ما معنى إبليس في لسان القرآن؟

ما معنى إبليس في اللسان؟

قال الله سبحانه: (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا). إبليس في اللسان هي صفة الإبلاس واليأس في الناس يقال: أبلس فلان أي يأس وقنط، وقال عن الناس الذين انقطع عنهم الغيث وأيسوا منه (وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ) أي آيسين قانطين، وقال عن الناس الذين ألفوا النعم وعصوا الله ثم أخذوا بغتة (حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ) اي آيسون قانطون وقال عن عذاب أهل النار (لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) أي أيسون منقطعون (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِين) هنا نجد أن النار أعدت للكافرين من الناس ولا نجد مع أهل النار خلق آخر غير الحجارة..؟

ما معنى الجانّ؟

والقرآن مفصلة آياته والله سبحانه فصل وبين خلق الإنسان أنه يتكون من جسد ذو طبيعة ترابية.. ونفس ذات طبيعة ناريه.. وروح ذو طبيعة نورانية.. في قوله (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ) هنا يفصل سبحانه خلق الجسد أنه من طين متصلصل والصلصال هو الطين اليابس الأجوف الذي يصدر صوت أثناء قرعه وقال (وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ) عطفت الاية على ماقبلها بواو العطف في اشارة الى اقتران واجتنان الجان بالانسان.. والجان صفة في اللسان تعني الاجتنان والتواري والاستتار بالشيء كقوله عن عصى موسى (فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ) اي (فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى) او (فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ) وهنا اتت الجان تصف الحيات والثعابين واجتنانها وتواريها واضطرابها وسرعة خفتها واستتارها بالشيء.. كذلك الجان في الاية تصف اجتنان وجريان النفس بالجسد كونه يغلب عليها الاجتنان والتواري والاضطراب والخفة والتستر بالجسد.

سمو الروح والاتزان في حياة الإنسان 

وقال سبحانه مفصلا ومبينا آياته للناس لعلهم يتفكرون (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) فبعد أن بين سبحانه عن خلق الجسد واجتنان النفس وتنفسها فيه ،هنا يبين عن نفخ الروح الربانيه النورانيه على الجسد لتكون، نار النفس بردا وسلاما على الانسان ولا تضطرب وتتأجج، وليحدث التوافق بين عقل نفسه وسمو روحه، أما إن تماثل الانسان وتماهى مع أنا نفسه المستكبر فستكون حياته جحيم، أما إن جعل أنا نفسه يخضع لسمو روحه سيحدث التوافق والاتزان في حياته، وقد هداه الله للنجدين ويسر له السبيل كما قال (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) فإن اتبع شطط نفسه سيصبح ساخطا ناقما مكتئبا، وان اتبع نفخة الله وامره فيه سيصبح شاكرا ،وعليه سيتبعه انا نفسه بالتدريج لتنتقل النفس من اماره.. الى لوامه.. الى مطمئنة.. وتنتقل مع روح الله وامره ورضوانه بسلام

الجان والشيطان وإبليس هي صفات في الإنسان

ونتبين اكثر باللسان القرآني أن الجان.. وإبليس والشيطان.. هي مفردات وصفات تعني إبلاس ويأس واجتنان واستتار أنا النفس بالجسد وشططه وبعده ونأيه عن السبيل.. ويحذر القرآن الإنسان من عدم التماهي والتماثل مع هذا الأنا بداخله الذي رفض الانصياع في بدء الخلق في الجسد واضطرب واستكبر ووسوس لآدم وأخرجه من الجنة.. ولنتبين ذلك من القرآن قال (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) قال (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ) وباتباع قرآنها تجد بيانها قال (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) وهنا نجد انه يعني انا نفس الانسان الموسوسه، لذلك نجد أن آدم من عصى ربه باتباعه لوسوسة نفسه قال (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) ونجد أن آدم من نسي عهد ربه باتباعه لهوى نفسه قال: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا)

ونتبين أن إبليس هي صفة الإبلاس واليأس لأنا النفس في الإنسان، ونتبين أن الجان صفة لاجتنانه وتواريه في الجسد ونتبين ان الشيطان صفة لشططه وبعده ونايه عن السبيل ،ونجد ان ابن آدم من طوعت له نفسه قتل اخيه قال (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ) وهذا يدل على الاناء المستكبر عن الله سبحانه وعن الانسان نفسه، وقال في الحديث : الشيطان يجري في بني آدم مجرى الدم، ويعني به انا النفس الامارة بالسوء الجاري في الانسان، فقد اتسم بالشطط والبعد والنأي عن الصواب ..الشيطان مفردة من جذر شط ..شطط.. شيط وتعني البعد والنأي عن نور البصيره والالف والنون في المفردة تاتي للمبالغة التاكيدية لتبين خطر ما تشير اليه المفردة او لتبين علو قدره ..كالقول (قرآن) من جذر قراء ويعني به القرأة الكامله والشاملة للكون والحياة الاولى والاخرى.. او كالقول (شهر رمضان) من جذر رمض اي انه شهر حر والالف والنون للدلالة على انه شهر حر وهجير ورمضاء والصوم فيه يزكي النفس وينقيها.. كذا الشيطان من جذر شط ..شيط وشطط قالوا (لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا) اي ان دعونا بغير ذالك فقد ابتعدنا عن السبيل.

كيف للإنسان أن يتبين الشيطان الذي بداخله؟

لذلك قال سبحانه (إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) اي انه عدو مبين واضح بإمكان الإنسان أن يتبينه، ولكن كيف لنا يارب أن نتبينه، هل نتبينه بالبصر؟ (بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) بالإمكان ان يتبينه ببصيرته.. ليجده يتاجج فيه ..بالغضب والغيض.. والغل.. والكره ..وحب الانتقام من الآخر ..والتماثل مع الماديات.. وحب السلطة.. أليست تلك صفات ناريه تعود لاصل خلقها؟ إن النفس خلق اول خلقت قبل الجسد من مارج من نار ..بينما الروح الربانية خلقا آخر تبارك الله ..ألا تجد اناك فيك.. عندما تختلف مع أخيك الإنسان يتأجج فيك ويزفر بغيظه وينادي عبرك بصوت الأنا الاول (أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ) فيجعلك تهجر أخاك وتخاصمه؟ ألا يجعل الناس متنافره ومتخاصمه ومتقاتلة فذالك الاناء المبلس يمثل الإنسان ان تماثل وتماهى معه لذلك قال سبحانه للعباد (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا) فالنزغ هو التهييج وتأجيج الشر بينهم وكل واحد منهم يحاول ان يكيل للآخر ،وكل منهم متماثل ومتماهي مع اناه المستكبره وشطط نفسه.

خلق آدم وخلق إبليس

والخطاب الرباني كان لذلك الانا المبلس والمستكبر في الجسد ..كان لذلك الجزء المنفي في الجسد ووظيفة الانسان ان يعيده إلى صوابه وإلى ربه وليس أن يتماثل ويتماهى معه فيقوده إلى (أَصْلِ الْجَحِيمِ) فالنفس ذات حارة متأججة بطبيعة نارية وخلق أول يقودها عقل الأناء، بينما الروح خلق رباني آخر ووعي لا محدود ..النفس كانت تعيش في الخلق الأول حيث كانوا بمعنى الشياطين تشكيلا وصورة وجسداً.. يسفكون دماءهم ويعيثون في الأرض فساداً كونهم كانوا أجساداً متنفسه دون أرواح ومن ثم (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ) والاصطفاء هو الانتقاء والاختيار المثالي في الخلق.. اصطفاه من سلالة الخلق الأول ليستخلف الأرض من بعدهم كما قال لذريته (إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) فالقوم الآخرين هم السلالة والشجرة البشرية الأولى المتوارثة الصفات التي اصطفى آدم منهم وبما أن الخلق خلقه الله (مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ) فالصفات البيولوجية للشجرة البشرية الأولى موجوده في الإنسان لذلك قال لآبائنا (وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) وأنا النفس عندما وجد أنه في جسد رباني روحي مقوم ومركب ومصور لا يملكه استكبر واضطرب وتأجج في الجسد وابلس وياس (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ).

للإنسان الخيار في سمو نفسه وروحه 

والهبوط يعني من مدارك الروح كون الروح لباس الجسد الذي يتقي به الإنسان شر نفسه (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) فهو الطاقة التي تحوي الجسد، فهبط انا النفس وعقلها واصبح مضطرب ومتاجج ومنفي في الجسد ..والانسان بتماثله وتماهيه معه لا يجد إلا الخوف والجزع والهلع كما قال (إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا) إِلَّا الْمُصَلِّينَ) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ) باستثناء المتصلين بشكل دائم بروح الله وأمره ورضوانه والصلاة هي تذكير للانسحاب من ضجيج ذلك الإناء النفسي.. إلى واحة وراحة الروح الربانية..وأصبح للإنسان الخيار أن يتقدم لخلقه الروحي الرباني الجديد ويتماثل معه ويصبح ربانيا، أو أن يتأخر لخلقه الأول ويتبع نفسه ويصبح شيطانا، كما قال (لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) فإن تماثل مع أنا نفسه، روح الله لا يقبل شريك معه يرتفع عنه، وإن تماثل مع روح الله أتته النفس مرغمة.. ففي الإنسان ظلماته ونوره ..وفيه جنته وناره، وعليه أن يعيد ذلك الإناء إلى صوابه بالقبول والتسليم والمجاهدة ليتدرج ويعتاد على واحة الروح وجنته الربانية وهنا يذوق الإنسان جنة الله في الأولى قبل الأخرى والله أعلم.

فيديو مقال ما معنى إبليس في لسان القرآن؟

 

أضف تعليقك هنا