الاتجاه نحو الطريق المنحدرة

بقلم : قاسم الجهني

 يشهد العالم في الوقت الحالي ثورة تكنولوجية عظيمة، والتي صاحبها انتشار الألعاب الإلكترونية، ولاسيما تلك الأنواع التفاعلية التي تجذب الشباب والمراهقين عبر شبكات الإنترنت، فهذه الألعاب تحمل دائما روح المغامرة والتحدي الممزوج بالخيال، حتى صارت الشغل الشاغل لفئة من الشباب والمراهقين، وأصبحت تستحوذ على عقولهم واهتمامهم بشكل مبالغ فيه إلى حد الهوس.

تأثير الألعاب الإلكترونية على صحة مستخدميها

هذا الأمر استرعى انتباه الباحثين والمختصين لإجراء العديد من الدراسات الميدانية والأبحاث الاستقصائية، وذلك للوقوف على مدى تأثير هذه الألعاب الإلكترونية على صحة مستخدميها، ولاسيما فيما يتعلق بالصحة النفسية، نظرا لأن مرحلة المراهقة عادة ما يصاحبها تغيرات جذرية على الصعيد النفسي والعاطفي ،

إيجابيات الألعاب الإلكترونية

وشخصياً لاحظت بعض العوامل الإيجابية والسلبية أثناء إعدادي لرسالة بحثية لنيل درجة الماجستير حول علاقة الألعاب الإلكترونية بالصحة النفسية لدى فئة من المراهقين . وظهرت النتائج أنه لا خلاف على أن الألعاب الإلكترونية في حد ذاتها تحمل بين طياتها بعض الإيجابيات التي يجب الإشارة إليها، مثل: تقوية الذاكرة البصرية، تعزيز مهارات حل المشكلات وإصلاح الأخطاء واتخاذ القرار والتحلي بروح القيادة والعمل الجماعي، هذا بالإضافة إلى تنمية القدرات الإدراكية والفكرية والحسية والحركية، والتي تتضافر فيما بينها لتكون المحصلة النهائية زيادة مستوى الذكاء والقدرة على التفكير والتحليل.

سلبيات الألعاب الإلكترونية

وعلى الجانب الآخر، فإن الأعم الأغلب من المراهقين عادة ما ينخرطون في هذه الألعاب بشكل مبالغ فيه، لدرجة الانعزال عن العالم الخارجي واللعب لساعات طويلة، وهو ما يصل بهم إلى مرحلة الإدمان !!! إدمان الألعاب الإلكترونية بالطبع. وعند هذه المرحلة، تذهب الإيجابيات سالفة الذكر نحو السراب، ليحل محلها عدد لا نهائي من السلبيات والأضرار التي تستهدف الصحة النفسية للمراهقين، وتدفع بهم إلى براثن المعاناة النفسية التي قد تحتاج إلى علاج سلوكي ومعرفي في كثير من الأحيان.

التأثيرات النفسية لإدمان الألعاب الإلكترونية

ومن هذا المنطلق يمكننا إجمال التأثيرات النفسية السلبية لإدمان الألعاب الإلكترونية فيما يلي:

  • تشير الدراسات الطبية التي أجريت في هذا الشأن إلى أن مدمني الألعاب الإلكترونية عادة ما تتزايد لديهم احتماليات الإصابة بالسمنة المفرطة، والتي تنشأ عادة نتيجة نمط حياة الخمول وقلة الحركة بتأثير الجلوس لعدة ساعات أمام شاشات الألعاب الإلكترونية. ويلاحظ أن الإصابة بالسمنة في مثل هذه الحالات ترتبط بحدوث مشكلات نفسية وسلوكية كانعدام تقدير الذات والوقوع في القلق والاكتئاب، وبالتالي الميل إلى العزلة والانطواء مفضلين استبدال العالم الواقعي المرير بعالم الفيديو الساحر والألعاب الإلكترونية ذات الألوان البراقة، وهو ما يسهم في زيادة حدة الانطوائية والاعتلال الاجتماعي.
  • على الرغم من أن الألعاب الإلكترونية تعمل على تحسين القدرات المعرفية والإدراكية، إلا أنه قد لوحظ أن الإفراط في هذه الألعاب (أكثر من 1 – 2 ساعة يوميا) من شأنه أن يتسبب في تأثيرات عكسية تماما، متمثلا في تدهور قدرات الذاكرة والاسترجاع والتحليل، وبالتالي تدهور قدرات التعلم وكذلك ضعف الأداء الدراسي.
  • لعل أبرز ما ينبغي الإشارة إليه في هذا الشأن هو وجود ارتباط وثيق بين إدمان الألعاب الإلكترونية والميل إلى العنف في سلوك المراهقين، ولاسيما أن نسبة كبيرة من هذه الألعاب عادة ما تتضمن مشاهد القتل وإطلاق النار، وهو ما يحفز من حدة الغضب لدى المراهقين، فضلا عن الميل إلى العدوانية والعنف والتنمر على الآخرين.
  • أيضا يتسبب إدمان الألعاب الإلكترونية في فقدان الإحساس بالواقع وانعدام الروابط الاجتماعية في البيئة المحيطة، وهي كلها تأثيرات سلبية قد تكون سببا في زيادة احتماليات الإصابة بالأمراض النفسية، مثل الفصام أو ظهور الميول الانتحارية أو الرغبة في إيذاء النفس أو الغير.

خلاصة

وخلاصة القول في هذا الشأن، يحمل إدمان الألعاب الإلكترونية العديد من التأثيرات السلبية على الصحة النفسية، لذا ولتجنب حدوثها، ولتحقيق فوائد إيجابية، فلا بد إذن من توفير رقابة على مثل هذه الألعاب بشكل يسمح بتأمين خيارات لا تحمل أي مواد ضارة أو عنيفة، مع تحديد عدد معين من الساعات كحد أقصى. كذلك فلا مانع من توفير بدائل أخرى صحية يمكن اللجوء إليها في أوقات الفراغ، مثل ممارسة الرياضة أو القراءة أو أي نشاط اجتماعي آخر. qasem_aljuhani

بقلم : قاسم الجهني

 

أضف تعليقك هنا