الدختور مازال أبخص1

يقول “مارتن لوثر كينغ” في مقالة الرعاية الصحية الأمريكية: “الأفضل عالمياً والأكثر تكلفة”، “إن من أفظع صور الظُلم وعدم المساواة – وهي الأشد إثارة للاشمئزاز والوحشية – هي التفرقة في الرعاية الصحية، إذ يجب ألا نحصر عقولنا في الأبيض الناصع أو الأسود الحالك”… وبخلاصة القول: جاء في قوله تعالى بسورة البقرة: “وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ “(260) ،

وفي الحديث الشريف- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ. أما بشار بن برد فقد قال ها هنا: عميت جنينا والذكاء من العمى — فجئت عجيب الضن للعلم موئلاً.

التفكير والمعرفة

ويقول أبو حامد الغزالي الشك أول درجات اليقين يستخدم المصطلح في التحقق والفرضيات وهي في المقام الأول الذي ينطلق من تطور المعرفة والقيم التي تتجدد بالدقائق، ويقول المفكر “رنيه ديكارت” 1950م   مقولته الشهيرة: “أنا أفكر، إذن أنا موجود”، وقد أبدع الفيلسوف وعالم الرياضيات في التأصيل المنطقي لمبدأ الشك ، وقد أثبت وجود إله واحد لا شريك له.

المعرفة الحسّية

وبالتالي كان شكه في المعرفة الحسية سواء منها الظاهرة أو الباطنة، وكذلك في المعرفة المُتأتية من عالم اليقظة، كما شك في قدرة العقل الرياضي على الوصول إلى المعرفة، وفي وجوده، ووجود العالم الحسي، إلى أن أصبح شكهُ دليلاً عنده على الوجود، فقال “كلما شككت ازددت تفكيرًا فازددت يقينا بوجودي”.

لماذا برع ديكارت في الفلسفة رغم أنّها ليست من اختصاصه؟

ليستحق بمنهجه الفلسفي الجديد أن يُلقب بـ”أبو الفلسفة الحديثة”. رغم صدمتنا ودهشتنا عندما نعلم أن تخصصه بالأصل لم يكن الفلسفة بل الرياضيات والجبر والبصريات.. ولعل المُطلع على مُجمل أعماله، يُلاحظ أنها تشكل عدة مجلدات تُعد ست مجلدات من القطع الكبير في بعض الطبعات، وتنصب أساسًا على الموضوعات الرياضية والهندسية ولا تحتل أعماله الفلسفية التي اشتهر بها سوى جزء ضئيل، لا يكاد يصل إلى نصف مُجلد.

لقد كان ديكارت رياضيًا في الأساس. فخلفية القصة هي محاولة تصوير المشهد الصحي كخيال للجمهور، لكنه يتكرر ومازال .فكأني أراه في الأفق إلى أبعد من ذلك ومن الجمهور حكاماً، حيث يقول الشاعر الحكيم أخي وصديقي الأستاذ دخيل سليمان دخيل السويد، عندما أطلع على القصة، ولخصها في قصيدة بقوله:

ياليت كلن يشتغل في مجاله — يرتاح راعي الشغل والناس ترتاح.

وهذا البيت الشعري يحث ويدعوا العاملون لعمارة الأرض وفقا لمبدأ التخصص بالعمل من أجل رفع الفاعلية التتظيمية والكفاءة الإنتاجية.

عوضاً عن المقدمات الطويلة، التي ترهق القارئ خصوصاً في الذروة الراهنة لوسائل التواصل الاجتماعي العالمي المتسارع، والذي تتحدث فيه المعرفة بالساعات وفقاً ل IBM والقارئ الراهن يريد الخلاصة في 200 مفردة، وهذا ما كتبته في الخلاصة التي أعتقد أنها جامعة لنص المقال للمثقف العام، ولا تُغني عن قراءة المقال للمثقف الخاص.

ما هي معايير الكتابة الإنشائية؟

هذا مطلب جيد، لكن معيار الكتابة بكمها ونوعها وحجمها واهميتها واولوياتها هو المحك، وبما أن الحلول أو الوصفة الجاهزة – دون معرفة المشكلة وتحديدها وكتابها إنشائياً ورياضياً قابلة للقياس وفق المعايير المتميزة– تؤول البدايات إلى تفاقم المشكلة وتعقدها ( (Problematic  exacerbation .وتزداد الأهمية باستخدام الأساليب الكمية مثلاً لا حصرا أسلوب حل المشكلات ( (Problem solving techniques ، ليصدق الشاعر قولاً:

من أين أبدأ وكيف نهايتي     إن البدايات تشقي غاية العجب

لذا لا مناص من استعراض منطقي وباستخدام المشكلة من جذورها استنادًا إلى معايير صريحة أو على الأقل الانطلاق من المعايير الضمنية للمشكلة، وإلا لن تصل لمعيارية الإشكالية الناجعة المبنية على الشكوك Skeptical الموضوعية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى من أجل Access وفق (مصطلح الحصول الميسر على الرعاية الطبية وقدرة الفرد في حصوله على خدمات الرعاية الصحية المناسبة).  ومن أجل إبداء الرأي الصائب واتخاذ قرار حل المشكلة المُلائم بيسر وجودة Quality وأقل الخسائر    Cost reduction   والأكثر آماناً Trust وفق استغلال المعرفة المحوسبةE. knowledge .

فليس ثمة ريب إن الاستلاب أمام النص والحكم لا تُربي العقل ولا تُنميه، فالمنطق الفطري خلاف ذلك كما يذهب (أ د. الجديع 1970م-2016م) -رحمه الله- وهو بالضبط سر تقدم الدول المتقدمة وتأخرنا… وهو التفكير التحليلي المنطقي العملي للمشكلة … حيث نمتلك العقول والامكانيات، فلماذا لا نكون العالم الأول؟!.

لماذا نسلّم عقولنا لكل ما نسمع دون تفكير؟

إن المسألة خطيرة والمعاناة التي نُعانيها مع الذين لا زَبْر لهم – أي أسلموا عقولهم- لكل ما يردده شيخه من أقوال وأفعال وتقارير وآراء، ونوايا مؤمنين على أنها نص مقدس أو حكمة بالغة؛ وهذا الثابت أو السائد والمألوف عندهم ويقودهم حتما إلى شلل رباعي في النص الفكري، وخلل في النسق الثقافي والاجتماعي، الذي يعدهُ الجديع  شكلاُ من أشكال الإعاقة الثقافية، ومصدرًا من مصادر القلق المعرفي، ليضحي حتى النص الشرعي مدخلًا منهجيًا للارتباك والاضطراب المنهجي في ظل قتامة المشهد النهضوي في بُلداننا العربية، ليزيده مرارة من نظر إلى تفاهات المرويات من الشائعات والأخبار في المجالس والاستراحات على أنها علمُ مُحكم، وقول فصل.

هل العقل المسلم أصبح عاجزاً عن مواكبة النصوص المتجددة؟

فهل نشك باستقلالية أمام سطوة عدم المنطق في ظل شرائعهم التي يرونها صواب؟ أم إن العقل المُسلم أضحى عاجزًا عن مواكبة كونية النص المتجددة في آفاق قوله تعالى: “أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها”، ذلك العقل الذي سيتمخض في نهاية المطاف عن هوامش فكرية وشظايا معرفية لا رابط بينها، وفي أحسن الأحوال “تناصات مفككة” وفق تعبير المسيري.

وفي دركها الإيديولوجي “استلابات معرفية” وفق تعبير حاج حمد، أو “لصوصية فكرية” بتعبير جبران في كتابه “لصوص الله”؟. فمنطق الغلبة والهيمنة، الذي سيطر على الانسان المُستلب، أدى الى تحقير الذات والبيئة الاجتماعية والحضارية حتى صار نموذج “الاستلاب طريق التغرب” ذا أثر سلبي وخطير في مسيرة عالمينا العربي والاسلامي في مواجهة الحضارة الغربية.

فيديو مقال الدختور مازال أبخص1

أضف تعليقك هنا