الفاشينيستا من الثقافة إلى التفاهة!

الفاشينيستا هي المرض الذي سيطر على عقول الكبار قبل الصغار، هي الإعتلال الذي نخر الرجال، هي الوباء الذي قتل النساء، أبنائنا خلف شاشات هواتفهم يتابعون ويقلدون هذه المصيبة التي تهدد الثقافة والفن والعلم وكل المجالات، وياليت توقفت هذه المصيبة إلى هنا، بل إنها غزت جميع التخصصات والمجالات حتى وصلت إلى الدين.

الجحيم الذي يرقص فيه الفاشينيستا!

نحن نعيش في عصر التفاهة، الفضائات والتي من المفروض أن تكون معقلا للثقافة أصبحت ملاذا وملجأ للتفاهة، فترى على هذه المنصات الجحيم الذي يرقص فيه الفاشينيستا!

النظام الجديد الذي يعيشه العالم

العالم يتحول، العالم ينتج نظام جديد وهو التفاهة، أصبح العالم يصنع التفاهة، فهناك مصانع خاصّة لإنتاج التفاهة الثقافية والفنيّة، فترى أحدهم يهز بكرشه ليحصد ملايين المتابعين، وترى أخرى تعرض جسدها سلعة لجني آلاف الدولارات، وترى أخرى تدمر كلمات أغنية وتقتلها لتهرع نحوها القنوات لإجراء مئات المقابلات!

معيار النجاح

الإنسان يتحول، ليصبح إعتقاده بأن المال هو المعيار الأوّل والأوحد لكي ينجح، ولا يهم إن هزّ كرشه! لا يهم إن تعرّت! لا يهم تصدير أي محتوى تافه وساذج وجنسي، المهم المال، لقد أصبح المال هو الإله الذي يعبده هذه الثلة، هو القيمة الأسمى التي تركض خلفها هذه المجموعة، متناسيين بذلك كل القيم الأخلاقية، ومتجاهلين أن هناك رب إرتضى لنا الاسلام دينا وفق معايير حقيقية سيحاسبنا عليها عندما يلتهمنا الموت!

يكتب أستاذ الفكر النقدي في العلوم السياسية والفيلسوف الكندي في جامعة مونتريال “آلان دونو” في كتابه (نظام التفاهة) قائلا: إن النظام الإجتماعي الذي تسيطر فيه طبقة الأشخاص التافهين على معظم مناحي الحياة، حيث يتم مكافأة الرداءة والوضاعة والتفاهة.

نظام التفاهة الذي نعيش في ظله

ويسلط الفيلسوف الكندي “آلان دونو” الضوء على حقيقة صادمة مفادها أن الفضاءات التي من المفترض أن تصنف في خانة مضادات الرداءة، وفي مقدمتها الجامعة، أمست لبنة أساسية في نظام التفاهة الذي نعيش في ظله. فبدلاً من أن تضطلع الجامعات بأدوارها التنويرية وتفرز لنا مثقفين نقديين يشتبكون فكرياً مع القضايا والأسئلة المجتمعية المُلحّة، أصبحت الجامعات مشتلاً لما يسمى بالخبراء أو “أشباه الخبراء” الذين يحاولون إضفاء الشرعية على الأوليغارشية (حكم الأقلية) الإقتصادية المهيمنة والتَّعْمِية على تجاوزاتها.

ويؤكد على ذلك المُنظر الأدبي الفلسطيني “إدوارد سعيد” والذي وصفه الصحفي والمراسل البريطاني “روبرت فيسك” بأنه أكثر صوتٍ فعالٍ في الدفاع عن القضية الفلسطينية، يقول إدوارد سعيد: أن الخبير يُدفع له لكي يفكر بطريقة مُعينة. لذلك، فلا عجب أن نجده يشكك في ظاهرة التغير المناخي الناجمة أساساً عن الصناعات الرأسمالية الملوثة، أو حين ينكر المضار الصحية الناجمة عن التدخين.

في النهاية

إنه عصر إنقراض التفكير العميق والفلسفي والتأملي في النظر إلى جوهر الأشياء، وإفساح المجال أمام تغول التفاهة في كل المجالات والمعارف لكي ننشئ جيلا فارغ فكرياً وأيديولوجياً ودينيّاً وروحيّاً، وعاجز عن التعاطي مع الإشكالات الفلسفية والعلمية والنظرية المتّصفة بالعمق وكثافة المعنى، ولكي نقضي على هذه الظاهرة وهذه المصيبة فإنني أجد رأي الفيلسوف الكندي “آلان دونو” هو الصواب.

حيث أنه قال أن السبيل للإطاحة بنظام التفاهة لا يمكن أن يتم إلا بكيفيّة جماعية أو ما يصفه بـ”القطيعة الجمعيّة”، وليس عبر نُشدان الخلاص الفردي، مع ما يستلزمه ذلك من طرق تفكير راديكالية لإنهاء وجود هؤلاء الأشخاص التافهين عبر إنهاء متابعتهم ومشاهدتهم ومقاطعتهم، وإنهاء هذه المؤسسات والمنابر التي تدعم هؤلاء التافهين الذين يضرون بالصالح العام وبتفكير الإنسان.

فيديو مقال الفاشينيستا من الثقافة إلى التفاهة!

 

أضف تعليقك هنا