ضغوط العمل وعلاقتها بالإنتاجية في الميدان التربوي

إن الإنسان يواجه في حياته اليومية مجموعة من الضغوط الحياتية، وذلك في ظل التغيرات الكبيرة التي تطرأ على نمط الحياة، والتي شهدها العالم على وجه الخصوص في الألفية الثالثة، حيث أصبحت حياة الفرد غير مستقرة، ولأن أحداث الحياة اليومية تحمل معها ضغوطا يدركها الإنسان عندما يساير باستمرار المواقف المختلفة في مجالات حياته اليومية. (ضغوط العمل). (اقرأ المزيد من المقالات على مونقع مقال من قسم تعليم)

ضغوطات الحياة

وتعد ضغوط الحياة من أخطر ما يبدد طاقات الإنسان، ويهدد صحته النفسية والجسمية، بل حياته كلها لا سيما في العصر الحديث، حتى سمي عصرنا بعصر القلق والضغوط، حيث أصبحت فيه الضغوط تشكل جزءً لا يتجزأ من الحياة المعاصرة، بل من مفردات الحياة اليومية، بالإضافة إلى الفاقد الاقتصادي التي تسببه، وإهدار الملايين على العلاج من أثرها، وهناك من الناس من يتعرضون لضغوط الحياة فتنعكس على أبدانهم ونفوسهم بصورة سلبية، في حين أن آخرين يتعرضون لنفس الضغوط كماً وكيفًا، ولكنهم يستطيعون مواجهتها وتخفيفها، ولا يتأثرون بها تأثرا سلبيا، بل يتوافقون معها توافقا ايجابيا، بل قد تصبح الضغوط لهم محفزا ودافعا للنجاح (الكلاب، 2010: 16).

ما هي أسباب ضغوط العمل؟

وعند الحديث عن ضغوط العمل فإننا نعني بذلك قضية لازمت الإنسان منذ وجوده على الأرض، فقد وجد ليعمل وكان هذا العمل ولا يزال مصدر الشقاء، وذلك مصداقا لقوله تعالى: )لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِي كَبَدٍ(( البلد: 4).ويحدث الضغط نتيجة إدراك الفرد بوجود حوادث تشكل خطرا أو تهديدا، أو تعيق إشباع حاجاته أو تحقيق أهدافه، أو وجود أعباء يجد الإنسان نفسه معها غير قادر على تحملها، أو أن متطلباتها تفوق قدرته كفرد، فيشعر مع ذلك بحالة من عدم الارتياح والوطأة والعبء الذي يقع على كاهله” (الخرابشة، وآخرون, 2009: 140).

تأثير الضغوطات على السلك التعليمي

وعادة ما يتعرض العاملون في السلك التعليمي إلى عدد من الضغوط والمؤثرات، التي من شأنها التأثير في مستوى أدائهم وإنجازاتهم، ولابد من الإشارة إلى أن العلاقة بين الضغوط في العمل ومستوى الأداء والإنجاز ليست علاقة بسيطة، بل هي معقدة أكثر مما يتصورها البعض منا، كون هذه العلاقة ترتبط بالمهمة التي يؤديها العامل، ومهمة المعلم كما نعرف ليست بالبسيطة ولا السهلة، فقد قال r: ” اعملوا، فكل مُيسر لما خلق له” (الهيثمي، 1412هـ: 389).

و لعل تحقيق الإنتاجية سواء كانت عضلية أو فكرية يعد من أكثر ما يسعد الإنسان، ويدخل عليه الفرح والسرور، حيث إن تحقيقه هو طريق تحديد الذات، وتحقيق الذات هو قمة هرم الحاجات الأساسية بعد الحاجات البيولوجية مثل الطعام والشراب والحاجة للأمن والحاجة للحب والحاجة للانتماء والحاجة لتقدير الذات.

وما دامت المدرسة منظمة اجتماعية وجدت لتحقيق أهداف معينة لإشباع بعض احتياجات المجتمع، وهي تقوم بتحقيق هذه الأهداف من خلال مجموعة من الأفراد المعلمين الذين يعملون بها،ويؤكد (حسين: 2006) أن المعلم صاحب مهنة متميزة يمتد إعداده في كليات إعداد المعلم قبل الخدمة مرورا بالتدريب المستمر لتحقيق التنمية المهنية، حتى يصل إلى أعلى المناصب في مهنته”.

أسباب الضغط على المعلمين

لكن قد يتعرض هؤلاء الأفراد إلى مجموعة من الضغوط التي قد تعيق المدرسة عن تحقيق أهدافها، فالمعلم هنا هو جوهر العملية التربوية حيث تعدد وتتداخل أدواره ما بين معرفي وتقويمي وإداري أحيانا. وقد يجد المعلمون أنفسهم في وضع لم يختاروه، لكنه فرض عليهم من مؤثر خارجي يملك نوعا من القوة والسلطة عليهم، فنجدهم غير قادرين على إرجاع الأمور إلى نصابها، أو أنهم ملزمون بإتباع أسلوب معين بغض النظر عن قناعاتهم.

هل ذلك الضغط يؤثر سلباً على العملية التعليمية؟

الأمر الذي قد يشكل لديهم نوعا من الضغوط والتي قد تؤدي إلى نتائج مدمرة، تلك النتائج ستنعكس سلبا على شخصيات المعلمين وسلوكياتهم، مثل فقدان الاهتمام بالتلاميذ، وتبلد المشاعر، ونقص الدافعية، والأداء النمطي للعمل، ومقاومة التغيير، مما يؤثر بشكل مباشر على إنتاجيته بشكل خاص، وعلى مخرجات التعليم بشكل عام( حسين، 2006: 99).

وموضوع ضغوط العمل ليس بالموضوع الحديث ولا المستجد، فقد طرحته الكثير من الأبحاث التربوية والنفسية على حد سواء، ولم يقتصر أيضا على مجال التعليم فقد امتد إلى مهن أخرى كالتمريض وغيرها الكثير، وذلك لما يمتاز به هذا العصر من وجود مفاهيم جديدة كالعولمة وما صاحبه هذا المفهوم من تغيرات في مفاهيم العمل وأساليبه ومتطلباته المتزايدة.

إلإحصائيات حول موضوع ضغوط العمل

وقد استمرت جهود الباحثين في الاهتمام بضغوط العمل كما أوضحت الإحصائية التي قدمتها الملخصات النفسية Psychological Abstracts 1989)) والتي أوضحت أن الأبحاث في هذا الموضوع في الفترة ما بين 1970-1989 بلغت (245) دراسة مقارنة بستة دراسات عام 1972، كذلك العمل الذي قدمه ( كاهن وكوبر، 1993) حول الضغوط في أسواق البورصات، وما قدمه (تيري بيير، 1995) حول الضغوط النفسية في مقر العمل(طه، وياسين، 2007).

لقد أثبتت دراسة (المساعيد، 1993) : أن مصادر الضغط النفسي التي يتعرض لها معلمو ومعلمات المدارس الحكومية في منطقة نابلس هي عبء الدور وغموضه، وضغط العمل والمدرسة، والرضا المهني، والنمط القيادي لمدير المدرسة.وقد أظهرت دراسة (Hasan، 2014) أن معلمي المدارس الابتدائية يعانون بصفة عامة من ضغوط مهنية،

وكذلك أظهرت الدراسة أن معلمي المدارس الخاصة يعانون ضغوطا أكثر من قرنائهم في المدارس الحكومية .ولعل ما سبق يثبت أن الضغوط المختلفة التي يتعرض لها المعلم بشكل خاص لا يمكن أن تحيده عن هدفه الذي يسعى له بمبدأ أنه صاحب رسالة هادفة تحمل فيها كل المعاني سواء كانت على الصعيد الفردي و العام.

ونجد أن الميدان التربوي يزخر بالضغوطات المتعددة في شتى المجالات ولعل من أكبرها أزمة كورونا ووجدنا ما أصاب هذا الميدان من مد جزر ورغم كل ذلك وجدنا المعلم فارسا في ميدانه يقدم ويبذل طاقة مضاعفة لتيسير هذه السفينة.فالضغوطات لا تضعف من الإنتاجية.

فيديو مقال ضغوط العمل وعلاقتها بالإنتاجية في الميدان التربوي

أضف تعليقك هنا