ما خسرَ شعبٌ حفظَ لُغته “العربية”

وأرَاك في كُلِّ البِقاعِ كأنّما          لا جُرمَ في فلَكِي يَدورُ سواكَ
ما عُدتُ أبصرُ في العَوالِم كلّها    قَمراً سِوَاكَ .. فجَلَّ مَن سوَّاكَ “

أهمية اللغة العربية

فالضَّادُ كما إلتقى بها أمير الشعراء أحمد شوقي، لَيْسَتْ أَحْرُفاً عَرَبِيَّةْ لَـٰكِنَّهَا لُغة بلسان مبين فهي الدِيْنٌ… وَرَمْزُ هُوِيَّةْ، شَرَّفَهَا اللهُ … بِحَمْلِ أبلغ كلماته وأفصحها،ِ فَإِذَا بِهَا أُمُّ اللُّغَاتِ الحَيَّةْ، فقد قال الصاحب بن عبّاد: “لو أدركت مصنّف كتاب (الألفاظ) لأمرت بقطع يده”. فسُئل عن السبب فقال: “جمع شذور العربية الجزلة في أوراق يسيرة فأضاعها في أفواه صبيان المكاتب، ورفع عن المتأدبين تعب الدرس والحفظ الكثير والمطالعة الكثيرة الدائمة”.

لغة القرآن الكريم

إذاً اللغة العربية ليست مجرّد لغة مؤلفة من بضعة حروف وتراكيب ومفردات، بل هي هوية وتاريخ وعزّة، وبها فُتحت القلوب فتعلّمها الغرباء عنها وصاروا شعراء وأدباء، وعُلماء وفوارس في كل الميادين، حيثُ يكمن كنز اللغة العربية الفصحى في خمسة كنوز أولاهم: بنية أنظمتها الأساسية، فهي ترتكز على نظام صوتي متجانس، وعلى نظام صرفي ونحوي منطقي بتماسكه وتوازنه، وعلى نظام مفردات قابل للاشتقاق والتكيّف، ضاعت أمام جمالها لغات عدة ولا تزال هي المهرة والفارسة في الميدان، لكونها لغة القرآن الكريم لجميع المسلمين، ولغة صلاتهم وعباداتهم وشعائرِهم، مهما تعددت أجناسهم ولغات تواصلهم الأساسية، فارتفعتْ، لتكون لغة السياسة والعلم والأدب فيها قروناً طويلة.

لقد اعتمد «اليونسكو» عام 2012؛ لها يوماً في الثامن عشر من هذا الشهر يوماً عالمياً للغة العربية، للاحتفال بهذه اللغة سنوياً؛ «انطلاقاً من رؤيتها (هي) المتمثلة في تعزيز تعدد اللغات، وتنوع الثقافات، تحت مظلة الأمم المتحدة، وكونها واحدة من اللغات الرسمية الرئيسية فيها، ومن اللغات الست الرسمية للاتحاد الأفريقي، ولغة الدبلوماسية والتفاوض في العديد من المنظمات الدولية الأخرى.. التي يرونا قوة واعتزازاً بلغتنا.

وفي المقابل تقتل أغلبها حياتنا بعدم الاعتراف بأغلى مقدس لدينا (الأقصى)، وهويتنا الدينية فيه، يحتفلون بلغتنا الجميلة ويقتلونها عبر الافتراضيات بالنحل والمنحول والنقل المزيف والمبتور وعبر وسائل تواصلهم وفضائياتهم، ويقوم كنزها الثاني على طاقات أنظمتها التعبيرية، بفنون الشعر والقصيد والمعلقات وغيرهم، ليحتل كنزها الثالث مكانة نتاجها الأدبي والفلسفي والعلمي بغزارة التاريخ وإفرازاته المتنوعة عبر الثقافة الغنية والعريقة التي يحملها نتاجها والتي تشكل رابطاً بين العالم العربي والعوالم الأخرى،

تعزز التفاهم والتواصل بين الثقافات العالمية المختلفة

وتعزز التفاهم والتواصل بين الثقافات العالمية المختلفة، وهو كنزها الرابع، الذي يحمل كل ما سبقه على عاتق العربي واعتزازه بلغته الجميلة،  وعلى الرغم من ذلك فهي تحتل المركز الرابع أو الخامس من حيث اللغات الأكثر انتشاراً في العالم، يستعملها ما يقارب الخمسمائة مليون، وتعترف بها 27 دولة لغةً رسميةً، وهي بالمركز الرابع من حيث عدد المستخدمين على الإنترنت.

لكن والأغرب أن تؤول اللغة العربية الفصحى، بالرغم من كنوزها المميزة، إلى انحسار يحير الباحثين في مسارها التاريخي العريق الذي لم يأفل نجمه على مدى العصور، على الرغم من تمايزها عن اللغات الأخرى بالازدواجية بينها وبين العاميات، فهي طاحونة تعجن وتخبز وتأكل كل غريب من المفردات والألفاظ المُستهلكة، ليشهد العالم بصمودها منذ نشأتها إلى اليوم، فلا تزال وستبقى بألف خير، فهي لا تعاني من أي مشكلة ذاتيّة في التطوير والتغيير والتحديث.

خاتمة

وأخيراً: هناك كاتبان مهمان لإدراك عظمة العربية ومكانتها بين اللغات، في ظل ما يعتريها من انهزامية لغوية ومنحولات فضائية أمام لغات أخرى لا قوة لها، فـالعقّاد يُجيد الإنجليزية ولديه اطلاع على اللغات الأخرى، وأحمد شوقي والبارودي وعمر فرّوخ كانوا يجيدون لغات عدة، ومع ذلك لم يشعروا بالانهزامية بل زاد ذلك من اعتزازهما بلغتنا الجميلة، فكُلّ عامٍ وحبيبتُنا العربيّة بخير، نُحبّها، نتذوّقها، نَحيا بها، ونغارُ عليها بحُبٍّ، فيا أيها العربي علّم أبنائك وأحفادك العربيّةَ، فَـواللهِ ما خسرَ شعبٌ حفظَ لُغته.

فيديو مقال ما خسرَ شعبٌ حفظَ لُغته “العربية”

 

أضف تعليقك هنا