بقلم: راوية حسن إبراهيم أبو الخير

تعد المعرفة في عصرنا الحالي بمثابة ميزة تنافسية، لذا فإن معظم المؤسسات اليوم تهتم بالموجودات الفكرية أكثر من الموجودات المادية، حيث أن التعظيم في الموجودات المادية يأتي بفعل توافر الموجودات الفكرية. (رأس المال الفكري في الجامعات).

ويعتبر الاهتمام بفعالية المنظمة هو الاهتمام برأس المال الفكري( المعرفي) باعتباره أهم الموارد و الأصول غير الملموسة لصنع التقدم والنمو في المؤسسات بشكل عام والجامعات بشكل خاص ، مما حث الجامعات للحصول عليه واكتسابه وتخزينه ونشره والاستفادة منه لتؤمن لنفسها فرص النجاح والاستمرار.

أين يكمُن رأس المال الفكري؟

و يكمن رأس المال الفكري في عدد من الكفاءات البشرية ذات القدرات والخبرات المعرفية والتنظيمية، والتي تمكن من توليد عدد من الأفكار الجديدة و التي بدورها تدعم تحقيق استراتيجيات تطوير المنظمة. (عبد العزيز، 2012 ، 76 ).فرأس المال الفكري لأي مؤسسة يتمثل بصفوة من العاملين بأي مستوى إداري ؛ يمتلكون مجموعة من القدرات المعرفية والتنظيمية دون سواهم ، تمكنهم هذه القدرات من ابتكار أو تطوير الأفكار ، التي تمكن المؤسسة من مضاعفة نقاط قوتها في السوق مما يساعدها على اقتناص الفرص للتميز والنجاح.

في ضوء ذلك أصبحت معظم المؤسسات تبحث عن الثروات الفكرية و المهارات و الأفكار الإبداعية و المبتكرة الكامنة في مواردها البشرية، وغير المستغلة، والعمل على تنميتها حتى يمكنها الاستثمار فيها لتوليد قيمة مضافة و الوصول إلى مراكز استراتيجية أفضل في ظل هذه ظروف اقتصادية صعبة.

هل تعتبر الجامعات الحاضنة لرأس المال الفكري؟

وتمثل الجامعات أساس التنمية في شتى المجتمعات المتقدمة كما تعد بمثابة الحاضنة لرأس المال الفكري ، والمستثمر الأول في المعرفة، حيث تمتلك الأسس المعرفية القوية متمثلة بالعناصر البشرية والتقنية، و التخصصات العلمية المتنوعة، و مراكز الأبحاث والدراسات ونظم المعلومات وبما تسهم به في خدمة المجتمع ، ولكنه وعلى الرغم من ذلك فإن الواقع الحالي يشير إلى أن معظم هذه الجامعات تعانى من تواضع رأس المال الفكري بها، ومن ثم انخفاض إنتاجيتها العلمية بشكل لا يلبي متطلبات خطط التنمية في عصر يتسم بالعولمة والمعرفة.

ولا يخفى على أحدكم ما تعاني المؤسسات عموماً والجامعات خصوصاً من أزمات ومشكلات عديدة، التي يصعب حلها، والتي تلقي بظلالها على المسيرة التعليمية في تلك الجامعات.ومما لاشك فيه أن تنمية رأس المال الفكري  قد يوفر لتلك الجامعات المرونة الكافية لتطوير أنشطتها  وخدماتها التعليمية وتعزيز قدراتها من خلال استثمار بعض الموارد البشرية  المتميزة بها.

والجامعات قد تكون بيئة خصبة لاحتضان هذه النخب المعرفية  ، فالأجواء التعليمية في الجامعات  تكتسب الصفة الإنتاجية والابداعية  ، والتي تتمتع بأهمية خاصة نظرا لأهمية دور الجامعات  الفاعل في تقدم المجتمع ومواجهة المتغيرات المتسارعة التي يعيشها المجتمع. فالاهتمام برأس المال الفكري هو أحد العوامل الهامة لمساعدة تلك الجامعات  للوصول إلى مركز تنافسي متميز.

ماهيّة رأس المال الفكري

رأس المال الفكري هو ” تطبيقات الخبرة، تكنولوجيا المنظمة، العلاقات مع الزبائن و المهارات الاحترافية و التي تمنح المنظمة ميزة تنافسية.”(صلاح ، وسليمات،2007، 72).ويشير” مرسي” إلى أن رأس المال الفكري عبارة عن صفوة العاملين الذين يمتلكون قدرات عقلية ومهارات بحيث يكونوا قادرين على الابداع وانتاج أفكار جديدة قادرة على وضع المؤسسة التنافسي وزيادة إنتاجيتها وتقليل الكلف وتعظيم نقاط القوة داخل المؤسسة، ولا يشترط توافر شهادة أكاديمية في رأس المال الفكري ولا تتحدد في مستوى إداري معين ساعين من خلال ذلك اقتناص الفرص والمحافظة على الأفراد والإسهام في تطور المجتمع بل والعالم بأسره.(مرسي ،2013،7).

كما ويوضح “مشمش” أن رأس المال الفكري هو : كل ما تمتلكه الجامعة  من أصول غير ملموسة؛ متمثلة في كفاءة العاملين الأكاديميين والإداريين في الجامعة ومهاراتهم، وخبراتهم، ومعارفهم بالإضافة لما تمتلكه من علاقات خارجية، وعضويات محلية وإقليمية وعالمية، وهيكل تنظيمي، وبنية تحتية ملائمة وداعمة لبيئة صحية تعلمية؛ ما يسهم في إكسابها قدرة تنافسية مقارنة بالجامعات المماثلة.”(مشمش،2018،104).

وبصفة عامة يمكن القول أنه ” أحد ركائز رأس المال البشرى للمؤسسة ويتكون من نخبة من العاملين بها بغض النظر عن المسمى الوظيفي ؛ لديهم قدرات معرفية ؛ هي مزيج بين التعليم ، الخبرة ، التدريب والمهارة ، ويسعى إلى تعزيز القدرة التنافسية للمؤسسة.

أهمية تنمية رأس المال الفكري في الجامعات

من المؤكد أن رأس المال الفكري في الجامعات الذي يمثل الأصول غير الملموسة بأي منظمة هو من أهم الموارد لخلق القيمة والاستمرارية والنمو التي يجب استغلالها وإدارتها بشكل سليم ، فتنمية و تطوير رأس المال الفكري عنصر أساسي ومهم للعمل في الجامعات حيث يعمل على زيادة القدرة التنافسية، وذلك من خلال استثمار الأفكار الجديدة و الابتكارات ، والاستفادة منها لصالح هذه الجامعات ، في تطوير الخدمات التي تجذب الطلبة ، وتعزز الانتماء والولاء لتلك الجامعات . مما يساعد في تطوير الوضع الحالي لها.

متطلبات تنمية رأس المال الفكري في الجامعات

من أهم المتطلبات التي تساعد في تنمية رأس المال الفكري وتدعيم البنية التنظيمية في الجامعات:

• تبني الجامعات لاستراتيجية التنمية المستمرة لرأس مالها الفكري، و الاهتمام بالأفراد المتميزين ورعايتهم بما يمتلكون من معارف وقدرات ومهارات إبداعية ، لتسخيرها لصالح الجامعة.
• التعيين و الاستقطاب الصحيح ويتمثل في تعيين الأشخاص المؤهلين و أفضل المواهب البشرية لاختيارهم في شغل الوظائف الشاغرة في الجامعة .بمعنى آخر : “وضع الرجل المناسب في المكان المناسب “.أي أن تتمتع الجامعات بنظام فعال في عملية الاختيار.
• الاهتمام بالعنصر البشري وإغناؤه وتشجيع المهارات والمعارف ؛ إذ تحتاج الجامعات إلى الأشخاص الذين يمتلكون المعرفة والمهارة، فهم يعتبرون المخزون الاستراتيجي من المهارات والمعرفة للجامعة ، وبالتالي فإن على الجامعات تشجيع الأفكار المستحدثة والابتكار والتجديد. من خلال تشـجيع العـاملين وتحفيزهم علـى الانضمام لبـرامج التدريب وتبادل المعارف وتشاركها واكتسابها فيما بينهم .
• المحافظة على الموارد البشرية القائمة (الحالية ) والاحتفاظ بالكفاءات البشرية غير العادية ، وذلك عن طريق التدريب والتعليم المستمر والتحفيز الدائم سواء بالحوافز المادية أو المعنوية .
• تــوفير نظــم الإدارة القائمــة علــى الثقــة ودعم التجديد.
• بالإضافة إلى توفير أسس لنقل الخبرات بين الاجيال المتعاقبة من العاملين بالجامعة.
• الاهتمام بالعملاء ، وهم الفئة المستهدفة من طلبة وأولياء أمور وباحثين ومؤسسات وغيرهم : وذلك بالمحافظة على تلبية احتياجاتهم والنزول على رغباتهم حيث يمثل رضا العملاء أساس نجاح الجامعات .

المراجع

1. عبد العزيز، أحمد .(2012). اقتصاد المعرفة كمدخل لتحقيق التفوق الاستراتيجي للجامعات المصرية في إدارة أرس المال الفكري باستخدام نموذج الاتجاهات الثلاثة IC WAY – THREE “رؤية استشرافية”, مجلة مستقبل التربية العربية, المجلد: 19 ,العدد:75. مصر.
2. مشمش، أشرف .(2018). واقع تنمية رأس المال الفكري في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة من وجهة نظر العاملين بالوظائف الإشرافية. مجلة الجامعة العربية الأمريكية للبحوث : مجلد4 العدد 2. فلسطين .
3. مرسي ، شرين . (2013) . دور التعليم الجامعي في تنمية متطلبات راس المال الفكري” دراسة مستقبلية “. جامعة بنها ، مصر .
4. Abdul latif, SALAH and Fauziah, SELAMAT, « Intellectual Capital Management in Malaysian Public Listed Companies », INTERNATIONAL REVIEW OF BUSINESS RESEARCH PAPERS, Vol 3, N° 2, March 2007, p 263

(اقرأ المزيد من المقالات على موقع مقال من قسم إدارة، وشاهد مقاطع فيديو موقعنا على اليوتيوب).

بقلم: راوية حسن إبراهيم أبو الخير