آثار التكنولوجيا على البيئة

بقلم: م. هايل هاشم الفتيح

هناك مقولة قديمة ترسم الأوجه المختلفة لتأثير التكنولوجيا في حياة الإنسان إيجاباً وسلباً، وهي مقولة تنحسب على تأثير التطور العلمي الذي وصل له العالم على البيئة، حفاظاً عليها وتدميراً لها، وهي “التكنولوجيا سلاح ذو حدين”. وترتبط حياة الإنسان ارتباطاً وثيقاً ومباشراً بالبيئة الطبيعية التي يعيش فيها، ويعتمد عليها، وقد ساهم التطور الصناعي وثورة المعلومات والاتصالات إلى حد كبير في تدهور البيئة.

أولا: تأثير التكنولوجيا على البيئة

جلبت الثورة الصناعية تقنيات جديدة وبقوة هائلة، عند الانتقال إلى عمليات التصنيع الجديدة في أوروبا والولايات المتحدة في الفترة من 1760 إلى 1840 م. ونجح ذلك في استمرار التصنيع وإطلاق المزيد من التطورات التكنولوجية في البلدان المتقدمة حول العالم، وتمثل تأثير التكنولوجيا الصناعية على البيئة في إتلاف الأرض الطبيعية؛ إلا أن فاتورة تأثيرها على البيئة تبدو باهظة، فعلى سبيل المثال يموت نحو نصف مليون شخص سنويا في الصين، بسبب التلوث الناجم عن الدخان المتصاعد من فوهات المصانع والسيارات رغم مساعي بكين الحثيثة لاحتواء تلوث الهواء؛ ورغم أن الصين تعد إحدى القوى الصناعية العظمى في العالم، إلا أنها واحدة من أكثر الدول معاناة من التلوث أيضا.

ثانيا: تلوث الماء والهواء

  يحدث تلوث الهواء عند إدخال كميات ضارة أو مفرطة من الغازات في الغلاف الجوي للأرض؛ وهي غازات ناتجة من المصانع ومحطات الطاقة التي ظهرت بعد الثورة الصناعية؛ ولها أضرار صحية سلبية على الإنسان والحيوان؛ وتؤدي إلى زيادة معدل الاحتباس الحراري من خلال حجز الطاقة الحرارية في الغلاف الجوي؛ مما يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة؛ أما تلوث المياه فيحدث بسبب الأنشطة البشرية؛ فقد ثبت علمياً أن أكثر ملوثات المياه شيوعاً هي النفايات المنزلية والصناعية ومبيدات الحشرات والآفات؛ ولعل أبرز الأدوار الإيجابية للتكنولوجيا في الحفاظ على البيئة هي إعادة تدوير النفايات والمخلفات من أجل استخدامها في تصنيع مواد أو إنتاج طاقة مفيدة للمجتمعات؛ وترتبط قدرة الدول على إعادة التدوير بتقدمها وتطورها؛ وهذا هو ما يفسر احتواء دول الاتحاد الأوروبي على أكثر من 50 % من صناعات تدوير النفايات في العالم. 

ثالثا: استنزاف الموارد الطبيعية

من إحدى سلبيات التكنولوجيا على البيئة هي استنزاف الموارد الطبيعية واستهلاكها بطريقة أسرع مما يمكن تجديده؛ ومن هذه الموارد التي تتعرض للأضرار طبقة المياه الجوفية والغابات التربة؛ وبسبب تزايد عدد سكان العالم، تزداد مستويات تدهور الموارد الطبيعية أيضا؛ ومع ازدياد استكشاف المعادن والنفط على نطاق واسع مع انطلاقة الثورة الصناعية تأثرت الموارد الطبيعية بشكل واضح؛ وكما أفاد البنك الدولي أن صافي الخسارة في الغابات العالمية خلال الفترة من 1990 إلى 2015 بلغ 1.3 مليون كيلومتر مربع.  

رابعا: إيجابيات التكنولوجيا البيئية

رغم التأثير السلبي للتكنولوجيا على البيئة، إلا أن الارتفاع الأخير في معدل الاهتمام العالمي بتغيّر المناخ أدى إلى تطوير تكنولوجيا بيئية جديدة تهدف إلى المساعدة في تخفيف بعض المخاوف البيئية التي نواجها من خلال التحول نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات الكربونية من أجل الحد من الخطر الموجه نحو البيئة، ونحتاج إلى تطوير تقنيات جديدة تهدف إلى وضع حد للتأثير السلبي للتكنولوجيا على البيئة واستهلاك الموارد وتقليلها؛ ويجب علينا العمل وفق اتفاقية باريس الموقعة في 2016 التي ألزمت جميع دول العالم ببذل الجهود الممكنة لمكافحة تغيّر المناخ للحفاظ على ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي.

خامسا: الطاقة المتجددة

الطاقة المتجددة أو ما يطلق عليها الطاقة النظيفة، يتم تجميعها من الموارد المتجددة، وهي التي يتم تجديدها بشكل طبيعي دون تدخل الإنسان، مثل ضوء الشمس والأمطار والرياح والمد والجزر والأمواج وغيرها الكثير؛ وقد ساهمت التكنولوجيا البيئية الحديثة في تحويل هذه الطاقة الطبيعية بشكل طبيعي إلى كهرباء أو حرارة مفيدة من خلال بعض التقنيات الحديثة المستخدمة في بعض الأجهزة مثل الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والمياه مما يعكس تأثيرا إيجابيا للغاية للتكنولوجيا على البيئة؛ وبعد أن كان الفحم يتسيّد الموقف عام 2015م أصبحت الطاقة المتجددة تحظى بأهمية كبرى؛ ويُعتمد عليها كثيراً في تأمين الكهرباء؛ فقد أشارت احصائيات حديثة إلى أن 20% من كهرباء المملكة المتحدة من هذا النوع من الطاقة النظيفة. 

سادسا: طرق تقليل تأثير التكنولوجيا على البيئة

لحماية البيئة من أي تأثيرات ضارة بها؛ ولتكون في منأى عن أي أخطار؛ لا بد أن تهتم جميع المجتمعات والقطاعات المعنية بها؛ وأن تكثف حراكها من أجل أن يظل محيطنا البيئي سليماً معافى؛ وأن يتبع جميع أفراد المجتمعات الطرق الصحية للتخلص من النفايات الناتجة من المستلزمات الاستهلاكية؛ سواء من خلال تخصيص مراكز لإعادة التدوير تُوجه إليها جميع النفايات؛ أو وضعها في الأماكن المخصصة لها؛ وأن نمتنع قدر الإمكان من شراء مستلزمات تنتج عنها نفايات ضارة تدمر البيئة من أجل المحافظة عليها؛ وعلى الجهات المنتجة للسلع الاستهلاكية أن تهتم بتغليفها بمواد غير مضرة بالبيئة؛ والتقليل من استخدام منتجات التغليف المصنوعة من البلاستيك فقد ثبت أثره السلبي في الإضرار بالبيئة؛ وفي ذات الوقت العمل على توفير المياه والطاقة المتجددة واستخدام وسائل النقل العامة من أجل تقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة من عوادم السيارات؛ فهلا فعلنا ذلك من أجل حماية البيئة والحفاظ على الإنسان دون تعرضه لأي معاناة؟ (شاهد فيديو موقع مقال على اليوتيوب)

بقلم: م. هايل هاشم الفتيح

 

أضف تعليقك هنا