مقاطعة فيسبوك، هل هي آخر مسمار في نعش الشعبوية؟

مقاطعة فيسبوك، هل هي آخر مسمار في نعش الشعبوية؟ بقلم Enrique Dans ترجمة عمار الحامد أحد أثرى أثرياء العالم، مارك زوكربيرج، يبدو قلقا هذه الأيام. كيف لا وشركته “فيسبوك” تواجه هذا الشهر ما قد يعتبر المقاطعة الأخطر من قِبَل المعلنين في تاريخ الدعاية التجارية.

“لن يتغير فيسبوك”

إذ انضمت بالفعل إلى الدعوة التي أطلقتها العديد من جمعيات الحقوق المدنية الأمريكية تحت عنوان “أوقفوا الكراهية من أجل الربح” شركات مثل The North Face وPatagonia وVerizon وUnilever وFord وPepsi، في حين اكتفت شركات أخرى مثل Coca-Cola وMicrosoft بتعليق إعلاناتها على الشبكات الاجتماعية في الوقت الراهن. وسبق واعتذر زوكربيرج بالفعل ووعد بإجراء تغييرات، ولكن المشكلة هي أننا سمعنا هكذا وعود من قبل، ويبدو المشهد من داخل فيسبوك مناقضًا لتلك الوعود تماما، حيث ينقل عن زوكربيرج قوله: “لن يتغير فيسبوك”، وأنه أعلن لموظفيه إنه: “يتوقع عودة المعلنين عما قريب”. وخلافاً لتوقعات الكثيرين، فإن هذه المقاطعة لا تتمحور حول قيام دونالد ترامب بالتشجيع على العنف وتصاعد خطاب الكراهية الذي سبق وتعاملت معه شبكات اجتماعية أخرى مثل تويتر، بل حول مشاكل قديمة عالقة منذ زمن.

مالغرض من وسائل التواصل الاجتماعي؟

من المفترض أن تكون الشبكات الاجتماعية منتدًى عاماً يجري فيه تبادل مجموعة واسعة من الأفكار والأخبار والآراء بمختلف مستوياتها. بيد أن أداء معظم هذه الشبكات انحط إلى مستوى الحضيض، فكان أن تحولت إلى مجرد مساحة لتبادل الشتائم والأخبار الزائفة ونظريات المؤامرة، وهنا تكمن المشكلة، ومنذ مدة ليست بالقصيرة، اكتشفت فيسبوك أن هكذا سلوك يصب في مصلحتها؛ ففي الأوقات العصيبة كما الظرف الراهن، يقضي الناس مزيداً من الوقت في تصفح الشبكات الاجتماعية، ما يعني زيادة في عائدات الإعلانات، عندما تنخرط في مناقشة سياسية حامية، فأنت تقدم معلومات عن نفسك أكثر مما تظن بكثير، وتقدم بيانات قيمة للشركات لإدارة إعلاناتها.

ونتيجةً لذلك

فإن هذه الشركات، من ناحية، تزيد جهودها لبيع منتجاتها أو خدماتها لك، ومن ناحية أخرى، يمكن لفيسبوك بيع ملفك الشخصي، الذي كلما عرف عنك بشكل أفضل ارتفع سعره أكثر، ويا له من عمل مريح لو كان بمقدور المرأ الحصول عليه. علمت فيسبوك منذ مدة أن خوارزمياتها تنطوي على خطورة من نوع ما، غير أن الشركة، وبحسب مستنداتها الداخلية، قررت الاستفادة من هذا المنحى، فمفاهيم الرفاهية الاجتماعية، وتحقيق التوازن بين المواقف المختلفة، وقيم الديمقراطية، جميعها رهن للمكاسب التجارية.

كيف اختار مارك القرار الأكثر ربحية؟

ويوم امتنع زوكربيرج عن تحويل شركته إلى نقطة انطلاق لحملات جيوش المتصيدين عبر الإنترنيت والملفات الشخصية المزيفة التي تديرها قوى أجنبية، أي أن تكون شركته منطلقاً لاستهداف العديد من الأشخاص ممن صوتوا لصالح ترامب، فإنه وبكل وضوح وقع اختياره على القرار الأكثر ربحية. ففيسبوك التي كان لديها قواعد واضحة حول كيفية استخدام المنصة، أعادت صياغة هذه القواعد لتتلاءم واحتياجات الرئيس الحالي للبيت الأبيض.

فيسبوك رغم الأزمة مازال مستمرًا

تواجه فيسبوك هذه الأيام مقاطعةً قد تكلفها ملايين الدولارات… ولربما لا تكلفها الكثير، إذ على الرغم من استثمار الشركات الكبيرة لكثير من الأموال في الإعلانات، فإن عدد لا يحصى من الشركات الصغيرة والمتوسطة تستخدم منصة فيسبوك أيضاً، وهذه الشركات تنتهج نهجاً أكثر واقعية، فترى في هذه المقاطعة فرصةً لإعلاناتها لكي تبرز بشكل أكبر. وبعيداً عن العواقب التي قد تترتب على فيسبوك، فإن ما يهمنا على نحو متزايد هو ردة فعل المجتمع إزاء طريقة التفكير والتصرف تجاه شعبوية ترامب أو بولسونارو أو بوتن، الزعماء الذين تتصدر بلدانهم عدد الوفيات بين ضحايا كوفيد-19.

كيف تنعكس وسائل التواصل بشكل سلبي على السياسة؟

إلى مستوًى قياسي غير مسبوق تدنت شعبية دونالد ترامب، فقد أسفر وعده ب”جعل أميركا عظيمة مرة أخرى” عن بلد تعصف به جائحة، ومبتلى بتوترات عنصرية، وبارتفاع بمعدلات البطالة، ويرزح تحت وطأة أزمة اقتصادية حادة. وعلى حد قول أحد المعلقين: لو قدر لترامب أن يكون في السلطة خلال الحرب العالمية الثانية، لكنا جميعاً نتحدث الألمانية الآن. وشهدت الأسابيع الأخيرة قيام إدارة تويتر بإزالة أو إخفاء أو تعديل العديد من تحديثات ترامب الهوجاء وانتقاداته اللاذعة. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، تم إغلاق العديد من منتديات متابعيه على Reddit وكذلك إزالة مقاطع الفيديو الخاصة به من Twitch. ختاما، دعونا نأمل أن لا يقتصر الأمر على فيسبوك فحسب: وإنما ليكون آخر العهد بنمط التفكير الشعبوي الذي هيمن على العديد من البلدان في العقد المنصرم، والذي على وشك إحراق نفسه بنفسه.

ملاحظة

المقال مترجم عن: https://goodmenproject.com/politics-2/could-the-facebook-boycott-help-put-a-nail-in-the-coffin-of-populism/

فيديو مقال مقاطعة فيسبوك، هل هي آخر مسمار في نعش الشعبوية؟

 

أضف تعليقك هنا

عمار الحامد

كاتب ومترجم حر وأستاذ لغة إنجليزية من العراق