غزة قلوبنا إليكِ ترحل كل يوم

بينما نحن نعيش هناك من يتجرع الألم ليعيش

لا شيء يشبه شيء. فالحياة واحدة نعم، لكنها تختلف من بعقة لأخرى. آخر يحتسي كوباً من القهوة و آخر يتجرع كوباً من الألم، آخر يشتري ثياب جديدة وآخر يدفن في ملابسه القديمة، آخر يأخذ طفلهُ إلى المدرسة وآخر يأخذ أطفاله إلى المقبرة، آخر يذهب إلى المشفى وآخر يؤخذ إلى المشفى لقطع أحد أطرافه، آخر يبحث عن الاستجمام وآخر يبحث عن الأمان، وآخر وآخر وآخر أما القسم الثاني من الآخر فهم أهلنا في غزة.

أكتب وأكتب وأدرك جيداً أنني مقصر بحق عن من أكتب بحقهم، كل شيء ضدهم حتى وسائل التواصل الاجتماعي، لدرجة أنهم يمنعوننا أن نشاركهم حزنهم ونجاتهم، الكيل بمكيالين جرب أن تكتب منشور تعارض فيه مثليين الجنس حتماً لن يسمحوا لك ومن حقك الطبيعي أن تعبر عن رأيك بما تريد، لكن عندما تدافع عن أهلنا في عزة فهذا تحريض ضد الانسانية كما يزعمون، دائماً أبداً أتصبر بأن الله جعل لنا الآخرة لنحصد حقنا بعدل مطلق، لم أتخيل حياتنا قط بدون آخرة فهي صورة من العدل الإلهي.

آلام غزة آلامنا وجراحها جراحنا

عشت في الغوطة أحداثاً مؤلمة جداً لدرجة أنني لا أستطيع تذكرها دون أن أبكي، وفي معظم الأحيان أهرب من ذاكرتي عندما تأتي تلك الأحداث، الآن أنا اصف تلك الأمور التي حدثت معنا في السنوات الماضية أنها أحداث ،مجحفة وظالمة وغير منصفة تلك الكلمة التي تلخص آلاف الشهداء والمصابين والأرامل والأيتام والمخنوقين من الكيماوي في كلمة أحداث.

اليوم تلح ذاكرتي بتذكر تلك الأحداث لكن بصورة مغايرة تحديداً في غزة، أشعر بشعور الذين يقصفون وأعرف هذا الشعور تماماً، لطالما أحاول أن أتغاضى عن بعض الفيديوهات التي لا أستطيع أن أكملها، رغم كل ما مر بنا من حصار الغوطة لا استطيع أن أكمل فيديو نعم ببساطة لأنني أجهش بالبكاء ،لم أدر ظهري ولا قلمي ولا ذاكرتي عما يحدث في غزة. وأعرف حق المعرفة أن وراء تلك الفيديو مئات بل آلاف الآلام

ها أنا استسرق من ذاكرتي ذكرى قصف المستشفى التي كنت أعمل بها، فقدنا يومها الكثير والكثير من الكادر الطبي والمدنيين، ها هو قصف مشفى المعمداني تحيي قصف مشفى الكهف الطبي الجراحي، وأنا استرجع أسماء زملائي حسن وعز الدين وأبو زهير و الكثير والكثير، والمشفى المعمداني تفقد الآلاف من الناس المحاضرين من كل مقومات الحياة، اللهم كن لأهلنا في غزة عونا ومعينا ومؤيداً وناصرا وأمينا.

غزة ما تحتاج إليه هو أن تعيش حياة عادية

وأنت تتصفح هاتفك وترتدي معطفك الثمين، وتأخذ شهيقاً خالياً من غبار الحرب وتتكئ ربما على نافذة أو تحتسي مشروبك المفضل وتعيش حياتك بآمان تام لأنك لا تستطيع أن تقدر ثمنه دون أن تشعر بشيء، أترون تلك الأشياء البديهية البسيطة التي يستحال أن تكون خالية عند أي شخص، هنالك أناس محرومون منها، محرومون من أدنى مقومات الحياة هنا لا أتكلم عن الخبز والكهرباء والماء لا بل أتكلم عن حياة عادية جداً، فهذه الحياة غير موجودة الآن في غزة.

كيف يمكننا مساندة غزة؟

دعونا نتساءل ماذا نستطيع أن نقدمه لأهلنا في غزة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (انصر آخاك ظالماً مظلوم)، فلما قاله النبي ﷺ قالوا: يا رسول الله! كيف أنصره ظالمًا؟ قال: تحجزه عن الظلم فذلك نصرك إياه نصر المظلوم واضح، لكن نصر الظالم معناه: منعه من الظلم. انصرهم بمالك، أقلها أن تنصرهم بدعائك لا تبخل عليهم بدعاء دبر كل صلاة لعل الله يخفف عنهم وطأة الحرب.

ولا تعجب من الناس المسلمين الذين يقفون بجانب دولة الاحتلال، فكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منافقين وكانوا يكيدون له، وهنا اقتبس منشوراً للدكتور (وائل الشيخ آمين)، المسلمون اليوم ثلاثة أصناف: “الصنف الأول: (رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا). الصنف الثاني: (إِنَّ أَقْوَامَاً خلْفَنَا بالمدِينةِ مَا سَلَكْنَا شِعْباً وَلاَ وَادِياً إِلاَّ وَهُمْ مَعَنَا، حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ). الصنف الثالث: (وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ ۖ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ).”
ونسأل الله أن لا يعمي أبصارنا ويثبتنا على ديننا دين الرحمة والعدل وأن يحشرنا مع من (حسن أولئك رفيقا).. اللهم أنت أعلم بما نملك من الأمر اللهم أيد أهلنا في غزة بملائكة من عندك وكون لهم ولاطفاهم ونسائهم وذويهم عونا ومعينَ. آمين

“خليلي إن كان الزمان مساعدي
وعاتبتماني لم يضق عنكما عذري
ولكن إذا كان الزمان مخالفي
فإياكما أن تؤذياني مع الدهر
“عبيد الله بن عبدالله بن طاهر”
وختاماً: “اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون” صبراً يا أهلَ غزة فإن موعدكم النصر و الجنة.

فيديو مقال غزة قلوبنا إليكِ ترحل كل يوم

 

أضف تعليقك هنا