيطر على كل ملامحه الداخلية والخارجية.. السفلية والعلوية والوسطية.

فوراء كل خراب ودمار وشر ومصيبة قلوب سوداء حقيقية، ووراء كل فساد ومعاناة قلوب كلها سواد!

أسود القلب هو أسود الروح وهو أسود العقل.. وهو أسود الفكر.. وهو أسود النوايا.. وهو أسود الأفعال والأعمال، فالسواد قد سكن جميع جيران ومخلفات ومشتقات القلب الذي هو المسكن الأم للسواد ولكن ليس الأصلي، وإنما السواد جعل من القلب مسكنه الأصلي الذي به يؤثر على جميع الأعضاء والمحركات التي تخدمه وتخدم لصالحه.

المؤكد من كل ما قيلا أن الأبيض الحقيقي يسكن القلوب كما أن الأسود الحقيقي يسكن القلوب.. الأبيض ابن الجنة، والأسود ابن النار.. الأبيض وليد الخير، والأسود وليد الشر، والقلوب تنقسم إلى قلوب سوداء وقلوب بيضاء.

فهنيئاً لأصحاب القلوب البيضاء بهذا القلب، وبما يصدر من هذا القلب، وجزاء هذا القلب.

فيديو مقال الأسود الحقيقي يسكن القلوب

أضف تعليقك هنا
شارك

Recent Posts

نقاء الروح

بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد

% واحد منذ

بين غزة والذكاء الاصطناعي.. الوقت موت

منافع ومصالح قائمة على دماء الأبرياء  في غزة، يصارع أكثر من مليوني إنسان شبح الموت… اقرأ المزيد

% واحد منذ

جبريل عليه السلام

بقلم: رسل المعموري جبريل عليه السلام هو أقرب ملائكة الله إليه، وصديق النبي صل  الله… اقرأ المزيد

% واحد منذ

من فضلك كن نفسك فقط

أيها القارئ الكريم ظللنا لعقود طويلة ومنا من لا يزال يؤمن أو متأثر بثقافة المنظرة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

تاريخ الديانة الحنيفية

بقلم: رسل المعموري ""وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا… اقرأ المزيد

% واحد منذ

كيف تحتوي المراهقة؟

ما هي صفات الابن المراهق؟ لسن المراهقة بدايةً بالتمهيد وهو عمر ما قبل سن المراهقة… اقرأ المزيد

% واحد منذ