بات مما لا شك فيه بحال أن مصر تتعرض ، و منذ زمن ليس بالقريب لحملة إعلامية ضخمة ، و شرسة تستخدم فيها كل الوسائل غير الشريفة ، و ذلك في إطار ما يعرف بــ “حرب المعلومات” ، عن طريق بث الشائعات ، و المغالطات باستخدام وسائل الإعلام بشقيها ، التقليدي ، و الحديث.
و ذلك كله ما هو بالأساس إلا جزءًا لا يتجزأ من حرب كبرى تريد خراب الأرض ، و انتهاك العرض ، و هي لا تستعمل وسائل الحرب التقليدية ، كما أنها لا تسعى للتخلص من البشر ، و إنما تستهدف العقول ، و القلوب معًا ، فتحتلها ، و من ثم تحتل أرض أصحابها ، و الذين يسلمون الأرض حينها عن طيب خاطر ، و من دون مقاومة ، لأن الاحتلال حينها قد وقع بالفعل ، و لكن في القلوب ، و العقول أولًا !
فإذا ما تمت السيطرة على العقول ، و ملئت بأفكار مغلوطة حول ماهية الوطن ، و ماهية أعداءه ، فتقلب في العقول الحقائق حتى يصبح العدو وليًا ، و الولي عدوًا!
و أما القلوب فإن العدو يتسرب إليها شيئًا فشيئًا بلين كلين الأفاعي ، و خبثٍ كخبث الثعالب ، و بوقعٍ أخف من دبيب النمل ، حتى إذا ما سيطر عليها ملأها كراهية ، و غلًا ، و حقدًا ، و احتقارًا للوطن ، و تعظيم العدو ، و الانسحاق أمامه ، و تحت قدميه في الوقت ذاته!
فإذا ما تم للعدو مراده من السيطرة على العقول ، و القلوب ، كان أسهل شيء عليه هو السيطرة على أرض الوطن ، إذ يجد أن أبناء الوطن أنفسهم قد مهدوا له الطريق ، و فرشوا له السبل بالورود ، منتظرين قدومه ليخلصهم من عدوهم الذي سيطر على وطنهم ، و سلبه منهم ، والذي ليس في حقيقته سوى الحكم الوطني ، و لكنها صنعة العدو في قلب الحقائق .
هذه الحرب التي تشن الآن على مصرنا الحبيبة ، و منذ سنوات ذوات عدد ، و إن كانت في هذه الآونة قد بلغت أشد ذروتها ، و حدتها ، و مرحلتها الحاسمة ، و التي لا يكون فيها سوى منتصر واحد ، و منهزم واحد ، فإما أن ينتصر أبناء الوطن المخلصين على عدوهم ، و يرفضوا غسل أدمغتهم ، و يفشلوا محاولات السيطرة على عقولهم ، و قلوبهم ، أو يسلموا وطنهم بأيديهم لقمة سائغة إلى عدوه ، و عدوهم ، و الخيار لهم .
إن تلك الحرب التي بلغت ذروتها منذ ما يزيد عن العامين ، و لا تزال مستعرة ، و مشتعلة ، و تستهدف عقل ، و قلب المواطن المصري البسيط عن طريق بث العشرات بل ، و المئات ، و الآلاف من الشائعات المغلوطة ، و المعلومات الناقصة ، و المضللة ، و الكاذبة من أجل إثارة شكه في بلده ، و وطنه ، و قياداته الوطنية ، و في دولته ، و في جيشه !
حتى لقد أصبح الشك –بسبب تلك الحملات- حالة عامة يعاني منها الناس جميعهم ، بل لقد أصبح الشك هو الأصل في الأشياء ، و ليس اليقين على عكس الواقع ، و الحقيقة ، و الأصل.
و أصبح المواطن المصري من كثرة ما تعرض له من حملات إعلامية كاذبة كأداة من أدوات ، و آليات حرب المعلومات ، أصبح لا يثق في شيء ، و يشك في كل شيء ، حتى كاد يشك في ذاته ، و في أصابع يديه !
و من ضمن الجزئيات ، و الأمور الكثيرة التي طالتها يد مروجي الشائعات ، و كانت جزءًا رئيسًا من حرب المعلومات التي تعاني منها مصر في هذه الآونة الخطيرة من تاريخها هي قضية الجزيرتين الواقعتين على الحدود البحرية المصرية – السعودية ، و المعروفتين بــ “تيران ، و صنافير” ، و اللتان دار حولهما الكثير من الشائعات ، و المغالطات ما لا يحصى ، و لا يستقصى ، و اعتمد أعداء هذا الوطن من قادة حرب المعلومات على عدم معرفة المصريين شيئًا –من قبل– عن هذين الجزيرتين ، كغيرهما من الأمور الكثيرة ، و المتعلقة بتفاصيل كثيرة يجهله المصريون (من دون قصد ، أو عن عمد) عن وطنهم ، و بلدهم ، فبثَّ أعداء هذا الوطن الشائعات الكثيرة ، و شككوا المصريين في كل أمر ، و في كل تفصيلة من تفاصيل تلك القضية المحورية ، مستغلين في ذلك وسائل التواصل المجتمعي ، و التي أصبحت مرتعًا لكل أعداء الوطن ، و سلاحًا قاتلًا لعقول ، و قلوب المواطنين ، و كذلك الإعلام المعادي ، و الذي يقوده ، و يحركه الإعلام الصهيوني ، أنّى أراد ، و كيفما شاء .
على ما سأبينه في المقال القادم إن شاء الله . و في المقال القادم للحديث بقية .. إن شاء ربُّ البرية .
بقلم: رسل المعموري جبريل عليه السلام هو أقرب ملائكة الله إليه، وصديق النبي صل الله… اقرأ المزيد
أيها القارئ الكريم ظللنا لعقود طويلة ومنا من لا يزال يؤمن أو متأثر بثقافة المنظرة… اقرأ المزيد
بقلم: رسل المعموري ""وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا… اقرأ المزيد
ما هي صفات الابن المراهق؟ لسن المراهقة بدايةً بالتمهيد وهو عمر ما قبل سن المراهقة… اقرأ المزيد
أنا فخورة بأنني أمازيغية مغربية، فاللغة الأمازيغية تحمل في طياتها عمق الإحساس وجمالية الطبيعة والثقافة… اقرأ المزيد
لطالما كان الوقوفُ على قدمين منتصبتَين، أو ربّما على قدمٍ واحدة، أو ربما النهوض بلا… اقرأ المزيد