دكة العبيد

دكة العبيد/ هبه مشاري حمادة.

كعادتها في حبك الرواية بمختلف الزوايا والانتقال من مشهد إلى مشهد مختلف تماما بقصة مختلفة لن تتفاجأ من الحبكة بل ستعرف أن هذه هي أعمال الكاتبة هبة دون حتى أن تقرأ اسمها في أول العمل كما تابعناه في زوارة خميس، وسرايا عابدين، ودفعتي القاهرة وبيروت، ومن شارع الهرم إلى.. الخ

صناعة الرقيق وبيعهم في سوق النخاسة

في دكة العبيد فكرة خلاقة في تجسيد بشاعة صناعة الرقيق وطرحها في سوق النخاسة للتداول من الناس، المشاهد مروعة مرعبة في صناعة هذه الطبقة المدجنة على الأغلال من المجتمع القاهر والذي لا يهتم كيف صنعت في هذه المنتجات بقدر اهتمامه باستخدامها لنزواته وشهواته وسيادته، بسحق الانسانية تحت قدميه بالحذاء والتأكد من ذلك تماما، مشاهد النفوذ لدى أصحابه ومشاهد الاستسلام لدى من انتهك فاستمرأ ذاك الانتهاك، كل ما احتاج إليه الأمر هو كذبة اخترعها التجار، وتبناها رجال الدين في تواطؤ بينهم. وصدقها الناس.

كيف قُسمت ألوان البشر؟

تقول الأسطورة أن حام بن نوح نظر الى أبيه وهو ينزع ثيابه فرأى عورته فنام أبيض البشرة وصحى أسود من لعنة أبيه عليه ومنه تولد السود الذين كان عليهم خدمة البيض تكفيراً عن خطيئة جدهم. لطالما استغربت من الطريقة التي قسمت فيها ألوان البشر والكون الكبير، فقد أخذ السكر والملح والغيوم والنور والقطن الحمام واللؤلؤ والأسياد اللون الأبيض، وتركت للأسود الغربان والصحراوات والكهوف وقاع البئر والفحم والليل وعباءات النساء والقبر والعبيد.

من أين انطلقت فكرة تجارة العبيد والتكنيل بهم؟

صورت المؤلفة تكون الإماء من أب سكير مديون باع بناته للنخاس في شيطنة الغرب وتجاهلت الفتوحات والسبي، تمت شيطنة التحرير من أمريكا وبريطانيا لأمر اقتصادي حيث تتخلص من إعالة ملايين العبيد كما أن هذه الفكرة استغبت العرب حيث التهموا الفكرة وكأنها انسانية في الحين أنها اقتصادية محضة وهذا فيه تجني على الاثنين، صدرنا لهم الفكرة وها هم يستهلكونها كما يفعلون دائما، هل هذا موجود في الكتب؟ نحن نكتب ما نريد أن يعرفه الأبناء ليس أكثر من ذلك، يتخلى المرء عن سلوكه ومجتمعه وكل تفاصيل حياته إن أسلم حتى اسمه لا ينجو من نفض تراثه فيغيره.

  • لماذا تهرب الدجاجة مني؟
  • لم يخلق حي ليحبس يا بني.
  • لماذا نقطع بعض الثمار ولم تنضج ولا لنستطيع أكلها .
  • تنضج يا بني عندما تفارق شجرتها، وتهرم بسرعة شأن كل من يفارق وطنه .
  • هل تسكن الروح فرد اسود بخشم افطس .
  • الروح الطيبة لا تبحث عن سكن أبيض أو أسود ، إنها تسكن من يحسن ضيافتها.

هل يعقل أن هذه الوحشية المفرطة في استعباد الاحرار وبيعهم في الاسواق بعد النهب والسلب والتعذيب والانتهاك يحله الإسلام ويشرعنه؟ هل أنتم عقلاء وهل هذا ما يفتخر به؟ تصوير المخمور يعتدي على ابنته فيه شيطنة للخمر، أنتم الانجليز مضحكون جداً، تضعون اقدامكم في مستعمراتكم تأكلون خيرها دون أي شعور بالخجل، ثم تخجلون من الأكل في غرفة النوم وليس على طاولة الطعام.

قصص عن العبودية وخلق الإنسان 

في كتاب الهندوس المقدس: خلق الإله ابراهمان أول انسان وصحى به فقطعه قطعاً ليكون بها طبقات الدنيا، وجعل الفم لرجال الدين كي يحركوا الناس بكلامهم، وجعل الذراع للحاكم يحرك بها رجال الدين، جعل الكتف للتجار يحركون الحاكم، وجعل القدمين للعبيد يحركون الجميع ولكن أحدًا لم يخبرهم، من هم قبلهم رموها في البئر وحين أرادوا الشرب سمعوا استغاثتها منه. حيكت بعدها حكايات الجن في البئر وتوارثت عبر الأجيال قصة جنية البئر والكل يصدق لأنه مهيأ لذلك .

  • انهم يبيعوننا مقابل الملح.
  • لقد خلقنا القدير من الطين فلماذا لم يخلفنا من الملح.
  • لقد خلقنا القدير من الطين لنكون بيوتا تسكنها الروح التي وضعها فينا، لأنه لينيبلله الماء، وتجففه الشمس، وتكسره القسوة، وتذيبه المحبة وتعجنه الظروف، لو كنا من ملح لدينا مع أول قطرة مطر .
  • لبست أغلال العبودية بمحض إرادتي، لأني وعدتك أن أظل بجانبك، وما داموا قد استعبدوك فلن أبقى حراً .

صور العمل أن البريطاني أكثر رحمة وشفقة على عبد لجأ له من مسلم أراد استرجاعه كعبد مملوك، لكنه لم يجرؤ على وضع هذا الصورة في المقدمة والتي قد تكون حقيقية إلا أنها (المؤلفة) تقهقرت وجعلت تلك الشفقة لمصلحة ودناءة.

  • سنتلقى صفعات كثيرة في القادم من الأيام دعيها لا تتجاوز خدك إلى كرامتك، نحنفقط من يمكننا التنازل عن كرامتنا، لا يمكن لأحد أن ينال منها بالشتائم والسباب والضرب أو المطاردة الفكرية، والملاحقة في المساحات، لا يمكننا أن نسقط مع ساقطين سنكون حينها متساوون في الأخلاق.

تعرية الأمة للشراء هل هو ضمن عفة الرجل الذي يستر حريمه كي لا تغري الآخرين؟ مدار الستر للأنثى ليست العفة بل مكانتها سيدة أم أمة فقط. سأكون عبدة كي اتخلص من الفقر فالفقراء عبيد أعمالهم الشاقة، ماذا أصنع بالحرية بلآمال؟ التاريخ هو ما يكتب لا ما حدث فعلاً.

لماذا خلق الرب الانسان؟ تقول الاسطورة: لقد خلق الرب الحجر ولما اغتر خلق له الحديد الذي يسحقه فلما اغتر الحديد خلق النار لتصهره ولما اغترت النار خلق الماء ليطفئها، فلما اغتر الماء خلق الطين ليشربه ولما اغتر الطين خلق الإنسان ليطأه فلما اغتر خلق النوم ليسكنه فلما اغتر النوم خلق القلق ليمنعه، وحين اغتر القلق خلق الموت لذلك نحن قساة من أصل الحجر.

كتب مقال حول مقت العبودية والمطالبة بتحريرهم وحين نزل المقال في الصحيفة صباحاً أرجع كل العبيد الذين قال أنه سيحررهم إلى ملك يمينه ووطأ الإماء ليلاً. يا بني أعلم أنه يبدو لك أنك حادث من الكون. ولكن الكون حادث منك، إنه أنت المخطئ، فلا تبحث عن شيء يحمل عنك خطيئتك فالله يسمع ويرى، إياك أن نصدق أن تفاحة هجرتنا من الجنة إلى الأرض، هذا طمعنا للمزيد من التفاح، الغيرة تفاحة العشق، المال تفاحة السلطة، والحاجة تفاحة التنازلات، والجمال تفاحة الغواية، والثقة تفاحة الخيبة، ما زلنا نحصد أحفاد تفاحة الجنة الأولى تلك، وما زلنا نروح المزيد من التفاح.

أنت عبد بمجرد أنك رضيت مناداتك بكلمة “عبد”

فئران السفينة هل قدمت من بلادنا أم تركت بلادهم وهي أول من يستشعر الخطر فتلوذ جماعات إلى مكان آمن؟ هل يعطونك الخبز مقابل احتلال البلاد يعتبر تعاطفاً؟ الفكرة تحتاج من يصدقها لتحيا دون من يؤمنون بها هي ميتة، يمكن أن نكون نحن الحمير التي تحمل الطعام وهي جائعة دون أن تأكل عودا واحدا ليس لأنها وفية لأسيادها بل لأنها اعتادت خيانة نفسها، أول مرة يخون العبد نفسه عندما بنادية أحد ما (أيها العبد أو ههههيه أو رفييييق) ويلتفت ملبياً فبعد سقوط اسمك تسقط الأشياء بلا دوي

حينما يجد العبد المفاتيح الباب المقفل ملقاة على الأرض فلا يتناولها ليفتح قفل عبوديته ليتحرر يكون قد ألف العبودية وأصبحت فيه تماما. العبيد يباعون مرة واحدة ثم ينامون برغد أما إن كن أحرارا فيسباعون كل ليلة في الحانات، من أفتى بأن الأنثى الأمة حين تشترى تكون ملك يمين يحل فرجها لمن اشتراها؟

العمل من حيث الإخراج والممثلين والنص كعادة أعمال هبه مشاري هي شادة ومشوقة ومحترفة صور العمل المجتمعات العربية والغربية والافريقية في ظل الاستعباد والرق وظروفه المتنوعة بكل أنواعه إلا أن ترسيخ حالة السحر والجن كانت غلطة فادحة مؤسطرة للعقل والتفكير.

فيديو مقال دكة العبيد

أضف تعليقك هنا

علي البحراني

علي البحراني