هل ياسر وزامل أصدقاء زائفون؟

كنت قد تحدثت في مقالي السابق عن صعوبة مهنة الترجمة كونها ليست بالمهمة السهلة نظرًا لكثرة المشاكل التي قد يواجهها المترجم بسبب اختلاف الثقافات مابين اللغة المترجمة منها وأقصد بها اللغة المصدر واللغة المترجم إليها واقصد بها اللغة الهدف.

اللغات والثقافات

اليوم أود أن أتحدث عن ضاهرة لغوية قد تسبب العديد من المشاكل للمترجم خاصة إذا ما كانت المهمة مابين ثقافتين مختلفتين وليس فقط لغتين مختلفتين كما ذكرت سابقًا حيث يمكن أن تختلف اللغات لكن الثقافات قد تكون متقاربة فلا يكون هناك كم كبير من الإشكالات الترجمية كما هو الحال بين لغتين تختلفان تمامًا من الناحية الثقافية.

موضوعنا لهذا اليوم قد يحدث أيضًا في اللغة الواحدة ولكن بين اللهجات المختلفة، موضوع اليوم هو عن ماقد يمكن تسميته في اللغة العربية ب(الأصدقاء الزائفون) وفي اللغة الإنكليزية يسمى (false friends) وفي اللغة الفرنسية يسمى(faux-amis)، الأصدقاء الزائفون هي مجموعة من الكلمات التي توجد في لغتين أو أكثر ويكون لها نفس الشكل من حيث الكتابة الى حد كبير (graphological form) ونفس اللفظ لكن بمعنى مختلف تماماً عن اللغة الأخرى كما أن وجود تلك الكلمات لايقتصر على اللغات المختلفة بل أيضا قد تكون تلك الكلمات في اللغة الواحدة مع اختلاف اللهجات كما هو الحال في اللغة العربية.

سبب وجود الأصدقاء الزائفون بين اللغات قد يعود إلى أسباب متعددة منها 

  1. اقتراض تلك الكلمات من مصدر واحد من قبل لغات متعددة (كما هو الحال مع الكلمات اللاتينية الموجودة في اللغة الإنكليزية واللغة الإلمانية) ولكن استخدامها يختلف إلى حد ما مابين اللغتين.
  2. التغير الدلالي للكلمة في أحدة اللغات المقترضة (  Semantic Shift )  مع مرور الزمن بسبب بعض المعاني الإيحائية الأخرى التي قد تضاف إلى تلك الكلمة  فيصبح المعنى الجديد هو السائد ويذهب المعنى القديم للكلمة مع ثبات معنى الكلمة في اللغة الثانية أو اكتسابها معنى إيحائياً مختلف قد يكون سلبياً أو إيجابياً أو محايد وفي كل الأحوال تسبب للمترجم نوع من الإرباك في الترجمة

أما على صعيد اللغة العربية فنجد هناك العديد من الأصدقاء الزائفون مابين لهجاتها المغربية والتونسية والخليجية والليبية والمصرية والعراقية والجزائرية ….الخ.

اختلاف اللهجات يضيع المعنى الحقيقي بالترجمة

دعونا نفكر كيف توثر تلك الكلمات على الترجمة خاصة بين اللهجات العربية ومن أجل توضيح ذلك بشكل أكبر لنأخذ على سبيل المثال “الكلمة الليبية ياسر”، فلو افترضنا أن مترجماً عراقياً أراد أن يترجم ترجمة فورية لشخصية سياسية تتحدث اللهجة الليبية تزور العراق وفي لقاء صحفي وأثناء كلام تلك الشخصية يسأل أحد الصحفيون الأجانب سؤال قد يزعج المتحدث فيقول له المتحدث (ياسر,ياسر) فكيف تتخيل سوف يكون موقف المترجم الذي المدعو زامل؟ لربما يخفى على العديد من العراقيين من أن كلمة( ياسر) في اللهجة الليبية تعني” كفى” وليس أسماً

فقط كما هو عليه الحال في اللهجة العراقية لذلك سوف نرى المترجم العراقي المسكين يتلفت يميناً ويساراً ظناً أن المتحدث يبحث عن شخص اسمه ياسر، أما المصيبة الكبرى أذا ما علم المترجم زامل أن اسمه في اللهجة الليبية يعني الشخص الشاذ جنسياً وليس الزميل أو الرفيق كما هو الحال في اللهجة العراقية، في الحقيقة هناك عدة أمثلة على الأصدقاء الزائفون مابين اللهجات العربية فيما يلي اذكر لكم منها الأكثر غرابة…

نماذج عن اختلاف اللهجات

  • (الله يعطيك العافية: ( في اللهجة المغربية لا تعني تمني الصحة والعافية للشخص المقابل بل على العكس فهي إهانة له وذلك لأن كلمة (العافية) في اللهجة المغربية تعني النار وبقولنا لشخص مغربي ( الله يعطيك العافية) فنحن نقول له (الله يرميك في النار).
  • (عيش): في اللهجة المصرية كلمة “عيش” تعني شي مختلف تماماً عن اللهجة الخليجية ففي الخليج الكلمة نفسها تعني “الرز” وليس الخبز
  • (خدام):ركلمة “خدام ” في اللهجة المغربية تعني “عامل” وليس فيها أي إساءة للمتلقي أما في اللهجة اللبنانية والسورية والعراقية على سبيل المثال فيها نوع من الإساءة للمتلفي وفيها نوع من قلة الاحترام.
  • (حوت): في تونس كلمة حوت لاتعني الحوت الذي أنت تعرفه بل تعني سمكة أي سمكة كانت، فأن كنت مدعواً لتناول العشاء في أحد المطاعم في تونس يمكنك أن تطلب حوتاً مع بعض المقبلات.
  • (العظم): في تونس كلمة “العظم” لها معنى ثان “بعيد جدا” عن العظم و ليس له صلة بالعظم لا من قريب ولا من بعيد، فإن كنت في تونس وأحببت أن تفطر على بيض مقلي فعليك أن تطلب عظماً مقلياً لأن البيض في تونس يطلق عليه عظماً.
  • (باسل): كلنا نعرف أن الباسل هو الشخص الشجاع والمغوار لكن لو كنت في الجزائر وقال لك أحدهم أنك باسل فلا تفرح لأنه ما مدحك بل قد ذمك لأن كلمة باسل في اللهجة الجزائرية تعني “الشخص الثقيل على القلب”.
  • (شيخة): في المغرب، تعني كلمة شيخة “الراقصة” وكذلك تستخدم الكلمة إشارة للفتاة التي لا أخلاق لها، أمّا في اللهجة الخليجية والمصرية واللبنانية، فلاتدل الكلمة على أي معنىً سلبي بل على العكس من ذلك.
  • (مكوى): كلنا نعلم أن كلمة مكوى يقصد بها مكان كي الملابس إلا أن الكلمة قد تطورت دلالياً في بعض اللهجات فكتسبت معنى سلبياً كما حدث في اللهجة الخليجية فأصبحت الكلمة تعني (مؤخرة الإنسان) إضافة إلى معناها الأصلي لذلك أصبح من المحرج جداً استخدامها في اللهجة الخليجية مما أدى إلى استخدام الكلمات الأجنبية الدخيلة على اللغة العربية ككلمة (لاوندري) بدلاً عن كلمة مكوى التي قد تفهم بشكل سيء.

فيديو مقال هل ياسر وزامل أصدقاء زائفون؟

أضف تعليقك هنا