اِبحث عن صديقٍ ملهم

لا أستطيع الشروع في الكتابة دون التطرّق إلى طرح مثلٍ أو حكمة تسّهل على القارئ فهم خبايا الموضوع فأبدأ بقول ( قلي من تخالل أقل لك من أنت ) والخلة أمرها عظيم في بناء شخصية الإنسان وتأثيره الملحوظ على سلوكياته، فإن كانت مبنية على الحب والعطاء ووضعها في ميادين النجاح تصبح عاملاً مهماً في تغيير مسيرة الإنسان والنهوض به إلى المستقبل.

وإن كانت في ميادين المراوغة والتصنّع الأخلاقي والمصالح الشخصية، فهي إلى زوال حتمي تقضي به على فضيلة الإنسان وقيمه فتقوده إلى متاهة مظلمة معصوب العينين يبحث عن خلٍّ ليستغيث به فلا يجده .فالصديق الخيّر من أراد بك خيراً ورفع عنك قهراً وزادك حباً وعلماً وسار بك نحو القمم.

كيف نختار أصدقاءنا؟

أذكر في مرحلة نشأتي ضمن الأسرة كانت والدتي حريصةً جدًا على انتقائها لنا مجموعة من نخبة الأصدقاء الذين نمارس معهم طقوسنا الدراسية والاجتماعية ، كما أنهم كانوا يفوقوننا علماً ومكانةً، وكانت شديدة الملاحظة على سلوكيات من نكون بصحبته ، فتحكم عليه إن كان صالحاً أو منتهي الصلاحية لاستمرار بقائنا، وهذه الطريقة علمتني ، مدى أهمية اختياري للأصدقاء، الذين يتمتعون بانفتاح معرفي ونشاط ذهني وسلوكيات إيجابيه.

وكلها عوامل تساهم في بناء شخصية أي إنسان يكون له حظوة في المجتمع ومكانة مرموقة ، فكما كانت أمي تسعى إلى صناعة نموذج يحتذى به ، فعليك أن تحذو حذوها .فالإنسان بطبيعته سريع التطبع بسلوك الآخرين، لأن لكل إنسان غرائز تدفعه إلى إشباع احتياجاته بطريقة أخلاقية أو منافية لثقافة المجتمع . فالمراهق مثلاً : عندما يكون بين مجموعة من الأفراد تنتهج العنف سبيلاً لفرض القوة والزعامة ، هنا يخيّل له إذ لم يقم بانتهاج هذا السلوك فهو شخص جبان، وهنا يتجلى قول المثل الشعبي ” الصاحب ساحب ”

إذا لم تجد من هو ملهمٌ لك فابحث عنه

كلٌّ منا يريد أن يكون له نبراساً يستضاء به، وإن كلّفه ذلك تضحيات تستحق القبول ، فما نراه اليوم في شبابنا اليافع أنه أصبح يركض وراء مصطلحات عارية المعنى، لا نجدها ملموسة بواقع يغلبه طابع الصداقة، هناك أشخاص تجد الواحد منهم يتلفظ بكلمة (خويي) أي أخي، والأخ لغةً هو من يشارك غيره في الدين أو الإنسانية أو القبيلة ، حيث أنّ العمل بهذا المصطلح الذي يدل على الصداقة الحميمية، يظهر لك تزييفيه وتجريده من معناه الحقيقي، وتمّ استخدامه لخدمة المصالح الشخصية فتجد من له حاجة عند شخص يتلفظ بكلمة خويي بداية حديثه ،

وهنا أحب أن أستذكر قول ” المثقب العبدي ” :
فإما أن تكون أخي بحقٍّ فأعرف منك غثي من سميني
وإلا فاطّرحني واتخذني عدواً أتقيك وتتقيني

هل الصداقة تفنى إن بُنيت على المحبة والصدق؟

فالصداقة والأخوة كلاهما معدن لا يصدأ إن بُني على أساس الصدق والمحبة والعطاء والإخلاص، فلا تغرّك الكلمات ولا تنخدع بالمظاهر، و عندما تريد البحث عن صديقٍ يكون لك عوناً في مجابهة المصاعب وحوادث الأيام، فالملهم حيث الإلهام الذي لا ينتهي في تحفيزك لعملك وسيقوم بتغير بعض المفاهيم في حياتك فهوالذي يراها من منظور مستقبل مشرق ، وتطويره لذاتك بأدوات يراها مناسبة لك وينتقدك في جوانب يريد بها بنائك، فالصديق هو نسيب الروح والأخ هو صديق الجسم.اجعله رمزاً للعطاء .

الثناء عليه وشكره على عطائه السخي واستذكار محاسن صوره أمام الآخرين هو ودٌ يبني بينكم علاقةً وطيدة يطول عمرها، فلا بد من عاملٍ معنوي يعزز العلاقة الحميمية بينكم، وعليك الحفاظ عليه والتشبث به فهو مصدر النجاح والإلهام وأن لا تترك فراغاً في علاقتك معه فتصبح جافّة تتبدد بسهولة فتكون عرساً للشيطان . الأصدقاء الحقيقيون خيرُ مكاسب الدنيا فهم زينةٌ في الرخاء، وعدّة في البلاء، ومعونة على الأعداء.

فيديو مقال اِبحث عن صديقٍ ملهم

 

أضف تعليقك هنا