في ٤ آب فقد الأمان

بقلم: مارفن عجور

ذكرى حادثة انفجار مرفأ بيروت 4 آب 2022

أتذكرون سنة ٢٠٢٠ سنة عاش فيها العالم وباء قاتل وهو وباء كورونا و في هذه السنة أقفلت أبواب جميع المؤوسسات وعاش العالم “الحجر الصحي”؟ جميع الشعوب عاشت الحجر الصحي لكن لبنان عاش أزمتين أزمة وباء كورونا التي أدت إلى وفاة الملايين من الناس والانفجار اللامنتظر الذي أدى الى وفاة أكتر من مئتين مواطن، هذا الانفجار الذي وقع تاريخ ٤ آب ٢٠٢٠ حيث استيقظ اللبنانيون على يوم طبيعي . “يوم طبيعي” انتهى عند الساعة السادسة والسبعة دقائق ومن بعدها غاب النور ليحل الظلام، هدمت المباني وامتلأت الشوارع بالركام وتحت الركام أرواح من البشر منهم من حارب حتى النفس الأخير وخسر حياته و منهم من حارب وكتبت له حياة جديدة بالقرب من اهله وأصحابه. “بعد ٤ آب ليس كما قبله” يردد اللبنانيون دومآ. فكم هو مؤسف أن تخسر الجالية اللبنانية شباب كان الأمل معلق عليهم ! وما أسوأ لحظة الوداع! نعم “بعد ٤ آب ليس كما قبله” لأن بعد هذا التاريخ فقد الآمان من بلادنا، فقد الشباب “شباب التغيير والتجديد” في لحظة كان من الممكن أن نتفاداها لولا فساد المسؤولين و قلة ضميرهم لأنهم “كانوا يعلمون “امضوا سنوات في تخزين نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت لن يفكروا بمسؤوليتهم تجاه الوطن و حتى بعد تفجير المرفأ. فجر المرفأ ووقعت الكارثة وانتشلت أرواح من تحت الأنقاض، ركض اللبنانيون لينقذوا بعضهم البعض ليساعدوا بعضهم بعد هذا الانفجار الكبير الذي دمر الوطن! دمر مستشفيات، شركات، مباني سكن، محال تجارية.

لحظات رعب عاشتها المستشفيات جراء الانفجار

في المستشفيات، لحظة الولادة لدى الكثير من الأمهات تحولت إلى جحيم، تحولت الى لحظة رعب وخوف، عمليات كانت تجري في هذا الوقت لن يستطع الأطباء إنجازها وإنهائها بسبب تدمير المستشفى ووقوعها تحت رؤوس المتواجدين فيها وإصابتهم بجروح، فيديوهات ظهر فيها المرضى في المستشفيات على الطرقات يمسكون بأيديهم الماكينات والدماء يغطي وجههم. بالقرب من المرفأ، فيديوهات توثق هذه اللحظة المحزنة والمرعبة، لحظة وقوع الإنفجار وتضرر السكان بالقرب من المرفأ، البيوت تكسرت وأصيب الألاف من المواطنين، إصابات خطرة جدآ، ولم يستطيعوا الوصول إلى المستشفى للمعالجة، فحاربوا للحظة الأخيرة، صغار أم كبار، قاوموا من أجل العيش بعد أن أكد وطنهم في هذا التصرف أن العيش أصبح بلا فائدة وفي لبنان لا تعلم مصيرك بل يبقى مجهول!

أحلام تحولت إلى كوابيس 

في الكنائس, أكاليل الزفاف كادت أن تتحول إلى مهزلة، فما أصعب لحظة دخول العروس من باب الكنيسة وقبل وصولها إلى المذبح تسمع صوت مرعب ويكون هذا الصوت صوت الإنفجار! فتعود وتخرج ولا تستطع إتمام فرحتها، أناس حضروا ليوم زفافهم بكل حب وفرح ووضعوا التاريخ في ٤ آب ٢٠٢٠ لكن إهمال المسؤولين أعاق الفرحة وأوقع الكارثة وحول الفرح إلى حزن. في السياق عينه، قصة أخرى وفيديو آخر انتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الإجتماعي يظهر جلسة تصوير لعروس في الداون تاون كانت تبستم وهي تلتقط الصور في فستانها الأبيض وفي هذه اللحظة هزت العاصمة بيروت ووقعت المصيبة وارتجفت العروس خوفآ وأمسكت بيد زوجها ليحموا انفسهم كي لا يموتوا قبل زواجهم وبعد الانفجار بعدة أيام، عادت العروس نفسها إلى المكان نفسه التي كانت تلنقط به الصور و هو ” الداون تاون “لتروي ما حصل معها وهي تشاهد الدمار وعاصمتها بيروت تنفجر، أتت تروي ما حصل بعد النكبة “نكبة الثلاثاء الأسود” قائلة انها متفائلة رغم كل الظروف مقارنة نفسها و زوجها بالمواطنين الآخرين، ظهرت تشكر الله انها بقيت بصحة جيدة و زوجها ايضا ! و لقبها الشعب اللبناني بعروس بيروت، عروس الانفجار، العروس القوية التي لن تفقد الأمل بعز الألم!

مساعدات عربية ودولية قدمت للشعب اللبناني بعد الانفجار

يوم ٤ آب، توالت ردود الفعل الدولية والعربية عقب الانفجار الذي هز العاصمة اللبنانية بيروت وأبدت فرنسا استعدادها لمساعدة لبنان وقال وزير الخارجية جان ايف لودريان “فرنسا تقف دائما إلى جانب لبنان و الشعب اللبناني وهي مستعدة لتقديم المساعدة وفقآ للاحتياجات التي تعبر عنها السلطات اللبنانية، بدورها أكدت بريطانيا على استعدادها لتقديم الدعم للشعب اللبناني بأي طريقة ممكنة، بما في ذلك لأولئك البريطانيين المتضررين ، بدورها أكدت ايران على دعمها و مساعدتها للشعب اللبناني وأمر امير قطر الشيخ تميم محمد آل ثاني بإرسال مستشفيات ميدانية عقب انفجار بيروت، كما قدم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خالص التعازي و المواساة للبنان ، و تفاعل رواد مواقع التواصل الإجتماعي حول العالم مع انفجار بيروت وأطلق المستخدمون وسومآ تصدرت قائمة الأكثر انتشارا حول العالم نذكر منها #prayforlebanon اي الصلاة للبنان. وقامت دولة الإمارات بإضاءة برج خليفة تضامنآ مع لبنان جراء الإنفجار الضخم الذي هز مرفأ بيروت حيث رفع العلم اللبناني، كما أن برج ايفل أطفأ انواره تضامنآ مع الشعب اللبناني بعد تفجيرات بيروت. وبهذا التضامن الذي جاء من الكثير من البلدان اكد العالم اتحاد الشعوب وتضامنها دوما و عدم تفككها .

وقوف الشعب اللبناني جنباً إلى جنب بعد الانفجار

بعد الانفجار ايضآ، فقد الكثير من اللبنانيين بيوتهم واستقروا على الطريق فقدمت الجمعيات اللبنانية الإجتماعية و الإقتصادية و الإنسانية مساعدات مالية و إعاشات للطعام، ومنازل بأسعار زهيدة ليعيش فيها كل مواطن فقد بيته في يوم الثلاثاء الأسود، كذلك بعض المنازل تضررت أيضآ فقدمت هذه الجمعيات والصليب الأحمر اللبناني والجيش اللبناني المساعدات لأصحاب المنازل و الشعب اللبناني ليقوموا بإصلاح منازلهم ، و يتعالجوا من اصابتهم في الإنفجار، بالإضافة تقدمت مبالغ مالية تساعد المواطنين في هذا الإنفجار وذلك بعد أن تضررت منازلهم و اصيبوا بانفجار بيروت! كما قد وصلت مساعدات من الخارج وتوزعت على جميع اللبنانيين !

باميلا زينون الممرضة التي تعد مثالاً عن إنسانية الشعب اللبناني 

الكثير من القصص انتشرت يوم الانفجار، قصص معبرة تدل أن على الرغم من كل الأزمات التي تعصف بالبلد يبقى اللبناني يتمتع بإنسانيته تجاه أشقائه في الوطن، ويبقى اللبنانيون متضامنون ومتعاونون رغم كل شيء، إحدى هذه القصص التي أثارت ضجة كبيرة و تعاطفآ واسعآ قصة الممرضة باميلا زينون في مستشفى القديس جاورجيوس، باميلا التي أنقذت ثلاثة أطفال حديثي الولادة بيديها الإثنتين هدفآ منها أن لا يشاهدوا قباحة هذا الحدث وما يحصل في الخارج وكي لا يلتقطوا صدمة من صغرهم. جميلة شجاعتها وكم هي بطلة! فضلت ان تنقذ الأطفال على أن تنقذ نفسها! حملت باميلا الأطفال وركضت بهم مسرعة لتنقلهم إلى مستشفى آخرآ مرددة لهم كلمات الإعتذار “اعتذر لأنني أخرجتكم بدون ملابس، اعتذر لما حصل معنا، لن أترككم سأبقى بجانبكم”.

وخلال تنقلها مع الأطفال من مشفى إلى آخر ولن تستقبلهم آية مستشفى بسبب الضغط و الضجة التي حصلت في المستشفيات والخراب الذي حل على المستشفيات . خلال تنقلها مع الأطفال تقابلت باميلا برجل أمن و أعطاها سترته لتقوم بتدفئة الأولاد ومن بعدها ركض إلى باميلا الكثير من الناس وأعطوها ملابسهم، مشت باميلا بحدود الخمسة كيلومترات و لقيت سيارة كي تأخذ الأولاد الى المستشفى و تصف باميلا فظاعة المشهد في المستشفى والدماء الذي أخفى وجوه المتضررين وهناك سمعت أخبار عن انفجار آخر وتقول انها كانت لحظة من أصعب اللحظات، كما أنها لم ترتح إلا عند وصول أم الأولاد الثلاثة التي وصلت إلى مستشفى القديس جاورجيوس منهارة وهناك لم تجد أولادها ولم تجد نقطة دم واحدة، فأعطتها ممرضة أخرى رقم باميلا وتوجهت الأم إلى المستشفى التي تتواجد فيها باميلا وعند وصولها امسكت بيد باميلا تصرخ “أين اولادي؟ “وعندما رأتهم بخير وأمسكت بهم وقبلتهم تحولت اللحظة التي عاشتها باميلا من لحظة مرعبة إلى لحظة مطمئنة! و بعد عام على الانفجار زارت باميلا الأطفال الثلاثة وشاهدتهم يكبرون في هذا البلد الذي أصبح مجهول المصير، شاهدتهم بصحة جيدة، شاهدتهم يلعبون، يتكئون على كتف امهم . أن تكون ممرضآ عليك التحلي بالإنسانية، باميلا حملت هذه الرسالة منذ لحظة تخرجها و طبقتها في ٤ آب ! عظيمة الممرضة باميلا زينون، وعظيم قلبها الأبيض النزيه والنقي!

قصص عن ضحايا الانفجار

فريق إطفاء تحول من منقذ إلى ضحيّة

٤ آب ٢٠٢٠ يومآ مليئآ بالأوجاع، ومن آخر غير أعضاء فوج الإطفاء يمكنه أن ينقذ الكارثة وما حصل في هذا التاريخ ؟ بدأت هذه الكارثة عندما شب حريق في العنبر رقم ١٢ في مرفأ بيروت فانطلق أبطال الإطفاء العشرة تلبية لنداء الواجب وهناك لم تكن تنتظرهم مهمة لتنفيذها بل كان ينتظرهم “شبح الموت” ركضوا لينقذوا وطنهم فكانوا ضحيته! ٩ شبان وفتاة قدموا حياتهم للوطن، لم يكونوا يعلمون ماذا ينتظرهم، ظنوا أنه حريق حدث وقد يمر لكن سرعان ما وصلوا توقف الزمن عند الستة والسبعة دقائق و ابتلعهم هذا الانفجار المريع!

دموع تروي أحلام فريق الإطفاء قبل أن يختطفهم الموت

هؤلاء الأبطال الذين كرثوا حياتهم لخدمة الوطن ورسموا أحلامهم في هذا البلد وقعوا شهداءه، سحر فارس الفتاة صاحبة الوجه الناعم ، والقلب الطاهر، القوي، التي كانت تحضر ليوم عرسها لترتدي فستانها الأبيض وعريسها جيليبر قرعان الذي كان ينتظر يوم زفافهم على أحر من الجمر! كارلين حتي التي فقدت زوجها وشقيقها وابن عمها رجال الإطفاء شربل و نجيب حتي وشربل كرم و يبقى آثار خسارتهم مطبوع في قلبها حتى هذه اللحظة وسيبقى مطبوع إلى الأبد، تبكي كل يوم من شدة الحزن على وفاتهم. مثال حوا ذاك البطل الشجاع من بين الأبطال العشرة الذي يقول أخيه الصغير بغصة وحسرة ان الحياة الطبيعية باتت من الأمور الصعبة بالنسبة له بعد رحيل أخيه ورفيق دربه الذي وصفه بالحنون والمحب والمساند للجميع ، كما ترثي الأم الكثلى كبيرها فتقول “راحت الفرحة من بيتي كتب كتابه كان بعد يومين من وفاته و كتت رح افرح فيه انشالله يكون عند ربه شهيد “، رالف ملاحي ذاك الشاب الجميل، البطل، الطموح ، صاحب القلب القوي ، الذي يتمتع بالصلابة و الصمود ، شاب في زهرة شبابه دفنه اهمال السلطة اللبنانية الفاسدة و بكت امه على رحيله و لا تزال تبكي متحسرة على فقدانه ، دفنته تحت التراب فيما كان بإنتظاره أماني وأحلام ليحققها، استيقظ رالف في صباح الثلاثاء المشؤوم للتوجه للعمل في هذا اليوم، و بعد ساعات قليلة غادر عمله من مركز فوج إطفاء بيروت ليقوم بإصلاح سيارته، وهناك أصر الميكانيكي أن يتقاضى الأجر بالدولار، لم يكن في حوزة رالف المبلغ المطلوب، ولم يكن امامه سوى اخيه دافيد، اتصل به قلقآ من كيفية تأمين المبلغ وأبلغه دافيد أنه سيوفر له المصاري، بعد وصول دافيد الى المكان حيث يتواجد رالف اعطاه المبلغ وربت رالف على كتف دافيد و قال له “بشوف وجك بخير يا خي” و عاد ادراجه الى الكرنتينا حيث مقر عمله قرابة الثانية عشرة و النصف و في الساعة الخامسة من بعد الظهر تلقى رالف اتصال من والدته تخبره انها سترسل له عصير التفاح الطازج مع اخيه دافيد، بعيد الساعة السادسة و قامت رولا والدة رالف بتحضير العصير و عند الساعة السادسة والسبع دقائق دوى صوت الإنفجار و هزت عين الرمانة، قلب الأم دليلها، صرخت الأم “راح رالف”! جو نون الذي يزال اخيه ويليام يبحث عن الحقيقة و العدالة التي اكبت في جوارير المسؤولين و لا يزال حتى الأن من بعد ثلاث سنوات ينتظر ليعلم من قتل اخيه؟ لماذا قتل اخيه؟ و يفتخر فخرآ كبيرآ بأخيه البطل ! على الرغم من استشهاده في عز شبابه ! ايلي خزامي عريس ٢٠٢٠ الذي اصبح عريس السما التي لم تستطع عروسته اتمام فرحتها و اياه قائلة ” وثيقة الوفاة استلمتا قبل وثيقة الزواج و صور العرس ما شفتن انا و ايلي ، وصلوني بعد الدفن ” لم تستطع زوجة ايلي ان تنجب له اولاد و لم يستطع ايلي ان يبني عائلة مع زوجته و اولاده ، غادر الحياة قبل ان يعيش اجمل ايامه ، تبقى الغصة في قلب زوجته الى الأبد ! رامي الكعكي الذي كان ينتظر مولوده الأول و مات قبل مجيءه ، ابنه الذي ولد في ٢٧ شباط ٢٠٢١ و تم تسميته بإسم ابيه الشهيد “رامي” و تناقل الناشطون الخبر بهذه العبارات ” قوم من تحت التراب تاتشمو و تبوسو ” مؤسف ان يأتي ابن رامي الى هذه الحياة و لا يرى والده يساعده يكبر و ينضج و يطمح في مستقبل جميل و جدير بالأعمال و الفرح و الحب ! لكن الأجمل انه سيفتخر بوالده البطل الذي قرر ان ينقذ شعبه ويحميه، و ظل في خدمة الوطن لأخر نفس !  بيتر بو صعب بطل اخر من ابطال شهداء فوج اطفاء بيروت، تغلب عليه الإنفجار و انضم لقافلة الشهداء الذين توفاهم الله و هم من فوج اطفاء بيروت و على الرغم من كل المداهمات التي حصلت في منزله، اخيه بيتر ما زال ينتظر التحقيقات و يقيم تحركات و وقفات لأخذ حق اخيه الشهيد جو و معاقبة المجرمين. ” من اراد الإنضمام الى فوج الإطفاء، عليه التمتع بالصلابة و الصبر اللامحدود”! في هذه القصة رأينا مدى قوة ابطالنا سحر فارس ، شربل كرم ، رامي الكعكي، شربل حتي ، جو نون ، نجيب حتي، مثال حوا، جو بو صعب، رالف ملاحي، ايلي خزامي. ١٠ شهداء من فوج الإطفاء، تبقى شظايا منهم ضائعة في كل مكان، وتحت الأنقاض، سلموا شقف، ودفنوا تحت التراب، ودفنت معهم الحقيقة ولن تظهر بعد و الأهالي يأملون كل يوم ان تظهر الحقيقة و تحقق العدالة و يتحاسب كل مشارك في هذه الجريمة!

قصة الطالب الياس الخوري

الياس الخوري حكاية الطالب المدرسي هذا الشاب الذي سرق منه ٤ آب الحياة و الفرح الذي كان يغمره و يغمر قلبه . لحظة وقوع الإنفجار كان الياس كان يمشي في المنزل و في اللحظة المشؤومة اهتز بيته و وقع عليه الحائط قاوم حتى النفس الأخير ليرحل بعدها قبل أن يكمل دراسته ويعيش اجمل أيام حياته، بكى جميع اصدقاءه على رحيله وفي يوم وداعه ، صرخت والدته و في قلبها حزن كبير، أقاموا اصدقاءه حملات دعمآ لمعرفة الحقيقة وليعبروا عن حبه له و يوم الإمتحانات الرسمية للعام ٢٠٢٢ لشهادة الثانوية العامة نشرت والدته بطاقة ترشيحه في الشهادة المتوسطة على التواصل الإجتماعي وعلقت بأنه كان من المفترض أن يختتم الياس مسيرته الدراسية التي دامت ١٥ سنة بخوضه امتحانات شهادة الثانوية العامة وأن يكون الاحتفال الأكبر بنجاحه سنة الترمينال لكن ٤ آب ٢٠٢٠ أخذ الياس منها!

صاحب “العيون العسلية” محمد عطار

محمد العطار صاحب “العيون العسلية” الذي انتشله الإنفجار ويوم الثلاثاء المفعم بالأسود  توجهت الأم إلى المستشفى الذي نقل اليها محمد و توجهت الى الصحافي مالك الشريف من المؤوسسة اللبنانية للإرسال قائلة له و بصوت مرتجف و خائفة على مصير ابنها “ابني حلو، عيونو عسلية، شفتو شي”؟ كانت تدعي في هذه اللحظة أن يكون ابنها بخير، سألها مالك عن اسم ابنها و قالت له “محمد العطار” بحث مالك و رأى اسم ابنها على قائمة الشهداء لم يكن يعلم ماذا يقول لها وماذا يفعل، أحس نفسه مجرم ويعذبها بعدم قوله لها عن مصير ابنها وأنه شهيد، كانت في هذه اللحظة مشاعره ممزوجة ولم يكن يعلم ماذا يفعل! من أجل محمد العطار “شهيد الوطن “نشرت اغنية “ابني حلو ومليح ” وما زالت والدته تستذكره كل يوم، صوره معلقة في كل زاوية بالمنزل، ” فل محمد بالوقت يلي كان لازم يضل ليبني مستقبلو ومستقبل ولادو”

الطفلة الكسندرا نجار ذات الضحكة البريئة

الكسندرا نجار ذات الطفلة البريئة والضحكة الجميلة، التي توفيت في هذا اليوم الصعب، كاد الإنفجار أن يكون أقوى منها، لم تستطع المقاومة وكانت ضحية تفجير بيروت، يلاحظ الجميع دموع والديها بول وترايسي والتعب الذي يظهر على وجوههم و الإرهاق من شدة العمل للوصول الى الحقيقة. نسأل اليوم بعد ٣ سنوات من الكارثة: لماذا لم تكبر الكسندرا؟ لماذا لم تبق في هذه الحياة؟ لماذا كانت ضحية الفساد؟ لماذا لن تفرح وتعيش مثلها مثل بقية الأطفال؟ لماذا حرمت أهلها منها؟ في رحيلها خسر أهلها طفلة بريئة، جميلة، نزيهة، ضحكتها تنسي الهموم وترسل الأمل والبهجة، في رحيلها غابت الضحكة عن والديها وعم الحزن في أرجاء المنزل!

ليليان شعيتو وأمل العودة إلى الحياة

ليليان شعيتو التي ما زالت تصارع في المستشفى لتعود إلى الحياة وتستعيد نشاطها، ٣ سنوات وهي عاجزة عن الحركة! سرق زوجها ابنها منها وطلقها وهي لا تدري ماذا يحدث أمامها ، آملة أن تعود إلى الحياة الطبيعية و أن يكتب لها الله مستقبلآ أجمل و أيامآ اجمل من الأيام التي سبقت! و مثل ليليان كثيرون يحاربون حتى الساعة في المستشفيات على أمل العودة إلى الحياة قبل مغادرتها.

سيسترد الشعب اللبناني حق الضحايا ولو بعد حين

٤ آب ٢٠٢٠، بدأ يوم طبيعي وانتهى يوم كارثي، يوم لا أحد كان يتوقعه، ثلاث سنوات مروا وكأن الكارثة قد وقعت البارحة. لا حقيقة! لا محاسبة للمجرم! لا معاقبة! التحقيقات توقفت منذ أكثر من سنة! الأيام تمر، الأهالي مرهقون من البحث والتحقيق، لكنهم لن يتوقفوا ولن يستسلموا من أجل أبناءهم! ما زالت الأم تبكي كل يوم على فقدان أولادها، كل شهر في يومه الرابع ينظم الأهالي وقفات وتحركات ويلقون كلمة مطالبين بالحقيقة، متى ستظر الحقيقة “الله وحدو بيعرف” شهدنا خلال هذه الأعوام الكثير من الاعتصامات من أجل الوصول إلى الحقيقة التي رميت في الجوارير ودفنت تحت سابع أرض، ما زال هناك أناس تصارع في المستشفى وتقاوم بعد أن أصيبت في تفجير المرفأ، ما زال هناك أشخاص مفقودين يتم البحث عنهم، ما زال الحزن عميق، ما زالت بيروت ترتدي الأسود ويغمرها الحزن والوجع، ما زالت الأم مشتاقة لضحكة ابنها وابنتها، ما زالت هناك بيوت غير مرممة بل مهدمة بعد الانفجار، لكن على الرغم من كل شيء نحن الشعب اللبناني الذي لا يتسسلم، نحن الشعب الذي لا يموت، من أجل شهدائنا سنحارب ونقاوم للنفس الأخير، سنعاقب ونحاسب، لن ننسى، لن نسامح، لبنان سيعود، وأبناءه هم من سيبنونه و يعيدون له الحياة، الشمس ستشرق والنور سيعود والظلام سيغيب، ثلاث سنوات ولو مر مئات السنين لن نتوقف قبل الوصول إلى هدفنا “العدالة” العدالة من أجل الشهداء ومن أجل الوطن!

٤ آب قضية بحجم وطن!

بقلم: مارفن عجور

 

أضف تعليقك هنا