منذ نعومة أظفاري وأنا أسمع تلك التعابير القاسية الغير مفهومة التي ما زال صداها يدوي في رأسي كلمات مبهمة تشير إلي بأن أُبقي فمي مغلقاً إذا ما تم طرح قضية ما لأن الإسهاب في التحدث عن رأيي قد يرمي بي في شباك المحظور والممنوع هناك قائمة بتلك المحظورات أو ما تسمى غالبا بالخطوط الحمراء تساؤلاتي الكثيرة التي كانت تتصارع في عقلي حبيسة رافضة ذلك القمع المجتمعي المتطرف كانت تحاول الهروب خارجاً تريد أن تصنع ثورة فكرية تناهض حبس الأفكار المتوهجة بحجة أنها تمرد وخروج عن المألوف.

لا أعلم لماذا كنت أخشى قول الحق

ربما في فترة في حياتي كنت اخشى أن أدلي بدلوي في أمور كثيرة لأنني كنت أعلم مسبقاً نوعية الطرف الآخر في الحوار أعترف انني كنت جبانة, وخشيت مراراً من إتهاماتهم ووصفهم لي بالتمرد أعترف بأنني رضيت أن تطرح ترهات وخزعبلات ورضيت أن اسمعها دون أن أحرك ساكناً لأنني خشيت من هجوم شرس بحناجر تمتلك انياباً حادة أعترف بأنني لم أعي وقتها أن الحق ظاهر وان العلم والمنطق هو السيد في كل النقاشات وأنني لدي الحق في ابداء رأيي وطرح تساؤلاتي لكنني أعترف أنني كنت أخشى التمرد وأخشى قول الحق وذلك لأنني نشأت في مجتمع يرفض الحريات ويعتبر الإنعتاق العقلي تمرد على الدين والأعراف والتقاليد.

بدأت بالكتابة لأُعبّر عمّا في داخلي

كم كان الألم يعتصرني في ذاك الوقت وكم كنت أحس بالذل والمهانة لأنني فقدت حريتي حريتي التي ولدت عليها فسلبها مني من حولي في كل مكان وعلى اختلاف مراحلي العمرية لجأت حينها للكتابة فخالجني احساس بأن هذه هي بداية الطريق الى التحرر الفكري  باتت أفكاري ترقص على الورق وتشرب نخب حريتها وخروجها من القمم  بعد سنوات عجاف كاد فيها الظمأ أن يقتلها,

تجاوزت تلك الخطوط الحمراء التي كانت تكبلني وتكبت على أنفاسي  فخرجت من عالمي وذهبت الى عوالم أخرى أخترعها وأصرخ بها بكل ما يجول ببالي من تساؤلات واتقصى بها الحقائق عوالم ليس للخطوط الحمراء فيها مكان ناديت بثورة وأشعلت فتيلها فانطلقت معي الكتب والاوراق وأقلامي الملونة ثارت معي أقلام احمر الشفاه والكحل الأثاث وكل ما حولي نعم كل ما حولي دون استثناء لأنني ثرت في حجرتي.

لقد سئمتُ الخنوع

لم اتجرأ أن أجر ثورتي الى خارج حدود تلك الحجرة حتى أنني كنت أخفي أوراقي وما تحوي خشية أن يراها أحد عندها ادركت مجدداً أنني ضعيفة وأخشى  قول الحق عدت مرة أخرى لإنطوائي على نفسي محدقة في أفكاري المنثورة على أوراق مبعثرة تحاكي روحي التي تتفتت وقد سئمت الخنوع ناجيت الله كثيراً وسألته أن ينير بصيرتي ويمدني بقوة حتى أستطيع أن أجعل صوتي يصدح في الدنيا ويزول خوفي.

اجتياز الخطوط الحمراء

بصراحة لا أعلم حقاً متى أصبحت على ما أنا عليه الآن من جرأة ولا اعلم ما هي نقطة التحول التي دفعت بي خارجاً ووضعتني بمواجهة شرسة مع العالم الخارجي لكنني ما أعلمه أنني الاّن قد نجحت في تخطي تلك الخطوط الحمراء التي ليس لها معنى جوهرياً سوى أن من اخترعها وأوجدها من الناس قد نسب اليها ذلك اللون ووضعها في ثياب العار  لكنني نجحت في أن أزيلها من أمامي وأصبحت أطرح أفكاري دون الخوف مما قد يقال وحتى إن كثرت الأقاويل فالله يعلم ما في قلبي وأنا اعلم من أكون لذلك سأمضي في ذلك لن أبقى كالببغاء أردد ما أراد غيري أن يكون  فأنا امتلك العقل وكل شيء إذا ما تم طرحه على العقل  اتخذ مكانه الصحيح من تصديق أو تفنيد.

ما هو سبب خوف المرأة من الخوض في المواضيع الحساسة؟

وقد أعزت الدكتورة عواطف عبد الرحمن في كتابها الصحفيات والإعلاميات العربيات سبب خوف المرأة من الخوض في مواضيع معينة الى طبيعة المجتمع الذي يعتير أن اقتحام المرأة لبعض المناطق التي يعدها من الدوائر المحظور على المرأة الكتابة فيها وأن هناك كاتبات أردن الكتابة في مواضيع مهة ولكن كان هناك قلق من العواقب واستهدافهن بالنقد وبعضهن أفصحن عن خجلهن إذا قرأ الأب أو أخوتهن الرجال ما يكتب عنهن من نقد في موضوع يعتبر من المحظورات أو الخطوط الحمراء هذه المشكلة التي باتت تحرم المرأة من التعبير عن رأيها والإفصاح عن توجهاتها وتوضيح أيدلوجيتها وبالتالي فذلك يحد كثيرأ من إبداعها والخوض في المجال الإعلامي والأدبي.

مقالات متعلقة بالموضوع

ما هي الحلول لتعبّر المرأة عن رأيها بشكلٍ حر؟

ومنطلقاً من هذه العقبات التي تواجه المرأة في الكتابة والتعبير عن رأيها فإنني لا أرى حلاً لهذه المشكلة سوى أن تتجرأ النساء على تلك المحظورات وتبدأ في الكتابة بفكر حر لا يأبه للإنتقادات والمعوقات السسيولوجية برأيي أن المجتمع سيتقبل ذلك مع الوقت فعلى مر الأزمان كانت كل حركة ثورية لموضوع معين غير متقبل في المجتمع تمر بصعوبات ومعارضة كبيرة ولكن بالتصميم والقوة في طرح المشكلة كانت الأمور تسير على النحو المرجو.

متى ستتغير نظرة المجتمع السلبية عن المرأة؟

وأنا على يقين أن النظرة السلبية ستتغير حتماً وقد شهد التاريخ عدد مهول من الثورات الفكرية التي غيرت فيما بعد المجتمع برمته وجعلت الحياة وسبل التعبير أسهل كثيراً من ذي قبل وذلك لن يتم إلا بتكاتف كلا الجنسين في دعم الحركة النسوية في المجتمعات العربية ووأد الأفكار البالية التي تجعل المرأة مقيدة بتحديد ما يجب الكتابة عنه من مواضيع وأفكار والتحرر مما يجيزه ولا يجيزه المجتمع لها على صعيد الكتابة ودعم حريتها في ممارسة حقها في التعبير وهنا تشير الكاتبة والمفكرة الفرنسية سيمون دي بوفوار الى ذلك  ما يحدد وضعية المرأة بطريقة خاصة هو أنها مع كونها حرية مستقلة مثلها مثل أي كائن بشري فإنها تكتشف نفسها وتختار طريقها داخل عالم يفرض فيه الرجال عليها أن تتحمل مسؤوليتها ضد الآخر

لماذا كانَ عارٌ على المرأة أن تتحدث وتناقش؟

الآن أنا أعض البنان  ندماً على كل لحظة كان الصمت فيها يرافقني  كل لحظة حبست بها كلماتي في جوفي وترددت في قول رأيي المخالف لآرائهم الخوف من المجتمع وأعرافه وتقاليده التي لم تبنى على شيء من القيم طبعاً أنا لا أعمم فهناك قيم رائعة لعادتنا واعرافنا ولكنني قصدت منحى آخر الا وهو ثقافات المجتمعات الخاطئة والتي لم تبنى على شيء من الصحة تلك الثقافة التي دمرت أجيال كثيرة كان فيها عار على الطفل أن يتكلم أو يسأل وعار على المرأة أن تناقش مجتمع مبرمج على السمع والطاعة دون التفكير بما يترتب على ذلك من أفكار خاطئة وفشل ذريع في أن ننشأ جيل واعي مدرك لكل ما يدور حوله ويعلم قبل أن يتكلم كيف يوظف معلوماته في اثبات رأيه.

وقبل كل ذلك الإلتزام بآداب الحوار واحترام الطرف الآخر فقد آن أوان ثورة فكرية جديدة تنأى بكل المفاهيم الخاطئة والنظرة السلبية للمرأة التي تخوض في مواضيع كانت حكراً على الرجال المرأة العظيمة التي وهبها الله العقل كالرجل تماماً ويمكنها البحث والتحليل  وإبداء رأيها في شتى المواضيع الفكرية والإجتماعية المهمة في حياتنا وقد حان الوقت لتخرج المرأة من قمقم العادات والتقاليد التي اختلقت ما يسمى بالخطوط الحمراء  وأيضاً تجاهل كل ردات الأفعال التي من شأنها قمع المرأة وتقييد حرياتها مما يحول دون تحقيق طموحاتها.

فيديو مقال خطوط حمراء

أضف تعليقك هنا
شارك

Recent Posts

الكوارث تبرز أفضل وأسوأ ما في الناس

بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد

% واحد منذ

فن الشاطئ.. رؤية فنية بحس جمالي فني سياحي لمدينة أصيلة الشويخ عبدالسلام

بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

نقاء الروح

بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد

% واحد منذ

بين غزة والذكاء الاصطناعي.. الوقت موت

منافع ومصالح قائمة على دماء الأبرياء  في غزة، يصارع أكثر من مليوني إنسان شبح الموت… اقرأ المزيد

% واحد منذ

جبريل عليه السلام

بقلم: رسل المعموري جبريل عليه السلام هو أقرب ملائكة الله إليه، وصديق النبي صل  الله… اقرأ المزيد

% واحد منذ

من فضلك كن نفسك فقط

أيها القارئ الكريم ظللنا لعقود طويلة ومنا من لا يزال يؤمن أو متأثر بثقافة المنظرة… اقرأ المزيد

% واحد منذ