هدية من الزمن المنسي

بقلم: بنواحي هناء

هو على يقين تام أنه لم يلتقي بها من قبل لكن هي متأكدة مليون مرة بأنهما التقيا وجمعتهما لحظات من لحظات الأنس لوهلة من الزمان مضت بسرعة البرق كما مرت سنين عديدة بعيدة هي عنه وعن دفء روحه وصوته الهادئ الساحر الذي يذهب الحزن من قلب كل مهموم ومغموم أما تقاسيم وجهه الملائكي الساحر فهو يسحر الناظرين بابتسامته لكن هذه الأخيرة غابت حين عادت ظلال الحزن تعلو محياه.

ذكرياتي مع من أحب

 لقد تغيرت ملامحه  مع توالي الأيام وتغيرت معها اشياء عديدة إلا روحه وفؤاده اللذان احتفظا ببصمتهما  لم يغير الجفاء والقسوة  معالمهما أبدا مع توالي النكبات والصدمات وسنين عجاف لا تنكر هي أنها فعلا أصيبت برصاصة قاتلة من مسدس النسيان أردى العديد من الذكريات والأشخاص قتلى وأمواتا مع وقف التنفيذ إلا هو تمكن من الإفلات بذكرى حياته في قلب ذاكرتها وظل محفورا في قلب وروح الذاكرة.

لا تدري هي لما هو  بضبط لم يزحزح مكانه ولم تتمكن من  نسيانه أبدا فقد ظل خالدا في ذاكراتها حتى صادفته صدفة في درب ليس دربها وفي حياة  لا تمت للحياة بصلة أفعلا هو ام لا حاولت هي جاهدا  أن تنكر وجوده من ذاكرة الماضي لكن في كل مرة تؤكد لها مرآة ماضيها انه مر من زقاقها وأنه كان حاضرا في احدى زواياها لأيام معدودة على رؤوس  الأصابع لكنها ظلت خالدة خلود الروح رغم مرور ألأيام وتوالي الصعاب.

دعائي بعودته لي

هي تضرعت لله كم من مرة وفي كل لقاء  أن يعيد لها تفاصيل وتقاسيم وجهه الجميل وابتسامته وحكايته مع الماضي وإسم عائلته وقصته مع الزمن ومع اصدقائه وأسرته وبحثه المستمر عن  سر وجوده في الحياة وعن من افقده الوجود وعن سر غياب السند واشياء عديدة.

أمنيتي

كانت أمنيتها حينها ان تعرف عنه الكثير لكن خانتها تجارب الحياة وخانها الزمن حين افقدها  الاحساس به بحكم السن وبحكم الدنيا نفسها لا تدري هل هي من قامت بإنهاء علاقتها به  بمكالمة هاتفية أو أضاعت رقم هاتفه أو هو من غير رقم هاتفه لسبب من الأسباب  كانت حينها مشوشة التفكير ولم تكن تدرك حينها وقع الاحاسيس والحب والقرب والبعد.

اشتياقي له

حاولت هي وبشتى الطرق الممكنة والوسائل  بعد ان أدركت وقع غيابه ومدى اشتياقها له أن تبحث عنه لكن لم يسعفها الحظ فهذا الأخير هو بنفسه مبحوث عنه في دنيا الناس التي يحكمها اللامنطق لذلك هي فوضت أمرها للامنطق للبحث عنه لأنها لم تكن تعرف حتى إسم عائلته ولا حتى عنوان بيته ولا خريطة روحه ترشدها لوجود فؤاده لم تكن تعرف حتى هوايته وتطلعاته ودراسته كانت هي جاهلة لهويته المطلقة.

كانت تود فقط الوصول إليه وتستعيد ابتسامته  وهوية روحه الشفافة التي اذاقها الزمن لوعة الفراق وجعلها تتخبط في الألم لمدة من الزمان كأن الألم كان عاشقا لتلك الروح البريئة المحبة الحنونة تلك الروح التي فقدتها وهي تصارع الزمن المنسي وفي الصراع غاب هو وغابت معه بشاشته مع جلسائه ومشاعره البريئة التي داس عليها الدهر وجعل منها روح تتألم من دون شكوى تحزن من دون  بكاء ولا عويل.

تصرخ لكن بصمت تناجي الرحمن من دون صلاة ولا شهادة تحارب من دون سلاح تغضب بهدوء وتارة تصبح وحشا كاسرا تحرق الأخضر واليابس لأنها تألمت إلى ذلك الحد الذي اصبح فيه الألم صديقه الوفي ومن عاد الألم صديقه حتما سيألم من حوله لا محالة من دون حتى أن يدري وكيف له أن يدري وهو يألم حتى نفسه كل يوم ولا أحد يمد له يديه وينقذه من الغرق في بحار الظلمات واللاعودة.

هكذا اصبح هو انسانا مغايرا عن  الماضي لكن ليس مختلفا عنها هو مزال نفس الشخص نفس الروح الشفافة التي لم يكسوها السواد رغم فراق الأحبة وغدر الأيام ومن كان يظن بهم خيرا وفي الاخير اكتشف ان بعض الظن اثم ومن كان لهم  سند خذلوه ومن توقع منهم الوفاء خانوه مع الدنيا وباعوه واشتروا الدنيا.

صفاؤه ونقاء روحه

لم يعد هو يفضض كما كانا سابقا فالفضفضة كانت دربه اما الأن عاد كتوما حذرا فالحذر هنا واجب لمن حكمت عليه الحياة   بحكم قاسي جدا تهمته الوحيدة أنه كان صريحا وعفويا في دنيا لا ترحب إلا بالكاذبين هو يرواغ الدنيا لكن الصدق الذي بدواخله يسطع من عيونه لا تنكر هي انه في الماضي لم يكن يعني لها سوى عابر سبيل عبر دربها  وتخطى حاجز الأمان الذي كانت تضعه هي في حياتها لكي يجنبها صدمات الحياة لكن لم تكن تعلم هي ان الصدمة الكبرى هي أن تفقده إلى الأبد ومن دون رجعة.

لكن  حينها كانت هي مكبلة الروح لا ترغب في خوض علاقات ابدا لكن رغم ذلك هو حرك بدواخلها مشاعر لا تهدأ ولا تنسى كانت مشاعر صادقة قبل ان يودعا بعضهما من دون عناق  ولا قبلة ولا حتى وداع ودعا بعضهما بضياع كل منهما في متاهات الحياة ولم تعثر هي عليه إلا بمشقة الأنفس وبرحمة من القدر نفسه فلولاه لما التقيا أبدا.

بعد مضي سنوات عديدة تغيرت بدواخلهما اشياء لا تعد ولا تحصى ولم يعرفا بعضهما منذ الوهلة الاولى لكن مع مضي الايام اكتشفت أنه هو نفس الشخص نفس الابتسامة نفس الروح نفس دفئه  التقيا في نفس المكان الذي شهد على فراقهما لسنوات طوال.

ذكريات أول لقاء

في كل مرة كانت تطأ قدامها ذلك المكان إلا وتتذكر هي اول لقاء  وكيف كان يحكي لها عن  نفسه لا تنكر هي أنها تمنت  لو أنها عانقته بشدة واحتضنت روحه واشتياقه وكل شيء تحتضنه كما احتضنها هو بردائه الدافىء وبدعوتها لها في أحد الليالي الباردة لشرب فنحان قهوة في إحدى مقاهي الدنيا لكن مر كل شيء بسرعة الا حين استيقظ الزمن من سباته وأهداها حضنه وروحه من جديد حينها ايقنت ان القدر يعيد ترتيب الأمور تدريجيا وفي أوقات غير متوقعة  ومناسبة أيضا لكي يهديها ذلك الحب والاشتياق المفقود بدواخل دنياها هي شكرت القدر لأول مرة على هذه الهدية القيمة التي جادت بها السماء في لحظة من لحظات أعلنت هي استسلامها نهائيا من درب الحب.

الحب الأبدي

هي تحب وبحب واشتياق أبدي وحب أبدي تلك الأبدية التي كانت كلمة سر ايقضت بدواخلها  العديد من المشاعر الجياشة التي لن تنسى ولن تنسى أبدا هي كانت معجبة به منذ البداية قبل اثنا عشر عاما والأن أصبحت متيمة به ومهووسة به بشكل لا يصدق أحيانا قد يكون عابر سبيل مجرد عابر سبيل وأحيانا يصبح مقيما إقامة أبدية لا تحتاج لا لجواز سفر ولا لتأشيرة تلك هي حكاية إلى الأبد هي حكاية ستظل أبدية تحكيها هي لأطفالها  ولرفيقها الأبدي وحياتها  قبل الخلود للنوم هو الحياة بكل اختصار

بقلم: بنواحي هناء

 

أضف تعليقك هنا