الاستغلال السَّلبي

منَّ الله علينا بنعمٍ كثيرةٍ لا بمكن أن نحصي عددها ولا نؤدِّي فضلها غلَّا بكسب رضاه والامتثال لأوامره، فكيف لامرءٍ يظنُّ بأنَّ التَّسلُّق على أكتاف الآخرين نعمةٌ لا يمكن التَّخلِّي عنها باعتبارها مصدر تمويله الأساسي في مجالاتٍ عدَّة.

ما السبب وراء اتخاذ بعض الناس أساليب سلبية لتحقيق مآربهم؟

هلَّا تساءلنا عن الأسباب التي تدفع بالبعض من النَّاس لاتِّخاذ طرق ملتوية أو ضالَّة في الحياة؟ علماً بأنَّ المسير في هذا المضمار له عديد من الصُّعوبات والمشاكل والعواقب الوخيمة، بينما الانطلاق والاتِّجاه نحو الصَّواب والاستقامة على الطَّريق الصحيح أكثر سهولة وأفضل نتائج لمن أراد الرَّاحة وتجنُّب العقبات.

لا شكَّ أنَّ في اتِّخاذ بعض النَّاس أفاعيل مثل الحيلة والمكر أو استغلال الآخرين للوصول لمآربهم وأهدافهم وما يودَّون تحقيقهُ من غايات يسبقه مقدِّمات وطموحات تدفعهم لاتِّخاذ مثل تلك القرارات أو الأمور المشينة سواء كانت ذا شأنٍ بسيط أم ذا شأنٍ مصيريّ. 

لماذا يلجأ البعض إلى الأساليب السلبية لتحقيق مآربهم؟

إن من يلجأ إلى أساليب الحيلة والمخادعة تلك أو إظهار المحبَّة المزيّفة وتوجيه المديح المبطَّن وتوسيع دائرة علاقاته متعمِّداً في تعامله مع نفسه ومع الناس، فذلك يعني أنَّه يختزِل في ذهنه وقناعاته العقلية والعاطفية نوعاً ونمطاً من التَّربية يجرُّه دون إدراكٍ أو وعيٍ بل في معظم الأحيان يكونُ تغابياً وتجاهلاً مع الابتعاد عن تلبية الرَّادع الذَّاتي والوجداني فضلاً عن الرَّاع الدّيني إلى تجاوز الحرمات والحقوق والانسانية التي تحذِّره دائماً من مغبَّة الاستغلال والسّلوك الأناني والتفكير الذي ينبع عن حبِّ الذَّات والدُّنيا. 

إنَّ صاحب الحيلة والمكر عادةً ما يوصف بأنَّه يرغب في الصُّعود على أكتاف الآخرين والتَّسلُّق على ثرواتهم المادِّية والمعنوية حيثُ يستنزف طاقاتهم البشريَّة ولا يؤدِّي الحقوق الكاملة، إنَّما يسبح عكس التَّيار، وأقصد به التَّيار الذي رسنه الله للبشر في الحياة، لأنَّ من المفترض بكلِّ إنسانٍ على وجه الأرض أن يتعامل مع النّاس ومع من حوله وفق ما تمليه عليه قواعد الفطرة والإنصاف والرَّحمة، فضلاً عن ضرورة التَّعامل معهم بناءً على ما شرعته تعاليم السَّماء والقرآن الكريم وأهلُ البيت(سلام الله عليهم)، وما جاؤوا به من قيمٍ وأخلاقٍ فاضلة.

ومن تعاسته أنَّه يرغب بالضَّحك على اللِّحى ويريد الاستفادة من نقاطِ ضعف النَّاس واستغلال تعاملهم الطَّيب وثقتهم به، أنَّه يتجاهل متعمِّداً، حقوق الآخرين ويتجاهل ما ينتظره من العواقب الوخيمة وأنَّ الأمر مكشوفٌ لا محالة مهما أظهر من الذَّكاء والدَّهاء.

ما هي الآثار السلوكية التي يخلفها الغدر في شخصية الإنسان؟

من يسلك طريق الغدر والحيلة والمكر متستِّراً بعباءة التَّفاني والشَّفافية تُعمى بصيرته وتتفشَّى به أسوأ الأمراض النَّفسيَّة كالتَّكبُّر والطَّمع والجشع، إذ أنَّه لولا تكبُّره لكان قد ملك البصيرة وأمكنه التَّعرف على حقوق الآخرين، ولولا الطَّمع والجشع لتنعَّم بفضيلة القناعة وما كتبه الله له واكتفى بـ: 

هي الدُّنيا فلا تركن إليها                ولا تجعل لها في القلب قَدرا

ومُـــدَّ يداك للرَّحمن دوماً                فربُّــك لــن يرُدَّ يــداك صِفرا

فيديو مقال الاستغلال السَّلبي

أضف تعليقك هنا