جيل عادل بين الهاتف والمخدر

كيف يمكن أن تقنع شخصا يلعب “فري فاير” أو “بابجي” أنها مضيعة للوقت، بقدر ما يمكنك أن تنصرف وتتركه لحاله، البعض يفضل عدم التعسير على عقله إيمانا منه أن الأمر صعب التحقق!

جيل أصبح فجأة يعيش واقعه في الافتراض، وافتراضه في الواقع! كيف ذلك؟

أي أصبح يرى في عالم الرموز عالمه الحقيقي، يغضب، يفرح ويتفاعل وسط نطاق مليء بخوارزميات رقمية، مع مرور الوقت تعزز قدرته على تهييء أرضية يظنها المستخدم واقعية، بل والغريب في الأمر أن هذا العالم قادر على تغيير رؤيته تجاه الحياة والإنتماء الديني أيضا، يظن ان الحياة سهلة وبسيطة ولا تحتاج أن تحرك وتشقى بنفسك نحو تقويمها وتجويدها وتحسينها والعمل على سيرورتها، بعد وقت يظنه قصير، يكتشف ان الوقت قد ضاع ولم يأخذ من الواقع نصيبه.

عندها يكتشف ان الواقع ايضا لعبة سهلة الاختراق، يرى الأمور بمنظور افتراضي بعيد كل البعد عن ما يسمى بتعزيز النمط الاجتماعي، همه الوحيد هو الحرص على اتخاذ جانب الترفيه في زمن أصبح في نظره غير مألوف، بقدر ما ضاع وقته في الهباء، يوهم نفسه أنه قادر على الإصلاح لكن في نطاق عالم يقال عنه معزز بالافتراض، هكذا حاله، هلوسة ناتجة عن نقصان القيم والأسس الاجتماعية التي فقدها وهو يلهوا على نوتات الأيام التي مضت بسرعة.

أما الشق الثاني من تحول كل ما هو افتراضي إلى الواقع الملموس، هو اننا نجد العديد من المنغمسين في النطاق الرقمي يحرصون كل الحرص على مشاركة كل لحظة يعيشونها عبر مواقع التواصل الاجتماعي! وهذا الامر يفقد متعة الحياة.

الوقت الرقمي وضياع العقيدة

الوقت الرقمي ليس كالوقت العادي، الاخير يمر في أمور بديهية يومية، والأول يأخذه الجانب الآخر من عالم الرقميات، بحيث يحتمل الصواب في ما يتعلم بأساسيات التعلم، العمل، أو في الخطأ المتعلق بتنظيم القاعدة المعدة لترسيخ نموذج رقمي مبني على ترفيه الجانب المظلم من العقل البشري!ما علاقة الوقت بالعقيدة إذن؟يمكن القول أن الأمر يحتمل تيارين اثنين:

  • منهج الوقت: بحيث يمضي اللاعب الافتراضي مدة تتجاوز الطاقة التحملية له، ويخرج من دائرة الترفيه عن النفس، إلى ما يسمى بالاثقال العقلي السلبي، بمعنى اوضح، الخروج الكلي عن الأساس الذي أتى به المحتوى، واتباع نظام أخر وهو الاشباع المفرط للطاقة الداخلية، وبالتالي السقوط له عبدا مثقلا باحكامه الصعبة.
  • منهج انتهاك حقوق الاعتقاد: بعض المطورين البرمجيين لهم جانب اعتقادي خاص بهم، ولا يحبون ان تكون نظرة الآخرين عنه سلبية، وان حدث الأمر، يسلكون المنهج الاخر، وهو بضرب عقيدة الاخر بعرض الحائط! وذلك عن طريق تشويه الصورة الرمزية والدلالية له.

الجانب المظلم من عالم الافتراض

أصبحنا بمثابة أشكال دينامية تحرك عجلة الحلقات الرقمية التي تعطينا صورة عكسية عن واقع مظلم، والذي نتصوره في حلة بيضاء نقية، ان لم نقل اننا امسينا محكومين ومسجونين وي دوامة افتراضية، يحكمها السواد، فالأغلبية منا يحرص على تقاسم اشيائه ونمط عيشه الكلاسيكي كان او العصري في مواقع التواصل الاجتماعي، الذي اسميه بعالم الانفصال الاسري (الفيسبوك، الانستغرام…)، الشخص المنغمس في اعماقها له تصورات خاطئة حول أبجديات العيش والتمتع بالواقع، فغالب المستخدمين منا يجد صعوبة بالغة في عيش حياته وهي خالية من التزييف للشخصية الحقيقية بداخله.

كيف يحدث هذا؟ مثال بسيط!

عندما يريد الشخص ان يقوم بتقاسم صورة له في هذا العالم الرقمي، فإنه لا يستطيع ان يضع اي صورة كيف ما كانت، بل يختار بتمعن شديد الوضعية الذي يظهر فيها بحالة أفضل، أو على سبيل المثال، أخذ الصور أمام سيارات الغير، بنايات، غرف، مقاهي فاخرة…، وبالتالي فإننا داخل دوامة الكذب عن النفس في سبيل إعجاب الاخر، وهذه بمثابة العيش من أجل الآخر!

وهنا تصبح الشخصية ضعيفة جدا، وهي تضعف مع الاستمرار على هذا الحال، لكن الخطير في الأمر هو أن البعض أصبح قريبا جدا من الاشكال الملموس ألا وهو الكذب بشغف كبير، مثال: أخذ صورة مع أطراف العائلة وهو في الاصل عاق لهم، أو الصداقة…، بل والدخول في مقدسات من نوع خاص!

فيديو مقال جيل عادل بين الهاتف والمخدر

أضف تعليقك هنا