جواز زواج المسلمة من غير المسلم

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين. اللهم صل على محمد واله الطاهرين واصحابه اجمعين. ربنا اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين. هذه رسالة مختصرة في بيان جواز زواج المسلمات من غير المسلمين. والكلام سيكون في الاساس وحسب البيان القرآني في جهتين، الاولى جواز زواج المسلمة من الكتابي، والثانية جواز زواج المسلمة من الكافر المشرك او الملحد. وتكمن اهمية بحث زواج المسلمات من غير المسلمين في ان النكاح شكل من أشكال الولاية، وهو مثال لصور وفروع اخرى منها. ولله تعالى ولايتان؛ ولاية ايمان تشمل اهل الاسلام والتسليم والتوحيد، وولاية إحسان تشمل كل من لا يعادي اهل الايمان ولا يبغي عليهم.

والنكاح كغيره من اشكال التعاملات الحياتية لا يظهر من الشرع تخصيص فيها بل إنه قررها وأكدها ودلت أصول كثيرة على ان تلك التعاملات جائزة وثابتة لكل إنسان ولا مجال لسلب أي منها عنه فانه عطاء الله تعالى غير المقطوع، ومتاع الدنيا غير الممنوع. ومن هنا يجب ان يفهم -وهو الحق- ان تحديد او منع او تحريم النكاح بفئة معينة لم يكن من باب التمييز والامتياز بل كان لغرض سياسي احترازي منعا للفتنة وهو خاص بالمعادين والمحاربين والدلائل كثيرة على ذلك كما ستعرف.

الخلاصة

مسألة زواج المسلمة من غير المسلم تبحث من جهتين ؛ زواجها من الكتابي وزواجها من المشرك والملحد. وذكرت ادلة خاصة للجواز منها:

  • الاول: عدم التفريق بين ابي العاص وزوجته المسلمة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه واله.
  • الثاني: عدم التفريق بين صفوان بن امية وزوجته المسلمة.
  • الثالث: عرض لوط بناته المؤمنات على الكافرين.
  • الرابع: بقاء زوجة فرعون المؤمنة معه.

وذكرت ادلة خاصة للمنع منها:

  • الاول: النهي عن نكاح المشركين والمشركات.
  • الثاني: عدم حلية المؤمنات على الكافرين.
  • الثالث: تفريق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بين مسلمة ومسيحي.
  • الرابع: قول ابن عباس رضي الله عنه في نصرانية اسلمت دون زوجها (هي أملك لنفسها).

ومقتضى صناعة الفقه الاصولي (الاستقلالي) السائد هو الجمع بين الادلة بحمل النهي على الكراهة، فيكون الحكم هو الجواز على كراهة. والادلة المجوزة الاربعة كلها في الكفار المشركين، بل والمحاربين الا صفوان بن امية فقد كان حينها مشركا غير محارب. فيكون هذا الحكم شاملا للجهتين أي زواج المسلمة بالكتابي وبالمشرك والملحد. مع ان ادلة المنع فيها قرائن متصلة تشير الى عدم الالزام ففي الاول هناك عبارة (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ  [البقرة/221]) وهو دال على التخيير ، وفي الثاني (وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا  [الممتحنة/10]) (وَآَتُوهُمْ ) أي الكفار (وَلْيَسْأَلُوا) أي الكفار ايضا. وهو دال على ثبوت حق لهم وعدم انفساخ العقد، وقول ابن عباس ( هي املك لنفسها) وهو دال على التخيير، واما فعل عمر بن الخطاب، فمتشابه وظني، ولربما كان لأسباب سياسية كمنع الفتنة والافتتان وخوفا من اضعاف الجماعة المؤمنة. والاجماع تسالمي تقليدي تسامحي ومدركي كما ان الاجماع ليس حجة في الاصل.

هذا وفق الفقه الاصولي الاستقلالي السائد، اما وفق الفقه العرضي الذي اعتمده فان الحجة ليس فقط ظاهر الدليل الخاص بل هو الدليل الخاص مع الاصل المصدق له ومدى اقتراب الدليل الخاص من الاصل. وهناك اصول كثيرة نصية وغير نصية كالإحسان الاسلامي وحضارية الدين تصدق وتشهد للجواز في الجهتين، فيكون العلم المحكم هو الجواز، وتكون ادلة المنع ظاهرية متشابهة لا يصح العمل بظاهرها وينبغي ان تحمل على محمل لا يتعارض مع الجواز، منها ان النواهي كانت خاصة فلا عموم لها وكانت لأجل غرض سياسي منعا للفتنة والافتتان واضعاف دولة الايمان الفتية حينها.

واما بحث المسالة من حيث الابتداء بالنكاح  او الاستمرار فيه فرغم افتاء المجمع الفقهي الاوربي بجواز الاستمرار ومنع الابتداء، وربما اعتمادا على ما تقدم من حالتي ابي العاص وصفوان الا ان ادلة الجواز المحكمة وتشابه ادلة المنع لا تساعد على التمييز بينهما فلا اختلاف بين الحكمين بل هي مصاديق لحكم واحد ابتداء او استمرارا.

الأصول القرآنية لجواز زواج المسلمة من غير المسلم

الأصول القرآنية كثيرة في جواز ذلك ما لم يكن بغي أو عدوان أو محاربة لأهل الايمان.

أصل

قال الله تعالى (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7) لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآَتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11) [الممتحنة/7-11] وعرفت وستعرف ان النكاح من مصاديق الولاية  والايات هنا في الولاية الاحسانية مع الكافر، وهي ثابتة هنا بالنص لمن لا يحارب المؤمنين. وهنا فوائد:

  • الاولى:  (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) والترغيب واضح فهناك نوع من الوصل فلا انقطاع ابدي للولاية. وان لم يدل على جواز بقاء المؤمنة من زوجها المعادي فانه يساعد عليه.
  • الثانية: ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ) وهو كاشف عن نوع من الوصل وهو ولاية الاحسان، وهو من النص في البر والاحسان بغير المؤمن، وان لم يكن دالا على جواز نكاحهم نساء ورجالا فانه مساعد ومؤيد. وهذه الآية واحدة من الاصول على جواز نكاح المسلمة من غير المسلم غير المحارب.
  • الثالثة: ( إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)  وفي ضوء ما تقدم يتضح انها ليست مقاطعة ابدية ولاسباب اعتقادية بل هو لاجل امر سياسي احترازي ومما يتبع ذلك من امور تضعف جماعة الايمان، فهو نوع من اشكال دفع الفتنة. فيتبين من هنا امران:  ان المنع من ولاية المحارب هو لغرض سياسي وليس اعتقاديا او ذاتيا. وان المنع من ولاية المحارب هو لاجل منع الفتنة. ومع ان ما سبق مصرح بان الحكم مختص بالمحارب فان مفهومها بذاتها يدل على ان غير المحارب تجوز ولايته.
  • الرابعة: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا.) وفي ضوء ما تقدم يتبين ان هذا حكم يختص بالكفار المحاربين فلا فعموم له لان العموم غير مصدق. وهذه الاية من عمدة ادلة المانعين الا انها لم تحمل على واقعها والمراد الحقيقي منها بل قد تم التعامل معها بظاهرية غير صحيحة. وان حمل هذه الاية على ظاهرها مخالف لأصول كثيرة، لذلك فهو حكم خاص جدا لا عموم له، وهو ضمن شروط كثيرة اهمها المحاربة ويستشعر هنا وجود مسكوت عنه بعدم رغبة المرأة بزوجها السابق بل وعدم رغبتها بها او تركه لها، ولا بد من التمييز بين وجود الامام الالهي وحضوره كالنبي صلى الله علبيه واله الذي له سلطة ولبن غيابه، فيرد الامر اليه، كما ان الاحوط في غياب الامام هو تحصيل الطلاق، فانفساخ النكاح ولو من الكافر المحارب بهكذا امر من دون حكم الامام او من يقوم مقامه مشكل بل ممنوع.
  • الخامسة: ( وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) وان لم يكن دالا على عموم الرجال والنساء بظاهره فهو من المثال، وايضا هو خاص بالمحاربين وولايتهم فالمراة وان لم تحارب عادة الا انها بولايتها للمحارب يلحقها حكمه. وستعرف ان المصدق هو تخصيص الحكم او حمله على الكراهة.
  • السادس: ( وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا) أي الكفار فيسالوا المهر وهو نص بوجود حق لهم ودال بنوع من الولاية وانه دال على نوع من الاتفاق بين الاطراف وهو دال على عدم الغاء العقد وانما يكون بشكل من التفاوض، وعلى كل حال فالاية ان لم تدل على عدم انفساخ عقد الكافر على المؤمنة  وان حق العقد ثابت فيثبت الاختيار فانه يساعد عليه ويؤيده.
  • السابع: ( وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآَتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا)  والعبارة فيها اشعار بجواز الامساك بدلالة ظنية (وان فاتكم) وهو مصدق، فيكون الجمع مع ما تقدم هو اما تخصيص المنع بالمحاربة التي توالي المحاربين، وان الامساك بالتي لا توالي المحاربين او الكراهة. هذا وان مثال زوجتي النبيين نوح ولوط يكشف نوعا ما عن ان الحكم ليس الزاميا.

أصل

قال الله تعالى (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ  [المائدة/5]  واهم ما يجب قوله هو ان في الاية مسكوت عنه لاعتبارات معينة معروفة تخص العربي، وهو حل نكاح المسلمان من الرجال من اهل الكتاب. كما انه لا نحتاج الى الكثير لبيان ان هذه الاية لا تتداخل مع اية النهي عن المشركين اذ ان الكتابي لا يعد من اهل الشرك في القرآن، وما يقال خلاف ذلك لا مجال له. قال الله تعالى (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ  [البينة/1] وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة/6]

وهنا نقطة اخرى وهي ان الاية توكيدية بعد ان بينا ان السنن في النكاح بل بجميع اشكال الولاية واحدة متطابقة مع ما سبق وان الامور الحياتية من ملك وارث وعقود جارية لكل البشر  وهذا ما سأبينه بتفصيل اكبر لاحقا. فيمكن القول ان الاية وبالبيان المتقدم هي من ادلة جواز نكاح المسلمة من الكتابي. و لا يقال ان الاية يفهم منها النهي عن غير الكتابي، فانه لا مفهوم لها وليس من عموم ورد بالنهي لكي يتحقق مفهوم وانما النهي المتقدم انما هو بحق المحارب، ومن هنا يعلم ايضا ان الاية مخصصة بغير المحارب من اهل الكتاب رجلا كان او امراة، فاذا كان الكتابي محاربا شمله ما تقدم من حكم سواء بالزام المنع او كرهة النكاح.

أصل

قال الله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ  [التحريم/9-11] اقول وهذا نص بكفر زوجتي المؤمنين بل النبيين، ونص بايمان زوجة الكافر المحارب، فيحمل النهي السابق في غير موضع على الكراهة وليس التحريم وهنا فوائد:

  • الاولى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) وهو شامل لقطع الولاية بما يشمل المنافق المظهر للايمان، وبهذا يكون التخصيص هو الحاكم بانه مختص بالمحارب والباغي، بل يمكن القول انه من باب المثال للباغي على جماعة اهل الايمان المتمثلة بالدولة المؤمنة، فيكون البغي على الدولة ليس كالبغي على طائفة فيكون من الاحتياط المؤكد تعميم الحكم على من يبغي على الشعب والدولة بما هي صورة من صور الامة وان كان مسلما. فالمناط هنا وفي غيره من اشكال الولاية والتبري هو محاربة جماعة الايمان، بل لا يبعد ان يكون الحكم انسانيا عاما بان التولي لمن لا يحارب الجماعة والتبري لمن يحارب الجماعة ولا فرق بين الرجل والمراة ولا بين المؤمن وغير المؤمن. فلو ان مؤمنا حارب الامة انقطعت ولايته وهو على ايمانه ولو ان كافرا لم يحارب الامة كانت له ولاية الاحسان.
  • الثانية: ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) وهذا نص على جواز بقاء الكافرة المحاربة مع المؤمن. فتحمل النواهي الاخرى على الكراهة. وهذه الاية ليست فقط اصلا بل دليلا على جواز الامساك بالكافرة.
  • الثالثة: ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ  ) وهذا نص على جواز بقاء الكافر المحارب مع المؤمنة. فتحمل النواهي الاخرى على الكراهة. وهذه الاية ليست فقط اصلا  بل دليلا على جواز بقاء المؤمنة مع الكافر.

ملاحظة: لا يقال انها سنن من قبلنا، لان القران وبخصوص النكاح بين ان المؤمنين يجرون على سنن من قبلهم قال الله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25) يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)  [النساء/25، 26]

وقد يقال ان هذه الاية انتقلت من المحصنة المؤمنة أي الحر الى الامة المؤمنة  وهو دال على  عدم جواز نكاح الكافرة وان كانت حرة، وفيه انه مفهوم ضعيف بل لا مجال له، كما انه لا يدل على اكثر من الاستحباب لاجل الاعتبار الذي بينه القران بالاهتمام بان يكون النكاح بالحرة.  لكن ليس ظاهرا ان الكلام هنا لبيان ما هو المستحسن بل انه لبيان جواز نكاح الامة،  ويدل عليه (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) فالاية تريد ان تزيل توهم عدم المساواة مع كراهة بقوله تعالى (ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ) وعلى كل حال فالاية غير متعرضة لنكاح الكافرة ولا يفهم منها نهي.

أصل

قال الله تعالى (وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78) قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) [هود/78-80] ولا ريب في دلالة الايات على انهم كفار محاربون.  والاية نص في جواز نكاح المؤمنة من الكافر بدلالة ما سبق بان اهله مؤمنون الا امراته. قال تعالى (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آَلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ  [القمر/33-35] والشكر هنا ايمان وتقوى فهو ثابت لبناته. وقال تعالى (قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (34) فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ [الذاريات/31-36]

أصل

قال الله تعالى ( فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ [الأعراف/83] ولا ريب في دلالة الاية على كفر المراة، واثبت القران انها امراته، مع انها محاربة، فلا انفساخ للعقد بالكفر او المحاربة، بل هو تخيير وكراهة امساك. ومثله قوله تعالى (قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ  [العنكبوت/32] وقوله تعالى (وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ [العنكبوت/33]

أصل

قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58) إِلَّا آَلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ [الحجر/58-60] والاجرام هنا محاربة وكفر، ولاحظ ان القران اثبت المراة في (آله) وهو كالنص في الولاية الاحسانية بعد انقطاع الولاية الايمانية، وكلمة ( امراته) اثبتت الزوجية بين الكافرة المحاربة والمؤمن.

أصل

قال الله تعالى ( فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ [الشعراء/170، 171] والاستثناء متصل فهي من اهله وزوجته بما تقدم من بيان، فتثبت ولاية الاحسان والزوجية. والذي يظهر لي من خلال الاصول القرآنية ان الشريعة غير متعرضة لتخصيص التعاملات البشرية الاساسية من ملك ونكاح وارث وإنما تركت وفق ما هو حكيم ومنطقي في العلاقات مع ملاحظة جوانب سياسية ودعوية وتفصيلية. فالاصول التي تعرضت للنكاح وغيره من التعاملات الولائية كالارث والملك بين البشر، ارشادية اكثر منها تأسيسية ووفق الحكمة. وبدل على انها كافرة محاربة قوله تعالى (قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ  [هود/81] فان شمولها معهم دال على ولاية الكفر والمحاربة متحققة فيها.

أصل

قال الله تعالى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19) كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا [الإسراء/18-20] الايات في الكافر والمؤمن، فالاولى في الكافر والثانية في المؤمن. و (عجلنا) نص في الولاية الاحسانية.  والعطاء هنا هو متاع الحياة الدنيا، أي الامور التعاملية من ملك وارث ونكاح ونحو ذلك. فالاية كالنص باثبات ذلك للكافرين، بل ويثبت بالاصل لهم فيما بينهم وبين المسلمينن، بل ان المصدق  وابعاد الاية الواقعية والعميقة انها تشمل جميع اوجه تعامل الكافر مع غيره بما في ذلك المؤمن والمؤمنة, فالكفار يرثون من المؤمنين ويناكحوهم ويصح التعاقد معهم. نعم المحارب من الكافرين بل وغير الكافرين يتحقق فيه النهي الالزامي او غير الالزامي.

أصل

قال الله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آَتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ  [الأعراف/189-191]  والاية نص في اثبات النكاح بين المشركين، والاية ليست متعرضة بالاساس لاحكام النكاح لذلك فان فيها مسكوتا عنه وهو كحال ان يكون احدهما مشركا وهو بالاساس الاب مثلا، والاية تبطل من يقول بالامور الاعتبارية لمنع زواج المؤمنة من الكافر لاجل غلبة الزوج وهو الاب هنا، فان الاية تقرر ذلك مع حصول المحذور. فيكون ذلك القول مجرد اجتهاد لا وجه له حتى لو علم وقوع المحذور.

أصل

قال الله تعالى ( انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا [الإسراء/21] أي الناس وهو يشمل الكافر، والتفضيل هنا دنيوي وهو شامل للنكاح والارث، ومن هنا يعلم ان حديث ( الاسلام يعلو) ليس ناظرا الى هذه الجهة  ولا الفرديات بل من جهة الامم والدول والجماعات، فيكون مصدقا لمقاطعة الحربيين لانهم شاقوا للجماعة وليس افراد الكفار ولو كانوا مسالمين.

أصل

قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3) وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء/1-4] ولاحظ ان الخطاب للناس وهو بالاصل للكافرين لبيان سبب التقوى ووجه. فالاوامر شاملة للكافرين وهو يبطل قول من يقول ان الاوامر للمؤمنين. والاية الاولى امتناني بخلق الزوجة فتخصيصها بحسب الولاءات من ايمان وكفر لا مجال له. وهنا فوائد:

  • الاولى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ) وهو كالنص في اثبات الزوجية بين البشر واثبات الابوة والبنوة والارث تبعا لذلك ولا فرق في ذلك بين النساء والرجال من الطرفين. فالاية اصل قوي جدا في جواز زواج المسلمة من غير المسلم.
  • الثانية: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ) واثبت ولاية الرحم وهي من الولاية الاحسانية والخطاب للكفار بالاساس.
  • الثالثة: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا)  وهو عام والخطاب للكفار والمؤمنين، ولاجل ظهور شموله لهما فانه يحقق تنظيم العلاقة بينهما فيكون بلا ريب شاملا لنكاح الكافر من المؤمنة، ومنع ذلك بتخصيص او نسخ ضعيف. والاية تدل على كراهة تعدد الزوجات بل هو كالمنع لاجل ما دل على تعذر العدل بطبيعة البشر.
  • الرابعة: ( وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) ولا ريب ان الحكم شامل للمؤمنة والا فانه بخس بحقها وعرفت ان الخطاب بالاساس للناس أي الكفار.

أصل

قال الله تعالى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ [آل عمران/14]  ان اقرار تلك الزينة للناس دال على صحة العقود مع الكافر ومنها النكاح ، لكن الاهم هو قوله تعالى (متاع الحياة الدنيا) فانه من الولاية الاحسانية التي تثبت للكفار حقوق الارث والنكاح بالمؤمنين من نساء ورجال.

أصل

قال الله تعالى (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60) أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ [القصص/60، 61] والاية نص بان الله تعالى يؤتي الكافر متاعا دنيويا ولا ريب ان اهمه الارث والنكاح، ولا يقال انه مختص بولاية الكافرين فانه خلاف الامتنان فيشمل ولاية الاحسان مع المؤمنين فيرثهم وينكح منهم.

أصل

قال الله تعالى ( وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33)  [الزخرف/33] وقال تعالى (وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ [الزخرف/34، 35] وهو من المثال بثابت ذلك للكافر فيكون مشمولا بعمومات الارث والنكاح، ولا وجه لتخصيصه بالكافرين دون المؤمنين.

أصل

قال الله تعالى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [هود/15، 16] فالكفار لا يبخسون من امور الدنيا، فيكون مساواة بينه وبين المؤمن في الامور الدنيوية.  فالمعاملات مع الكافر صحيحة والمعاهدات مع الكافر صحيحة ونكاح الكافر صحيح وهو يرث المسلم والمسلم يرث الكافر. وفي الوقت الذي لا نجد تخصيصا واقعيا للمعاملات الحياتية التي تميز المؤمن عن الكافر في الملك والنكاح والارث والبيع فان القران يشير مرار الى المساواة بينهما في هذه الامور، ويصدق ذلك ان الحساب هو في الاخرة.

أصل

قال الله تعالى (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70) وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (71) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ [النحل/70-72] وهنا تعداد لنعم الله تعالى وفضله على الانسان، وان الرزق بين الناس فيه تفضيل وهو مثبت للحقوق بلا فرق بين مؤمن وكافر وهو شامل للنكاح والارث. ثم صرح ان الله جعل الازواج والحفدة وانه الحق وان الاعراض عن ذلك الباطل وان هذا فضل الله على الناس فليس مصدقا ان يقطع بتشريع. ويؤكد ذلك بقوله تعالى (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم/21] وقوله تعالى (

أصل

قال الله تعالى (وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [إبراهيم/34] وهو بيان للفضل ولا ريب انه شامل للزوج والارث، وهو عام وليس مصدقا تخصيصه وتمييز البشر بحسب الاعتقادات والاديان هنا بعد ان بين الله تعالى انه من فضل ونعمه بل من اياته تعالى كما تقدم. فجعل الزواج من فضل الله ونعمه واياته وليس مصدقا تخصيص ذلك وتشريع ما يمنعه بالاصل والواقع فتحمل النواهي على امر سياسي لاجل تجنب الضعف والفتنة وتكون بحدودها.

أصل

قال الله تعالى (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا [الفرقان/54] وهو من بيان فضل الله ونعمته على البشر والموجب لحمده وشكره والايمان به وعبادته، وما يكون كذلك ليس مصدقا منعه وتخصيصه بحسب التمييز في الاعتقادات او الاديان بل هو عطاء دنيوي غير ممنوع. قال تعالى (وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا [الإسراء/20]).

إشارة:

قال الله تعالى (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُو [البقرة/221] هذه الاية من اقوى ما يستدل به على المنع من الزواج بالمشركين نساء ورجالا، وان غاية الايمان فيها جعله شرطا قال (حَتَّى يُؤْمِنَّ) و (حَتَّى يُؤْمِنُوا) الا ان ظاهر الاية هذا فيه امران لا بد من مراجعتهما:

الاول: ان هذا الظاهر مخالف لاصول تقدمت جوزت نكاح المشركات من قبل المؤمنين والمشركين من قبل المؤمنات. فيكون هذا حكم خاص بمشركي قريش المعادين فلا يعمم. ووجه التشدد هنا بخصوصهم لاجل عمق علاقاتهم بالمؤمنين وخصوصا المهاجرين، ولاجل اهمية مكة ، فيكون هذا الحكم لاجل منع الفتنة والافتتان.

الثانية: ان الايمان هنا هو الايمان برسول الله محمد صلى الله عليه واله وليس مطلق التوحيد ليخرج منه الكتابي، لكن عرفت صراحة النص في الكتابيات و ظاهره في الكتابيين والكلمات التي ستعرفها من البعض في جواز ذلك وعدم النص على منعه، وحمل الايمان هنا على مطلق الايمان بكتاب ممنوع، فيكون واجبا حمل هذا الظاهر على ما بينته من انه حكم خاص بمشركي قريش المحاربين فلا يعمم ووجهه قد تقدم.

فيديو مقال جواز زواج المسلمة من غير المسلم

أضف تعليقك هنا