الجهاد العقائدي

بقلم: عبد الرحمن صمادي

القتال العقائدي

ما نرى في ظل الحروب الغربية على وجود العربي الأسلامي في الزمن الحديث، زمن الحضارة والحرية والمساواة، قد من الممكن أن تبدأ بالتشكيك حول الايمان والعقيدة ،وأين عدل الله سبحانه وتعالى على عباده المسلمين؛ فهاذا التشكيك أمرٌ طبيعي في ظل ما يشهده العالم الاسلامي من ظلم وقهر، ولكن يجب عليك المعرفة أن هذا التشكيك كله من الشيطان، والرسول ﷺ لما سأله الصحابة عن هذا الذي يعرض لهم قال: قولوا: آمنت بالله ورسله قال: وليستعيذ بالله ولينته.

فقد وقع هذا في الصحابة، وسألوا النبي ﷺ قالوا: يقع لأحدنا ما لأن يخر من السماء أحب إليه من أن يتكلم به، فقال تلك الوسوسة، ذاك صريح الإيمان لأن إنكار هذا الوسواس، واستعظامه من صريح الإيمان، ومن قوة الإيمان. فالمؤمن إذا رأى مثل هذه الوساوس؛ أنكرها بإيمانه، وأنكرها بما أعطاه الله من البصيرة؛ لأنه يؤمن بالله واليوم الآخر، فيقول حينئذٍ: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا يضره ذلك، ولا يقدح في إيمانه، إذا جاهده بها بما قاله الرسول ﷺ آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هذا إذا كان فيما يتعلق بالله والدار الآخرة. ولكن اذا كان تفكيرك رؤية الامة الاسلامية بضعف وقهر وظلم ولا وجود لطعم الحرية الى بالانتظار او مساعدة القوى العظمى ،فهاذا ضعف الإيمان

القّوةُ في الأبدانِ وإحياءَ المعاش والجهاد هو أحد أقوى علامات الإيمان:

إنّ الذكرَ يعطي الذاكرَ قوّةً حتى إنّه ليفعلُ مع الذكر ما لم يكن يظنُّ فعلَه بدونه، وشاهِدُ ذلك موقفُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مع ابنته فاطمة وعلي رضي الله عنهما، لما سألته خادمًا، وشكت إليه ما تقاسيـه من الطحـن والسعي والخدمة، فعلمَّهما أنْ يسبِّحَا كلَّ ليلةٍ إذا أخذا مضاجعهما ثلاثًا وثلاثين، ويحمدا ثلاثًا وثلاثين، ويكبِّرا أربعًا وثلاثين، وقال لهما: «فهذا خيرٌ لكما من خادمٍ»، فقيل: إنَّ مَنْ داومَ على ذلك وجدَ قوّة في يومه مغنيةٌ عن خادمٍ.

وتقوية الايمان أمر مهم لتكوين عقيدة اسلامية متِنة صلبة ، ولا يتم تعدين الإيمان الى بأفعال وافكار يجب على المسلم أن يتبناها خلال يومه أهما هذه الافعال :

معرفةُ سيرة النبيِّ صلى الله عليه وسلم وشمائله:

فإنَّ مَنْ عرفه حقَّ المعرفةِ لم يَرْتَبْ في صدقه، وصدقِ ما جاء به، قال تعالى: أي: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ*}.
وأقسم الله سبحانه وتعالى بكمال هذا الرسولِ، وعظمةِ أخلاقه، وأنّه أكملُ مخلوقٍ، قال تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ*مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ*وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ*وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ*} [القلم :1 ـ 4]، فهو صلى الله عليه وسلم أكبرُ داعٍ للإيمان في أوصافه الحميدة، وشمائِله الجميلةِ، وأقوالِهِ الصادقةِ النافعةِ، وأفعالِهِ الرشيدةِ، فهو الإمامُ الأعظمُ، والقدوةُ الأكملُ.

التفكّرُ في الكونِ والنظرُ في الأنفسِ:

إنَّ التفكُّرَ في الكونِ، وفي خَلْقِ السماواتِ والأرضِ وما فيهنَّ من المخلوقاتِ المتنوّعةِ، والنظرَ في الإنسان، وما هو عليه من الصفات: يُقوِّي الإيمانَ، لما في هذه الموجوداتِ من عظمةِ الخَلْق الدّالِ على قدرة خالِقها وعظمته، وما فيها مِنَ الحُسْنِ والانتظام والإحكام الذي يحيِّرُ الألبابَ، الدالَّ على سَعَةِ علم الله، وشمول حكمته، وما فيها من أصنافِ المنافع والنعمِ الكثيرة التي لا تعدُّ ولا تحصى، الدالة على سَعَةِ رحمة الله وجودِه وبره، وذلك كلُّه يدعو إلى تعظيم مبدعها وبارئها وشكره، واللهج بذكره، وإخلاص الدِّين له، وهذا هو روحُ الإيمان وسرُّه.

الإكثارُ مِنْ ذكرِ الله والدُّعاء الذي هو روح العبادة للإنسان المسلم:

إن ذكرَ الله يغرسُ شجرةَ الإيمانِ في القلب، ويغذّيها وينمّيها، وكلّما ازدادَ العبدُ ذكرًا للهِ، قوي إيمانُه، كما أنَّ الإيمانَ يدعو إلى كثرةِ الذكر، فمن أحبَّ الله أكثرَ مِنْ ذكرِه، ومحبّةُ اللهِ هي الإيمانُ، بل هي روحُه.

الحياة الطيبة الحقيقية:

فالحياة هي حياةُ الروحِ المتغذّية بالوحي الإلهي، المتعلِّق قلبُ صاحبها بذكر الله، وهي التي وصفَها الله بالحياةِ الطيبة بقوله سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ*} [النحل :97]

معرفة محاسن الدين:

من الأسبابِ المقوّية للإيمانِ معرفةُ محاسنِ الدين، فإنَّ الدينَ الإسلاميَّ كلُّه محاسنُ، عقائدُه أصحُّ العقائدِ وأصدقُها وأنفعُها، وأخلاقهُ أحمدُ الأخلاقِ وأجملُها، وأعمالُه وأحكامُه أحسنُ الأحكامِ وأعدلُها، وبهذا النظرِ الجليلِ يزيِّنُ اللهُ الإيمانَ في قلبِ العبدِ، ويحبّبه إليه، كما امتنّ به على خيار خلقه بقوله: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات :7]. فيكونُ الإيمانُ في القلبِ أعظمَ المحبوباتِ، وأجملَ الأشياءِ، وبهذا يذوقُ العبدُ حلاوةَ الإيمانِ، ويجدُها في قلبه،
فيتجمَّلُ الباطنُ بأصولِ الإيمانِ وحقائقه، وتتجمّل الجوارحُ بأعمالِ الإيمانِ، وفي الدعاء المأثور: «اللهمّ زيّنا بزينةِ الإيمانِ، واجعلنا هداةً مهتدين»، وهو ما تبعه جعفر بن أبي طالب حين ناظره وفد كفار قريش في حضرة النجاشي ملك الحبشة، وكشف أمامه عيوب الجاهلية والضلال ومحاسن الدين الجديد وعظمتها.

معاني العقيدة 

كل ما ذكرتُ في السابق ما هو إلى افعال دينية لا بد من الأخذ بها ولكن العقيدة فكرٌ وقوة، والجهاد والمناصرة يلزمه عقيدة وفكر وايمان صحيحٍ متين، والعقيدة هي جملة من الأمور التي تصدق بها النفوس وتطمئن إليها القلوب وتكون يقينا عند أصحابها لا يمازجها ريب ولا يخالطها شك؛ ولذا تدور مادة (عقد) في اللغة على اللزوم والتأكيد والاستيثاق، قال تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان).[المائدة: 89 ]

والعقيدة في الإسلام تقابل الشريعة، إذ الإسلام عقيدة وشريعة، والشريعة تعني التكاليف العملية التي جاء بها الإسلام من العبادات والمعاملات. والعقيدة ليست أموراً عملية بل هي أمور علمية يجب على المسلم أن يعتقدها في قلبه لأنها جاءت عن طريق الكتاب و السنة.

وأصول العقائد التي أمرنا الله جل وعلا باعتقادها هي التي جاءت في حديث جبريل المشهور عندما سأله عن الإيمان
فقال صلى الله عليه وسلم: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره من الله تعالى) رواه مسلم. فهي أي العقيدة – تدور حول قضايا معينة أخبرنا بها الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام. والله تعالى أعلم.

فإن العقيدة تقوى عندما يلتزم معتقدها بمقتضياتها ولوازمها في واقع حياته، فالذي يعتقد أن ربه الله فلن يطلب الرزق من غيره،
والذي يعتقد أن معبوده هو الله فلن يصرف أي نوع من العبادة لغير الله، ولن يتحاكم في جميع شؤون حياته إلا إلى منهج الله،
ومن يعتقد بوجود الملائكة لن يستوحش من الوحدة ولا من قلة الموافقين لدينه ومنهج حياته من البشر، وسيشعر أن له مؤيدين من الملائكة يحفظونه ويحفونه ويعبدون الله معه، ومن يعتقد بالقدر سيحسن الظن بربه، وسيصبر على ما يصيبه ويرضى عن الله وسيحتسب أجر صبره ورضاه، ومن يعتقد أن هناك يوماً آخراً وأن بعد الموت بعث ونشور فسيتقي الله في قوله وفعله ولن يحزن على فوات الدنيا منه إن كان فيها فقيراً أو مظلوماً، وهكذا في سائر أركان الإيمان وأبواب الاعتقاد في المغيبات، فإذا تحرك العبد في حياته موقناً بهذه المغيبات فسيصبح رجل العقيدة الذي يحيا لها ويحيا بها. واعلم أن الناس متفاوتون في مقدار يقينهم بأركان الإيمان، ومن ثم تتفاوت منزلتهم عند الله، ولذلك كان أبو بكر أفضل الأمة بعد نبيها، نسأل الله أن يذيقنا وإياك حلاوة الإيمان ويرزقنا وإياك اليقين والله أعلم.

بقلم: عبد الرحمن صمادي

 

أضف تعليقك هنا