الحراك ليس حزباً

تظهر الأحداث الجارية في لبنان كلما أوغلنا بأيام الرزنامة التي تؤرخ للحراك إن الحراك ليس حزبا ولا هو يدعي انه كامل الشعب…لكن لا بد من الاعتراف انه شكل نقطة تحول في طريقة تعاطي اللبنانيين للسياسة.

ما هو الحزب ومن هو الحزبي؟

بدايةً، لا بد من البحث بماهية السياسة ومن هم السياسيين والبحث بتحديد ما هو الحزب ومن هو الحزبي؟
فالسياسة وممارستها كما اعتقد “كمال جنبلاط” واعتنق، هي عقيدة نبيلة كونها تتعاطى شؤون الناس وهمومهم وهي إلى ذلك، فن إدارة المجتمع وهي يجب أن تكون شريفة بوسيلتها كما الغاية التي من اجلها وجدت. وليست السياسة تهمة ولا السياسي النظيف متهم.وكذلك الأحزاب، فالحزب يتألف من مجموع الأشخاص الطليعيين (الحزبيين) الذين يدركون حاجات مجتمعهم قبل غيرهم وهم المؤمنين بعقيدة واحدة يدافعوا عنها ويدفعوا في سبيلها الغالي والنفيس بسعيهم إلى تحقيقها..هي عقيدة اجتماعية بالغالب توصله إلى مجتمع الكفاية والعدل (المجتمع الحلم) فالمواطن الحر سيشكل بالضرورة مجتمعاً سعيداً.

كما أن الحزبي ليس مجرماً..وهو من يتحلى بالمناقبية التي تفرضها أخلاقه الحميدة أولاً وضميره ثانياً قبل أي شيء ودون ذلك يكون العمل السياسي مجرد أداة للوصول للمغانم من مناصب ومراكز(مال ونفوذ) كما هي الحال الآن في الأحزاب اللبنانية. والحزبي ليس مجرماً فهو الذي يدفع اشتراكات حزبه ويدافع عن أفكاره وآرائه بجو من قبول الآخر ومحاورته والتعاطي بسلمية لافتة، وهذا ما يفعله الحراك.

ماهو الحراك؟

الحراك ليس حزبا لكنه يتألف من مجاميع الشعبية للقواعد الحزبية التي ظلت صامته لوقت كبير أو كان مغلوبا على أمرها أو لأنه كانت وفية لما تعتقده منة من زعيم حزبها بمنفعة مادية صغيرة أو وظيفة صغيرة بينما كان يتم الاحتفاظ بالمغانم الكبرى لأول حلقة حول الزعيم.
الحراك ليس حزبا ولا هو منظم على أساس عقائدي (اللهم إلا عقيدة الفقر الذي تجمع بين المحتجين جميعا وأولئك غير المحتجين أيضا)
والحراك ليس حزبا فلا تسلسلاً هرمياً له أو انضباطية شديدة واضحة ليؤمر بها وربما تكون هذه نقطة قوة لكنها نقطة ضعف أيضاً ومجالا لدخول المندسين الماكرين بين صفوفه.

والحراك ليس حزباً ولا يجب أن يكون، فكما وجد كرقم في المعادلة يصعب تجاهله لا يمكنه أيضا إلغاء أو إقصاء الآخرين.
لا تصدقوا ان الحراك لا حزبي وقد بحثنا ما معنى (حزبي)، لا تصدقوا ان لا أحزاب داخله لكن أحزاب الحراك تتحرك وفق قناعة الوطن اولاً، وليس الزعيم اولاً
هم شعبية الأحزاب وليسوا مستوردين…الحراك استيقظ وسبق الأحزاب الجامدة الفكر، واعطى معنى جديد للحرية السياسية..هم ليسوا سياسيين هم كل السياسة ففن ادارة المجتمع هو السياسة بذاتها
الحراك ليس حزبا… ليس احزاب …ليس جمعيات اهلية فقط …انه طبقات المجتمع جميعها.

لماذا الحراك ولماذا الثورة؟

ثمة من يقول أن هناك مجلسا نيابيا منتخباً من الشعب؛ فلماذا الحراك ولما الثورة ؟ فلو سلمنا جدلا وقانونا بان النواب أتوا نتيجة الانتخابات ولكن لنتذكر معا ما كان معيار شرعية انتخابهم القانون الانتخابي الأعوج، ونسبة المشاركة الضعيفة ألا تعني شيئاً؟ ولربما تغير المزاج الشعبي إلا يجب أن يؤخذ ذلك بالاعتبار- وتغير المزاج لم يأتِ اعتباطا؛ فأداء النواب وما انبثق عنهم من حكومة لم يكن على مستوى التحديات فالكهرباء كحكاية إبريق الزيت، أما التضامن الحكومي فقد اخذ بطريقه وعود الوزراء بعدم فرض ضرائب على الشعب، فكانت قشة ضريبة الواتساب والتي أقرت بإجماع الوزراء هي التي قصمت ظهر بعير الحكومة.

الطرف النقيض

على الطرف النقيض للحراك وبدءاً من اليوم الثالث للانتفاضة – الثورة ولغاية الآن يتم شيطنة هذا الحراك بشتى التصريحات والأفعال الشرعية منها وغير الشرعية أي من خطاب سماحة السيد الأول والثاني ووصف الحراك بأنه فعل سفارات إلى غزوة ساحة الشهداء وإحراق النصب- الرمز يوم الاستقلال إلى الميني- مظاهرة أمام قصر بعبدا وصولاً إلى ما يصح تسميته غزوة الرينغ. فلا بد من ان نورد بعض الملاحظات
يقولون إنهم كانوا يشاركون في أول يومين وقد اتصف هذين اليومين بالعنف وأعمال الشغب والتكسير وتحطيم السيارات واقتحام الأملاك الخاصة؛ في شارع المصارف والشارع المقابل للرينغ…وغيرها، اذأً… هم أبطالها.

ثم إن أعمال العنف على المتظاهرين في ساحة الشهداء تمت تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية، وأفلام الفيديو تشهد وكأن تلك الأجهزة، “شاهد ما شفش حاجة” وآخرها الهجومات الشرسة من شرطة تدعى شرطة المجلس!!!
في ساحة النجمة وعلى خيم المتظاهرين في الجنوب وبعلبك.

الجيش اللبناني

لنكن صريحين إن للجيش اللبناني رصيد كبير لدى معظم اللبنانيين لا لشيء بل لأنه مكون من الأقارب والأهل والأصدقاء، إنما ذلك الرصيد معرض للتآكل فيما لو تحول الجيش إلى حام ٍ للنظام وتاريخيا؛ في زمن الحرب الاهلية وتحديدا في مرحلة رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل والمرسوم رقم/10/ الشهير تحول الجيش إلى جيش للنظام وحام لفئة دون غيرها من اللبنانيين…..وكان ما كان من انقسام للجيش وانتقاضه 6 شباط 1984 وتتالت الأحداث االمؤسفة …… إذاً دعونا لا نكرر نفس الأحداث بأبطال مختلفين.

قائد الجيش منصب دستوري إنما القائد الأعلى للقوات المسلحة هو رئيس الجمهورية وهنا دقة الموقف، اذا تحرك بعكس إرادة الرئيس أصبح متمرداً…أما إذا تحرك مثل ما يريد بعض المحيطين بالرئيس، فيصيح معارضا لنصف الشعب اللبناني على اقل تقدير،..إن موقفه لا يحسد عليه وهو لغاية الآن تعامل بحذر مع المواقف التي واجهته؛ بدءاً من فتح الطرقات وصولا إلى حماية المتظاهرين أنفسهم من العابثين.

الحراك ليس حزباً

وطالما ان الحراك ليس حزبا… فهو لايستطيع ان ان يتمثل باشخاص محددين كما انه لا يستطيع ان يتقدم باقترح قانون، فهو ليس برلمان اوان يتقدم بمشروع قانون فهو ليس حكومة، جل ما يستطيعه هو ان يوجه بوصلة الرأي العام ويعلي الصوت عسىى ان يكون ثمة من يسمع
الرهان…. كل الرهان على الجيش ليس على القائد وحده، إنما على كل القيادة والأركان.
الرهان….. كل الرهان على الأحرار في المجلس النيابي إن وجدوا…
الرهان….. كل الرهان على العاقلين إن وجدوا وعلى ما تبقى من رجال دولة من الذين بيدهم القرار لغاية اليوم، ليتصدوا للوضع بشيء من الشجاعة.

فيديو مقال الحراك ليس حزباً

أضف تعليقك هنا