أولا: القيادة “الفردية”

القيادة “الفردية” متناقضة جملة وتفصيلا مع الإسلام ومقاصده ونصوصه الشرعية الملزمة، ورغم العصمة بالوحي الرباني لم يمارس النبي صلى الله عليه وسلم القيادة الفردية، وإلا فكيف نفهم الخروج في أحد استجابة لمشورة الغالبية وكانت من شباب الصحابة رضوان الله عليهم، وعلام يأخذ “القائد العسكري” بمشورة من قال بنزول الجيش قرب ماء بدر أو بمشورة من قال بحفر الخندق حول المدينة.

ثانيا: هيئة قيادية

ثم أين هو الإنسان الفرد الذي إذا ستلم مقاليد قيادة فردية بدعوى أنه الأصلح والأتقى، يمكن أن يستثني نفسه أو يستثنيه أحد من أن قلبه كسائر القلوب بين أصابع الرحمن، ومن أن المرء يمسي مؤمنا ويصبح كافرا أو يصبح مؤمنا ويمسي كافرا، فما الضمان إن لم يكن فردا من “هيئة قيادية جماعية” يقوم بعضها مقام بعضها الآخر أو يصوّبه عند الضرورة.

ثالثا: رؤية اجتهادية إسلامية حديثة معاصرة

نحن في قضية القيادة في حاجة إلى رؤية اجتهادية إسلامية حديثة معاصرة، تنطلق من ثوابت المقاصد الشرعية، وتستوعب المعطيات الحالية، ولا تقيد نفسها باجتهادات سابقة مهما قدرناها بحد ذاتها ولوقتها وظروفها، ومع استيعابنا أيضا أن اجتهادنا لا يلزم من يأتي بعدنا، فما يصلح لكل إنسان في كل مكان وزمان، هو صريح ما تقرره النصوص القطعية الدلالة من بين نصوص الوحي الرباني.

رابعا: اختيار القيادة والمنهج الملزم

ونحن في قضية القيادة في حاجة إلى تثبيت تصور متوازن متكامل حول ممارسة السلطة في مختلف الميادين، بما يشمل عناصر اختيار القيادة، والمنهج الملزم لها في ممارسة عملها، كواجب محدد تؤديه، وأمانة تنهض بها، مع مراقبتها، ومحاسبتها، وتحديد الطرق المشروعة لاستبدال سواها بها، والآليات المدروسة العملية لضمان ذلك كله.

مقالات متعلقة بالموضوع

خامسا: الوعي

كما أننا في حاجة إلى قدر كبير من الوعي بكيفية العلاقة بين “الحاكم والمحكوم” أو “الرئيس والمواطن“ وما شابه ذلك مما شاع في “مصطلحاتنا المستحدثة” أو “الراعي والرعية” كما ورد في المصطلحات النبوية، ونعلم أن كلمة “الراعي” تشمل مختلف الميادين وليس ميدان ممارسة سلطة الدولة فحسب.

سادسا: ثوابت أخرى

ولا نغفل عن ثوابت أخرى لا غنى عنها في مثل هذه الرؤية وما ينبثق عنها من تصورات ومناهج وتربية تعليمية ومعرفية وسلوكية، ومن ذلك على سبيل المثال دون الحصر، تجنب ما يحوّل الإنسان الفرد إلى “إمعة”، ورفض كل صيغة من صيغ “تقديس الأشخاص” كما عايشناه في عصر الأنظمة الاستبدادية، وتحريم الظلم بكل أشكاله لا سيما في مجالات ممارسة السلطات الثلاث، القضائية والتشريعية والتنفيذية.

أضف تعليقك هنا
نبيل شبيب

كاتب وباحث ومفكر اسلامي

‎مالك ومدير موقع ‎مداد القلم‎

شارك
مواضيع القيادة

Recent Posts

جبريل عليه السلام

بقلم: رسل المعموري جبريل عليه السلام هو أقرب ملائكة الله إليه، وصديق النبي صل  الله… اقرأ المزيد

% واحد منذ

من فضلك كن نفسك فقط

أيها القارئ الكريم ظللنا لعقود طويلة ومنا من لا يزال يؤمن أو متأثر بثقافة المنظرة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

تاريخ الديانة الحنيفية

بقلم: رسل المعموري ""وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا… اقرأ المزيد

% واحد منذ

كيف تحتوي المراهقة؟

ما هي صفات الابن المراهق؟ لسن المراهقة بدايةً بالتمهيد وهو عمر ما قبل سن المراهقة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

بين قمم الأطلس وخضم الريف: شهادة امرأة حرة عن جمال وتنوع المغرب الأمازيغي

أنا فخورة بأنني أمازيغية مغربية، فاللغة الأمازيغية تحمل في طياتها عمق الإحساس وجمالية الطبيعة والثقافة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الدراما السورية..نهوض الفينيق!!

لطالما كان الوقوفُ على قدمين منتصبتَين، أو ربّما على قدمٍ واحدة، أو ربما النهوض بلا… اقرأ المزيد

% واحد منذ