همة الشيخ عدنان والشيخ نعمة الله

بقلم: الشيخ الاستاذ/ عدنان طه سندي

نبذة عن حياة الشيخ عدنان طه سندي

الشيخ عدنان طه سندي هو أحد أبناء مكة المكرمة قضى 29 ربيعاً يجوب بين أروقة التعليم كمعلم للمرحلة الابتدائية يعلم أبناء مكة الصغار نَهَارًا، ويجوب شوارعها وأزقتها ليلا ليدعو الشباب يناصحهم ويجلس معهم تارة، ويذهب لمكاتب توعية الجاليات تارة أخرى حتى أصبح مرشداً طلابياً ثم مشرفاً تربوياً إلى حين تقاعده، وكان خلال فترة عمله مولعاً بالكتابة والتأليف والإخراج المسرحي كتب عدة مسرحيات هادفةً منها مسرحية سيدي الفعل الحاصلة على المركز الأول على مستوى الخليج العربي وكان قد انشغل عن الكتابة بالدعوة إلى الله وعمله في أشرف المهن ولكن الآن وقد تقاعد وأصبح متفرغا تداهمه الأفكار والذكريات وقد قلت حركته في الدعوة إلى الله وزادت مسؤولياته ولكن الذهب لا يصدأ، والعمر مجرد رقم، فقد كان يوماً جالساً في فناء منزله على أحد المرتفعات غربي مكة مسترجعاً ذكرياته وكيف كانت هذه المنطقة تخلو من المنازل والسكان وكيف أصبحت الآن، فتذكر شيخاً عاش في مكة منذ زمن كان يدعى نعمة الله. مقال يتحدث عن الشيخ نعمة الله (الخوجة) ويمكنك قراءة المزيد من المقالات التي تتناول مواضيع إسلامية من هنا.

الخُوجَة نعمة الله

من بعض قصص الشيخ نعمة الله

إفشاء السلام

لا يمكن أن يتوقف عن إفشاء السلام سواء كان راكباً أو ماشياً.. يسلم على كل الناس على من يقابله يعرفه أو لا يعرفه.. عربياً كان أو عجمياً.. فقيراً أو غنياً.. لا يمكن أن يوقفه عن إفشاء السلام زجاج السيارة.. فإذا ركب السيارة سارع إلى إنزال الزجاج طالباً بعدم قفل باب السلام، فإذا قيل له يا شيخ الجو حار ارفع الزجاج.. رد بأن إفشاء السلام أمرنا به حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم (فيقول بصوت يغلبه البكاء) كيف يأمرنا حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم بأمر لا نؤديه؟!

الدعوة إلى الإسلام

يسميه الذين يعرفونه من أهل مكة بالشيخ نعمة الله، ويسميه الأتراك من أصحابه (الخوجة) نعمة الله.. نعمة الله هذا الرجل التركي العجوز هو نجمة عالية في الدعوة إلى الله لا يكل ولا يمل.. يومه كله من أن يصبح حتى يمسي وهو يفكر ويعمل لتحبيب الناس في هذا الدين بأسلوبه العجيب وسلامه الدائم.. أسلم على يديه الآلاف في كل مكانٍ زاره في أمريكا وأوربا وآسيا ، كاليابان وكوريا والفلبين وغيرها… لكن قصته معنا هنا والتي حصلت في مكة غير كل القصص.

الدعوة إلى الصلاة

  • حرص الشيخ نعمة الله على إقامة الصلاة جماعة في المسجد

زار الشيخ نعمة الله صديقا له في حي في غرب مكة، ودعاه هذا الصديق لطعام الغداء، ومكث الشيخ عند مضيفه إلى صلاة العصر، ولما حان وقت الصلاة سأل الشيخ مضيفه: أين تصلون؟
فأجابه نصلي هنا في المنزل.
لماذا لا تصلون في المسجد؟.
ألسنا جماعة أنا وأنت والأولاد؟!.
بلى نحن جماعة ونحصل على أجر الجماعة بإذن الله، لكن أجر الصلاة في المسجد أكثر، ففي المسجد تكتب آثارنا، إشارة حديث بني سلمة فعن جابر رضي الله عنه أن بني سلمة أرادوا أن ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول الله ﷺ يقول: أراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فقال لهم: إنه قد بلغني أنكم تريدون أن تتنقلوا قرب المسجد، فقالوا: نعم يا رسول الله، قد أردنا ذلك، فقال: بني سلمة يعني: يا بني سلمة، منادى حذفت منه ياء النداء، ديارَكم تُكتب آثارُكم، رواه مسلم. وفي رواية: بكل خطوة درجة، رواه مسلم، ونحصل على نزل كلما غدونا إلى المسجد أو رُحنا، إشارة إلى حديث أبي هريرة عن اَلنَّبِيّ ﷺ قَالَ: منْ غدَا إِلَى المَسْجِدِ أَوْ رَاحَ، أعدَّ اللَّهُ لَهُ في الجنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدا أوْ رَاحَ. متفقٌ عَلَيهِ. ويشهد الله لنا بالإيمان، قال تعالى: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ. الآية

  • التزام الشيخ نعمة الله بالصلاة في المكان الذي اختاره أن يكون مسجداً

-لكن يا شيخ لا يوجد مسجد قريب بالحي
-لا بد من أن يكون هنا مسجد، خرج الشيخ من البيت ومعه المضيف وهو يتلفت يمينا وشمالا ومضيفه يتعجب لهمة هذا الرجل واهتمامه.
هنا إن شاء الله يكون مسجداً مشيراً لأرض بيضاء بجوار البيت من دون أن يعرف لمن الأرض نظر الشيخ عن يمينه، وجد جبلا صغيراً بجانب الأرض ،صعده مؤذنا لصلاة العصر.

الله أكبر الله أكبر.. الله أكبر الله أكبر.. أشهد أن لا إله إلا الله.. أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله.. أشهد أن محمدا رسول الله يرددها بصوته العالي الجهوري والحي شبه خالٍ تقريبا من المنازل.. اللهم إلا من بعض البيوت المتناثرة هنا وهناك وبعض العمال الذين يشيدون بعض المنازل القريبة.

أسرع المضيف. وهو غير مصدق- أمام همة هذا الرجل العجيبة وأحضر بعض السجاد حتى يصلى عليه.. انتظر الشيځ دقائق حتى يقيم الصلاة ويشاركه أهل الحي، لكن لم يحضر للصلاة غير المضيف وبعض أبنائه. انتهت الصلاة وأراد المضيف أن يعيد السجاد الذي أحضره للبيت، لكن الشيخ طلب منه تركه في مكانه أملا في أن يصبح المكان مسجداً أطاعه الرجل وترك السجاد مكانه وهب لقضاء بعض حوائجه والشيخ في نفس المكان الذي اختاره مسجداً يذكر الله ويقرأ القرآن حتى صلاة المغرب. صعد الشيخ الجبل الصغير مؤذناً لصلاة المغرب، وهكذا العشاء ثم استأذن المضيف للعودة لمسكنه في حي جبل النور، ظن الرجل أن القصة انتهت بذهاب الشيخ ومغادرته المكان فأخذ السجاد وأعاده، لكن هل انتهت القصه عند الشيخ؟

القصة لم تنته، بل بدأت … فما كان من الشيخ في اليوم التالي إلا أن يستأجر سيارة أجرة تقله إلى الحي قبل صلاة الفجر صاعدا الجبل مؤذناً لصلاة الفجر. (الله أكبر الله أكبر … الله أكبر الله أكبر). لم يجد الشيخ أحداً يشاركه صلاة الفجر غير الرجل الذي استضافه ومعه سجاده الذي فرشه للصلاة عازماً على ألا يأخذه وأن يساهم مع الشيخ في بناء المسجد حينما وجد عنده الهمة والإصرار.

  • تجمع الناس لإقامة الصلاة واهتمامهم ببناء المسجد

أحضر المضيف بعض الحجارة وأحاط بها المسجد ثم طلب من الشيخ أن يستضيفه لليوم التالي، لكن الشيخ رفض أن يكون عبئا على الرجل، فاعتذر بلطف طالبا منه أن يسمح له بالذهاب إلى بيت الله الحرام على أن يعود قبل صلاة الظهر، عاد الشيخ قبل صلاة الظهر مؤذناً.. الله أكبر الله أكبر … الله أكبر الله أكبر رافع بها صوته المجلجل، ثم نزل من الجبل إلى الصلاة فوجد بعض العمال من الذين يشيدون البناء في البيوت المجاورة جاؤوا يشاركونه الصلاة، وبعد انتهاء الصلاة طلب منه العمال مشاركتهم غذاءهم والقيلولة عندهم حتى صلاة العصر، أذن الشيخ لصلاة العصر وصلى معه بعض العمال وبعض من أصحاب البيوت الذين بدأوا يتوافدون إلى المسجد.. كذلك فعل في صلاة المغرب والعشاء.. وبعد صلاة العشاء عاد الشيخ إلى سكنه في جبل النور، استمر على هذا الحال ما يقارب الأسبوعين من دون أن يترك صلاة واحدة.. وبدأ أهل الحي يتوافدون أكثر للمسجد الجديد فرحين به.. فمنهم من اهتم للمسجد فبنى حائطاً صغيراً حول المسجد وعمل سقفا من الحديد يقيهم الشمس والمطر.. ومنهم من مد الإنارة.. ومنهم من أحضر ماء للوضوء.. تفاعل الناس أكثر مع المسجد.

  • هدم البلدية للمسجد وتكاتف أهل الحي لإعادة بنائه

وتحركت البلدية لهذا البناء العجيب الذي لم يستأذنها أصحابه في البناء فأحضرت معداتها وسياراتها وقامت بهدم المسجد.. غضب أهل الحي وسارعوا إلى البلدية صابين جام غضبهم عليها.. كيف تهدم لهم المكان الذي يجتمعون فيه للصلاة… كيف تهده لهم بيت الله بعد أن فرحوا به بدلا من أن تساعدهم في بنائه، فما كان من البلدية إلا أن تقول لهم : النظام……. نظام… هذا المكان ليس مخصصاً لبناء مسجد.

ترك الشيخ أهل الحي في صراع مع البلدية… يبنون حائط وتقوم البلدية بهدمه… وهكذا استمر الحال حتى سافر الشيخ إلى بلده ترکیا تفاعل أهل الحي أكثر فأكثر حينما علموا أن الأرض هي حديقة… وتعاضدت الأيادي وكثرت البرقيات والشكاوى… وسافر من سافر إلى الرياض العاصمة الحبيبة مخاطباً أهل الشأن والمسئولين حتى جاء الفرج. جاء الإذن (التصريح) ببناء المسجد، فأسرع أهل الخير بالتخطيط والبناء… فتم البناء وصدح المؤذن بالأذان خمس مرات في اليوم والليلة داعيا أهل الحي إلى الفلاح والنجاح… تسابق أهل الخير في إنشاء مكتبة وتحفيظ القرآن للبنين ومصلى للنساء .

ثمرة جهود الشيخ نعمة الله في الدعوة إلى بناء مسجد وإقامة الصلاة فيه

عاد الشيخ من تركيا بعد عامين ودعاه نفس الصديق إلى طعام الغداء (من دون أن يعلمه ببناء المسجد، وكأنه يعدها مفاجأة) حضر الشيخ وتناول طعام الغداء حتى موعد صلاة العصر، وإذا بالمؤذن يؤذن الله أكبر الله أكبر.. الله أكبر الله أكبر. وقف الشيخ مردداً وراء المؤذن.. الله أكبر.. الله أكبر.. ورجلاه تقوداه للشارع والمضيف يتابع المنظر بفرح والشيخ يردد وراء الأذان حتى انتهى المؤذن وإذا به أمام باب المسجد.. أمام بناء فخم كبير.. بكى الشيخ وأبكی الناس عند باب المسجد وهو يرد: الحمد لله.. الحمد لله . فقير مثلي لا يملك المال يعينه الله على أن يكون سببا في بناء مسجد كبير مثل هذا. هنيئا لك يا شيځ زرعت فحصدت… هنا انتهت قصة الشيخ نعمة الله وبدأت قصة الشيخ الأستاذ عدنان، وقد عزم على العودة للكتابة وقويت همته واشتدت عزيمته، فكتب كتابه الجميل ((حكايات مكاويه)) من الواقع، ضمن فيه حكايات في غاية الروعة أحداثها دارت في مكة المكرمة لمهتدين ودعاة إلى الله بأسلوب بليغ وسهل وبصبغة مكية عذبة لم يسبق لها مثيل. (شاهد بعض مقاطع فيديو موقع مقال على اليوتيوب)

حكايات الكتاب:

  • حكاية الرجل العنكبوت
  • حكاية شياطين الحارة
  • حكاية حكاية صحن الفول
  • حكاية جاكم بدر
  • حكاية المتقاعد عم ((سعد))
  • حكاية صغير استراحة
  • حكاية عُمَر مشكل الحارة
  • حكاية صادوه
  • حكاية في بيتنا منكر
  • ثم ختم بحكاية الشيخ نعمة الله

للتواصل مع المؤلف أو زيارته: 00966555519896

بقلم: الشيخ الاستاذ/ عدنان طه سندي

أضف تعليقك هنا