القناعة مال لا ينفد

بقلم: زين العابـدين مروان عثـماني

في غرفتي، جالساً وأتصفح حاسوبي الشخصي كالعادة إذا بي أفتكر مواقف الرسول صل الله عليه وسلم وأصحابه الأخيار التي قرأتها حول القناعة والإيثار، وهو ما أثر في نفسي كثيراً، ودفعني لأكتب بأناملي حول الموضوع.

عصفور في اليد ولا عشرة على السطح

المواقف التي تشاهدها والتي تمر أمامك تدفعك للتعبير إما فعلاً أو قولاً، ولعل البيئة التي نقطن فيها وأخص بالذكر ولاية أدرار تدفعك لقول الكثير وفعل الكثير، وهو الرأي الذي شاطرني فيه صديقي.

عصفور في اليد ولا عشرة على السطح، هذه الأخيرة جملة فقط، ولكنها تعني الكثير والكثير لشدة قوتها محتواها وصلب مغزاها، يفتقد الكثير منا لسمة القناعة سواء في الأكل أو الشراب أو الملبس أو العلم… الكثير من ليس قنوعاً إلا من رحم ربي.

من وحي الواقع فإن القناعة لا تتواجد إلا في النفوس الرفيعة

قبل مجيء ابن آدم إلى الحياة الدنيا قسم له الله تعالى رزقه الذي سيمضي به سنوات عمره، وهو بين وفرة تارة وقلّة تارة أخرى، أسعد الناس من تختبئ ” القناعة ” في قلبه، راضٍ بقسمة الله مهما كان مقدارها وشكلها، وأخص بالذكر الفقراء والمحتاجين كونهم أغلب الناس إدراكاً لمدى حقارة هذه الدنيا ودناءتها وأنها ستؤول إلى الزوال لا محالة

القناعة كنز لا يفنى حقاً وقد رأيتها في أبهى حلتها أمام أعيني في الأسبوع الأول من شهر رمضان الكريم، وكالعادة في بيتي الثاني جمعية ناس الخير أدرار نوزع وجبات الإفطار على أصحاب الشاحنات بين الولايات، رأيتهم يتهافتون ويتزاحمون على تلك الواجبات التي نقدمها، الكل يريد الحصول على وجبتين، لا ندري ما نفعل أمام هذا التصرف؟ ثم كالعادة في طريق العودة نمر بامرأة وابنتها وضعيتهما عسيرة لنعطيهما الوجبة الخاص بهما، عندما وصلنا لهما دار بيننا الحوار التالي:

-الكاتب: السلام عليكم، تقبل الله منا ومنكم تفضلي الوجبة الخاص بك

-الابنة: أعطني وجبة واحدة فقط تكفي.

-الكاتب: أليست معك والدتك؟

-الابنة: نعم، ولكن وجبة واحدة تكفي لكلانا.

سبحان الله، وجبة واحدة تكفي لكلاهما، بدأت أتخيل وأقارن ماذا حدث مع أصحاب الشاحنات وما فعلته هاته الابنة البارة، فعلا القناعة كنز لا يفنى ولا يدركها سوى القلة.

نتيجة لما سبق 

نستنتج مما سبق أن القناعة ميزة قيّمة تتجلى في سلوكنا وتعكس لنا مدى قوتنا في عواصف الحياة وتقلبات الزمان، ونرى من خلالها نفسنا الطيّبة ومعدننا الأصيل، فنجده أكثر الناس عطاءً وحباً للخير وإعانة للغير. قال جلّ في علاه:” ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة”، فالقصة السالفة الذكر تبرز لنا أنه وعلى الرغم من الوضعية المعيشية التي قد تكون عسيرة في أغلب الأحيان، إلا أن الشخص القانع سيكون أكثر الناس عطاءً وحباً للخير وإعانة، لا يمانع في مدِّ يد العون والمساعدة ولو بالشيء القليل.

وقد صدق من قال أن القناعة كنز لا يفنى، وهي بئر خير لا ينضب، لا أجد أفضل ما أختم كلماتي به إلا قول سيدي الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله: إني لا أسأل الله الرزق فقد فرغ من قسمته، ولكني أسأله البركة فيه.

_ اللهم ارزقنا القناعة والرضى بأرزاقنا وامنن علينا بالخير والبركات_

بقلم: زين العابـدين مروان عثـماني

أضف تعليقك هنا