الشائعات الإفتراضية في الصدارة والوداع للحقائق

مواقع التواصل تمثل بيئة خصبة لنشر الشائعات

على الرغم من فاعلية وسائل التواصل الاجتماعي ودورها الإيجابي في نشر الأخبار الجادة وخدمة المستخدمين في إيصال المعلومة المفيدة، إلا أنها تلعب دور كبير في نشر الشائعات والأخبار الكاذبة بين الناس، إذ تمثل طبيعة تلك المواقع بيئة خصبة لتناقل الأخبار، بغض النظر عن صحة الخبر أو دقة المعلومة، كون تلك المنصات تعمل من غير مواثيق معتمدة أو قواعد ضبط صارمة، وغالبًا لا يخضع تناقل الأخبار فيها إلى أي نوع من المساءلة القانونية أو إلى عقوبات تُفرض على مُروجي الشائعات! فوجود ساحة مفتوحة لأداء تلك اللعبة يشجع على نشرها أكثر، بالإضافة إلى وجود آذان صاغية واهتمام دقيق للشائعات الزائفة بصورة واضحة تسبق الخبر الحقيقي بأشواط.

ترويج الشائعات من أعمال الشخص الفاشل في الحياة الواقعية

يلجأ بعض الأشخاص الفاشلة في الحياة المهنية إلى إنشاء حسابات وصفحات عامة في مواقع التواصل لإتباع أسلوب الترويج عن شائعات مختلفة، لأنهم يجدون في نشر ذاك العمل شهرة رخيصة من أجل تحصيل أكبر عدد من القراء والتفاعل على مواقعهم الخاصة، وبالتالي حصد أموال وأرباح شبه خيالية تدر عليهم من وراء الإعلانات المنشورة على مواقعهم وصفحاتهم، لن يحصلوا عليها في حال مارسوا أعمال مهنية في الحياة الواقعية، لذلك يسلكون الطريق السهل في كسب قوتهم من نشر أخبار متنوعة جذابة ومثيرة عبر ترويج الشائعات من مختلف الأصناف، سواء شائعات علمية، أو صحية أو اقتصادية أو فنية… مهمتهم اصطياد الشائعات التي يأتي منها الأرباح، واللهث فقط وراء أي خبر مزيف حتى لو كان مجرد وهم وكذبة مبتكرة.    

الكثير من الصور المنشورة على مواقع التواصل مزيفة

كذلك الأمر مع بعض الصور التي نقف عليها لمشاهدة اللقطات الطريفة والغريبة منها في مواقع التواصل، فقد نتفاجأ أحيانا بانتشار صور مثيرة للفضول، ثمّ يتبين بعد التدقيق أنها زائفة، ليست سوى مهارة في استخدام برامج تعديل الصور (الفوتوشوب)، وذلك كله كيّ تحصد عدد هائل من الإعجاب والتعليق تحت عنوان سبحان الله! ولكن للأسف هناك الملايين من الأشخاص يصدقون تلك الصور ويتأثرون بها، بَيد أن الأمر كله لا يتعدى كونه خدعة تعمل على اللعب بمشاعرهم… 

هناك أيضًا في العالم الإفتراضي أشخاص معاقة نفسيًا تقوم في استغلال صور مستخدمي مواقع التواصل، سواء كانت لشخصيات سياسية ومشاهير فنية أو رياضية، أو حتى لأشخاص عادية لافرق! حيث تعمل على تعديل صورهم المنشورة وجعلها مادة دسمة في نشر الفضائح والإشاعات المغرضة التي تنتهك الخصوصيات، وقد تصل أحيانًا حد التهديد بنشر المزيد منها للحصول على الأموال عبر ممارسة فعل الابتزاز…

تأثير الشائعات على الأفراد

فئة ضخمة من الأشخاص تتأثر بصورة كبيرة بالشائعات المنشورة التي تخصهم، وخاصة هؤلاء الذين يخافون من مواجهة ردود الأفعال السيئة التي يتعرضون لها من الناس المحيطة، كونهم يعيشون في مجتمع مغلق تأثره التقاليد القديمة والأفكار السطحية، وهذا الخوف يوصل الفرد منهم إلى حالة نفسية تحمل عواقب رديئة من الصعب التخلص منها…

ومع سهولة انتشار الشائعة جراء مشاركتها عبر مواقع التواصل، والسرعة التي تجعلها تصل إلى نطاق واسع من المعمورة، تزداد معاناة الشخص ويشتد حزنه لدرجة إصابته بمرض عضوي مؤلم، يولد معه قلق متواصل ينهك قواه العقلية، وقد يصل به الوضع إلى الدخول في مرحلة الاكتئاب والتفكير بإنهاء الحياة كي يتخلص من مواجهة هذا الموقف.

معظم الأخبار المنتشرة عبارة عن شائعات

من الأمور الغريبة أن معظم المحطات والمواقع الإخبارية أصبحت تأخذ أخبارها من مواقع التواصل الاجتماعي، بل تقوم على إعداد برامج خاصة للتحدث عن الشائعات ومتابعتها، فتقوم على تحليل كل واحدة على حدى، وعرض تعليقات القراء والمتابعين على الخبر المزيف! حتى بات رأي المشاركين في مواقع التواصل الإجتماعي يمثل الرأي العام وهذا موضوع خطير جدًا…

لهذا السبب يجب على مستخدمي مواقع التواصل التأني في قراءة الخبر وأكثر حذرًا مما يرونه على تلك المواقع، وعدم تصديق أي معلومة منشورة فيها من دون وجود مصدر موثق يدعم الخبر، لأن الإشاعة التي تُنشر على مختلف المنصات الاِلكترونية يراها الملايين من الناس، وقد يتفاعلون معها على أنها حقيقة! مما يزيد قوتها لدى القارئ ويدعم ما جاء فيها بالرغم من فقرها للمصداقية والمصدر الموثوق.

لا بد من محاربة الشائعات للقضاء عليها

عندما تنشر بعض صفحات مواقع التواصل الشائعات ولا تجد من يتصدى لها تستمر بتلك العملية من أجل جذب المزيد من المتابعين للحصول على المكاسب المالية، بينما قد تكون الغاية من متابعة هؤلاء الأشخاص لمثل تلك الصفحات هي التسلية والفكاهة لا أكثر، لكن في الحقيقة هم أداة فعالة ومساهمة في انتشار الشائعات والأخبار المزيفة من خلال التعليق على مثل تلك الأخبار ومشاركتها على صفحاتهم الشخصية مما يسهل عملية انتشارها في وقت قصير جدًا…

المفروض أن يكون لدينا فكرة شاملة عما يحدث في مواقع التواصل من أمور قد تضع الواحد منا في شائعة سخيفة يومًا ما، لذا علينا مواجهة هذه الظاهرة بالتصدي لها من خلال القيام بالإبلاغ عن المنشور المزيف أو عن الصفحة بأكملها إن كانت مختصة بنشر الشائعات والأخبار المضللة، وعدم التعليق على منشور الخبر الكاذب أو مشاركته للحد من انتشاره وظهوره على مواقع التواصل، لأن التفاعل مع الشائعة يزيد من قوة انتشارها، وإن لم تتخذ أي إجراء ضد الشائعة فعليك بالتجاهل فذلك أقل ما يمكن فعله. 

فيديو مقال الشائعات الإفتراضية في الصدارة والوداع للحقائق

أضف تعليقك هنا