يجلس على الكرسي، يخرج سلسلة مفاتيح ويفتح الدرج الثالث أو الأخير في مكتبه، ملفات الموظفين في القسم، ملفات بلون أسود..أسود قاتم..كل ملف مدون عليه اسم موظف..تقريباً كل موظفيه لهم ملفات في الدرج..طريقة عرفها منذ زمن بعيد وملكت عليه عقله وتفكيره..ملف يحتفظ فيه بمستند يثبت فيه ذنوب الموظفين وآثامهم..كل ما فعلوه خارج السياق صغيراً كان أم كبيراً.. حالة توثيق مستمرة بلا توقف..والنتيجة أن كل الموظفين لهم ملفات سوداء في الدرج.
من هذا الذي يعمل بلا أخطاء؟! ..أو يعيش بلا أخطاء؟! خطأ واحد كل سنة كفيل بتسمين الملف!! وهناك أخطاء واحد منها يكفي لتسمين الملف!! الملف له يوم سيفقس فيه مثل الدجاجة، هو اليوم الذي يحتاجه فيه صاحبنا لاتخاذ قرارت أو تصفية حسابات أو الحصول على رضا الرئيس الكبير، ضحايا هذه الملفات كثر، ومن شرب من كأسه المر كثيرون، كثيرون تعاملوا معه بنية طيبة فذاقوا وبال أمرهم، كثيرون اجتهدوا في عدم ارتكاب أخطاء ونسوا أنهم بشر، هو نفسه نسي أنهم بشر وأنه أيضاً بشر..
تخيل حال موظف يعرف أن هناك ملفاً أسوداً قد يكون في النهاية هو قبره ومثواه الأخير! على كل حال؛ اليوم هو على موعد مع رئيس جديد للشركة، رئيس يتحدث بلغة أثارت قلقه لأنه يتحدث عن التغيير، الحديث عن التغيير يثير القلق وربما الهلع، عليه أن يثبت لرئيسه أنه هو الأكفأ ولولا وجوده في المكان لنزلت المصائب على المكان، وعليه أن يثبت لرئيسه أن مكانه لا يصلح لغيره وأن مرؤوسيه تشوبهم الشوائب والدليل يكمن هنا في الدرج.
جمع الملفات السوداء واتجه منتشياً إلى مكتب الرئيس الكبير بعد الاتفاق على اجتماع سيطول، اجتماع أسود بلون الملفات، دخل على رئيسه الجديد وهو يمسك بالملفات..سلم عليه ورد الرئيس التحية بسلام حار..جلس على منضدة مستديرة في وسط حجرة الرئيس..ووضع الملفات أمامه وأمام الرئيس وبعد حديث ليس بالقصير تحدث فيه عن نفسه بكل خير منهياً كل فقرة من حديثه بالحمدلله.
وعند الحديث عن مرؤوسيه مدحهم في البداية وأقر بأنهم مجتهدون لكنهم ليسوا بلا أخطاء والملفات تثبت أخطاءهم..هذا ليس للتقليل من شأنهم في عيون سعادتكم ولكن سعادتكم يجب أن تعرفوا من يعمل معكم..هذا ما قاله للرئيس..المدير التزم الصمت..يعطي الرئيس ملفاً بعد ملف..وفي كل ملف يشرح بتفصيل كبير..هو يرى أن الأخطاء تكشف شخصيات موظفيه..إذن هي ليست ملفات لكنها شخصيات تتحرك في المكان وعلى المنضدة أمام الرئيس الجديد، ساعة ونصف تقريباً والرئيس الجديد يتصفح وصاحب الملفات يتابع تعبيرات وجهه..انتهى الرئيس من الاطلاع على أكثر الملفات..أغلق الملف الأخير ووضعه جانباً وبدأ يتحدث إليه:
هذا هو الدرس الذي تعلمته وأرجو من الله أن تتعلمه أنت..
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد