نظرية التطور: الجوانب الدينية

لاّ يهم إن كانت النظرية الداروينية، نظرية ناجحة و قوية على المستوى العلمي، هكذا يرى أصحاب العقول الدينية، الذين يرون بأن الحديث عن نظرية التطور لابد أن يكون حديث حول مسألة ” الخلق ” لهذا نجدهم يتسائلون عن النظرة الداروينية لمفهوم ” الخلق الإلهي ” أي ماذا يتحدث داروين؟ و ماذا يُجيب عندما تتعلق المسألة بالدين؟ و هنا نحن لا يمكن لنا أن نبتعد بفكرنا _ مثلما تعودنا _ لنقول و نؤكد بأنه لا دخل للعلم بالدين و العكس صحيح ، أي لا دخل للدين في العلم .

داروين وكتاب “أصل الأنواع”

لابد الإشارة هنا _ في بداية هذه الرحلة الشاقة _ من أن داروين وضع حجر البداية لهذه النظرية من خلال أفكاره الهامة التي يدافع عنها في كتابه الرئيس ” أصل الأنواع ” و لم يكن يعلم بأنها ستحدث ثورة في ميدان العلم _ مثلها مثل ثورة كوبرنيكوس في علم الفلك _ و تُدرس في جميع أنحاء العالم ، ففي أول أيام الكتاب ( أصل الأنواع ) لا يمكن لأي إن كان أن يتفاعل مع أفكار داروين ، التي تبدو جنونية.

طالما أن السمكة بإمكانها أن تتحول لحيوان برمائي، كأننا نشاهد فيلمٍ للأطفال من وحي الخيال ، كذلك نحن عندما نتحدث عن مسألة التطور فكأننا ننفي وجود الخلق و الخالق ، هكذا هي الرؤية الضبابية التي يتسم بها كل من لم يدرس هذه النظرية دراسة هامة و جدية، بل هذه هي النظرة الخاطئة لكل من يعتبر بأن خلق الإنسان  يكون في ثانية ، أي كُن فيكُن .

الخلق لا يمكن أن يكون لحظيا

في ظل حديثنا الساخن هذا ، يجب على الإنسان أن يفهم بأن الخلق لا يمكن أن يكون لحظياً ، و في سرعة البرق ، فالخلق يأخذ فترات حتى خلق الرُسل و كذلك ” آدم ” فالعديد من العلماء يؤكدون بأن نظرية داروين تُفسر للكل كيف ظهرت الأنواع ، أي كيف جاءت الأجناس بما في ذلك الأجناس البشرية ، و هنا ليس بالضرورة أنها تُلغي الله.

و هذا في نفس الرأي عندما تتعلق المسألة بكيفية تكون هذا الكون الذي يجمع الكواكب و النجوم ، كذلك إن ما يلُم عنه الناس هو أن هذه النظرية تقوم على ” العشوائية ” و هو نقد عقلي من الممكن أن يفسره العلماء الذين يجادلون العلماء الماديون ، و أرائهم حول هذه المسألة ، التي يعتبرونها ذو قاعدة هشّة ، و بالتالي فليس هنالك أي تصميم من قبل الإله ، كُل ما في الأمر عشوائي.

رأي بعض علماء الدين بنظرية داروين

بعد ظهور كتاب داروين ، كتب الشيخ ” حُسين الجسَر ” و هو مفتي الديّار اللبنانية ، كتاباً هاماً بعنوان ” الرسالة المحمدية ” ، ناقش فيه تأثير النظريات العلمية على العقيدة الإسلامية ، و ركز على نظرية داروين ، ليؤكد حينها بأن هذه النظرية لم تُثبت ، و إذا ثبُتت ، فإنها ليس بالضرورة تتعارض مع الإسلام و الأديان الإبراهيمية ، كذلك أكد بأن تأويل بعض الأيات سيجعلنا نفهم فهماً صحيحاً للخلق.

و تجدر الإشارة هنا بأن هذا الشيخ يعدُ من القلائل من المسلمين الذين لا يتعارض كلامهم مع الأراء الداروينية ، تماماً مثل الشيخ ” يوسف القرضاوي ” الذي يقول بأن الإسلام لا يمنعنا من البحث في مثل هذه المواضيع ، فحتى إن ثبتت نظرية داروين ، عندنا من الأيات ما تدخُل فيها ، فلا شك بأن أهم سؤال يطرحه المسلمون ، و موجه لكل من يدافع عن هذه النظرية هو سؤال : ماذا لو تعلق الأمر بآدم ؟ أين آدم في هذه النظرية ؟ .

هذا السؤال الهام لا يمكن الإجابة عنه بهزة كتف ، لهذا مازالت الإجابة عنه تنتظر عقل عالمٍ طموح ، بإمكانه أن يخرج كل إنسان من حيرته الكبيرة هذه.

فيديو مقال نظرية التطور: الجوانب الدينية

 

 

أضف تعليقك هنا