البندقية، ما بين الحب والقتل

أهلًا بكم أصدقائي من جديد، بالتأكيد تساءلتم.. أين أنا؟ ولماذا لم أكتب منذ فترة، ولكن كانت لديَّ أسبابي؛ فأنا أكتب لكم الآن من غربتي.. نعم، لقد سافرت إلى المدينة التي لطالما كانت المفضلة.. كيف هي المفضلة وكيف “غربتي”؟ حسنًا هذا ما سأتحدث عنه الآن.

ڤينيسيا، إيطاليا، يونيو ٢٠١٨م

ما قرأته حقيقي بكل تأكيد، لا ليست مدينة الغردقة كما ظننت لأول وهلة، لقد سافرتُ إلى ڤينيسيا، وإنه لشعور رائع أن أكتب مقالتي هذه على إحدى شواطئ البحر الأدرياتيكي.

عندما اشتدَّ علي الحزن أخذتُ إجازة

في يومٍ من الأيام قد اشتد الحزن، وتراكمت عليَّ المشكلات، حينها أدركت أنه لا بد من أجازة ما، أو أمنية تتحقق، فاخترت ڤينيسيا، التي باتت واحدة من أهم أمنياتي، لأسباب سأذكرها أو لن أفعل.

قررت السفر إلى فينيسيا

كنت أعرف ڤينيسيا منذ زمن بعيد، فقد قرأت عن تاريخها القديم الممتلئ بالتفاصيل الصغيرة، كما أنني أقدِّر الجمال، وأي شيءٍ أجمل من ڤينيسيا وتاريخها يا سادة؟

ها قد حققت حلمي، وكل شيء تم بشكلٍ مثاليّ

مع الوقت، اكثرت من القراءة عنها، كما كثر بحثي عن مكامنها على الإنترنت وما إلى ذلك، وفي كل مرةٍ كان يشتد حبي واشتياقي لأن أكون بها. وها قد حققت حلمي، وكل شيء تم بشكلٍ مثاليّ، ولكن هل كانت حقًا جميلة أم خاب ظني بعدما اقتربتُ؟

بماذا يتمثل جمال فينيسيا؟

جمال ڤينيسيا يتمثل في أنها مدينة النهضة، وعصر الفن الكلاسيكي، حيث كان لها دورٌ مهم في تاريخ الموسيقى السيمفونية والأوبرالية في القرون القديمة، وتحديدًا ما بين الرابع عشر والسابع عشر. كل شيءٍ في ڤينيسيا له جمال فني، حتى المعقدة منها.

فالمواصلات مثلًا رغم صعوبتها، إلا أنها —لولا ذلك— لم تكن لتتيح لنا وسيلة أساسية أخرى بديعة، وهي الجناديل، تلك التي تسير في المياه، يكفي أن تنتقل بها من ميدان (سان ماركو) مارًا بكنيسة المنطقة إلى متحف الزجاج الملوّن، أو إلى جزيرة (مورانو) عامةً.

الغربة صعبة للغاية كلنا نعلم ذلك

الغربة صعبة للغاية كلنا نعلم ذلك، ولكنني في بلدٍ جميل، وسط تاريخ عريق، وفن راقي، فلا خوف. هل وجدت صعوبات؟ بالطبع.. منها ما كان في التعامل مع الناس وفهم أدمغتهم، ومنها ما كان بسبب اللغة، وغيرهما.

اشتقت لموطني كثيرًا

اشتقت لموطني كثيرًا، ولكن كانت ڤينيسيا تجذبني بشيء ما في كل مرة، وحينها —لأكون صريحًا— كانت تُنسيني كل الصعوبات والحنين. أحبها؟ بالتأكيد أفعل ولكنها كانت تقتلني أوقاتًا كثيرة، وتحتضنني أحيانًا. مشاعر كثيرة متضاربة، وهي —بحسنها وسوءها— السبب.

لا أعرف ما إذا كنت سأعود إلى مصر أم لا، ولكن ما أعرفه أنني إن كنت أستمتع بجمال فينيسيا لحظات كثيرة، أبدًا لن أنسى تلك المشاعر التي اجتاحتني بسببها.

عندما تُقبل على شيءٍ جديد جميل بالتأكيد ستصبر على صعوباته

عندما تقبل على شيءٍ جديد جميل، تحبه، وبات المفضل بالنسبة لك، فأنت بالتأكيد ستصبر وتتحمل صعوباته بعدما يأتي، ولكن ماذا إن تعدَّت الصعوبات حدودها، وما بالك إن لم تكن تضع لها حدودًا من البداية أصلًا، ولكن بسبب كثرتها اكتشفت أنها تعدت —حتی— اللا حدود هذا الذي اخترته أنت؟

من أجلها فعلت الكثير

من أجلها فعلت الكثير؛ هي تستحق فيض من الحب بالطبع، وهذا ما أفعله، كما أنني أدرك تمامًا أنه في حالات العطاء الممتزجة بالحب لا يجب عليك انتظار المقابل. فقط اعطِ وافعل ما عليك. ولكنها من أجبرتني على انتظار شيء ما.. أي شيء.

علمتني ڤينيسيا ألّا أتوقع أكثر

علمتني ڤينيسيا ألّا أتوقع أكثر —وهذا لن يكلفني شيئًا— كي لا أتألم أكثر. ولكن ألا يجب علينا رفع مستوى التوقعات عندما يرتبط الأمر بشيء نحبه؟.. امم.. ربما أكون أنا المُخطئ ها هنا.أنا لستُ سائحًا —إن أردتِ النفاق— ولكنني واحد من مواطنيكِ الآن، ألا أستحق؟ لا أعتقد، فقد منحتيني حبك كثيرًا.. أحيانًا.

سبب عدم عودتي إلى مصر

حاولت في المرة الأخيرة أن أعود إلى مصر، منذ يومين تقريبًا، ولكن —كما تعرف— زيادة الأسعار والقمع والظلم، بالإضافة إلى عدم وجود حياة هناك، كل هذا أجبرني على العدول عن قراري، واخترت إنهاء روايتي الأولى عند جسر (ريالتو) هنا؛ فنصف حياة أفضل من اللاحياة.أو ربما الأخيرة أفضل.. ما رأيكم؟

فيديو مقال البندقية، ما بين الحب والقتل

 

 

 

أضف تعليقك هنا