مع الإمام النووي رحمه الله في شرحه على صحيح مسلم ,الموسوم بـ ( المنهاج في شرح صحيح مسلم ابن الحجاج ) ان صح الاسم
بعض سمات ومميزات شرح النووي على مسلم من واقع قراءة الكاتب للكتاب
- يلزم قبل الولوج إلى هذا السفر المبارك أن تقرأ المقدمة التي كتبها المؤلف رحمه الله لأن فيها فوائد جمة ,خاصة بالصحيح وبعلم مصطلح الحديث عموماً:
- كتب الإمام النووي مقدمة لشرحه , بين فيها عدة أمور تخص هذا الشرح , وهي مقدمة نفيسة فلتراجع , بين فيها طريقته وسبب تأليفه كما بين سبب عدم تطويله للكتاب ,والأمور التي سيعالجها أثناء الشرح , وغير ذلك من الأمور .
- ثم أردف ذلك بعدة فصول , بين فيها إسناده إلى الكتاب , وحال رواته, ومكانة صحيح مسلم وما انتقد عليه , وجمل مهمة من علم الحديث , كالإسناد المعنعن , وحكم المختلط , ومعرفة الصحابي والتابعي ,ورواية الحديث بالمعنى , وغير ذلك من الأمور المتعلقة بعلم الحديث , وهي مقدمة شيقة ودسمة فلتراجع .
- ترجم في المقدمة لشيوخه إلى مسلم تراجم مختصرة .
- ترجم للإمام مسلم ترجمة لا تليق به البتة رحم الله الجميع .
- بين النووي ومسلم ستة أنفس وبعض الأسانيد سبعة أنفس وبينه وبين مالك سبعة فقط .
- تراجم أبواب الصحيح وضعها الإمام النووي كما نص على ذلك ص26ج1
- قد يوجه بعض الانتقادات للإمام مسلم .
- أحيانا يثير انتقاد أو اعتراض ويرد عليه .
- أحال أثناء شرحه لمقدمة الصحيح إلى صلب الكتاب .
- ترجم للرواة الأعلام تراجم مختصرة جداً ولم يستوعب كل الروة .
- ضبط أسماء الأعلام ضبطاً تاماً بالشكل .
- يذكر فوائد الحديث , مرة باسهاب ,ومرة باختصار, ومرة يهملها .
- ينسب الأقوال إلى قائليها الا في بعض الحالات قد يعمم فيها مثل قال العلماء , قال الفقهاء .
- يذكر اللطائف الاسنادية التي تمر معه في الإسناد .
- يحيل المؤلف في كثيرا من الأحوال إلى كتبه الأخرى مثل ( الأسماء والصفات , والقطعة التي شرحها من صحيح البخاري , وشرح المهذب والأذكار , والأربعون, ورياض الصالحين , وروضة الطالبين وغيرها ……
- ينقل كثيرا مذهب أصحابه الشافعية’ بل يكاد يعتمده اعتماداً كلياً ويشير إلى المذاهب الأخرى ولا يلتزم ذلك .
- يدافع عن الإمام مسلم بالدليل والبرهان , خصوصاً اذا كان في إسناد مسلم رجل تكلم فيه او وصف بالضعف .
- يذكر وينقل ما قاله العلماء في الراوي من توثيق وتضعيف ولا يستوعب .
- قد يقعّد قاعدة أو يؤصل أصلاً , ثم يحيل إليه فيما بعد , انظر مثلاً ج1 ص 88 حينما تكلم على اثر هشام ابن زياد مع عفان , ضمن ما رواه مسلم في المقدمة .
- يذكر اذا كان إسناد الحديث كوفي او بصري او خرساني او مصري او … …
- قد يشير إلى أشياء إشارة ولا يذكر مضمونه فراراً من التطويل , انظر مثلاً عند الكلام على الناسخ والمنسوخ في المقدمة وذكر وجوه الترجيح , قال : وهي نحو خمسين وجهاً جمعها الحافظ أبو بكر الحازمي في أول كتاب الناسخ والمنسوخ , وقد جمعتها انا مختصرة ولا ضرورة إلى ذكرها هنا كراهة التطويل انظر ج1 ص 38.
- ذكر جملة كبيرة من الكتب والمؤلفات التي نقل منها او رجع إليها أثناء الشرح وهي منثورة بين ثنايا كتابه .
- يذكر ما عليه الإجماع في الغالب.
- يذكر الزيادة على رواية مسلم في الغالب.
- يُعرض عن الأقوال الضعيفة او الفاسدة على حسب وصفه, انظر مثلاً ج1 ص 142.
- يذكر فوائد الحديث بعد قوله ( وفي الحديث جمل من العلم غير ما تقدم) ولا يلتزم ذلك.
- يقسم أحاديث مسلم إلى أبواب ولا يتكلم على التراجم لأنها من وضعه, بل يعمد إلى رجال الإسناد فيتكلم عنهم ويضبط الكلمات الغريبة , ثم يتكلم على متن الحديث (هذا في أول الكتاب خصوصاً عند شرحه لكتاب الإيمان ) ثم تغير هذا الترتيب عند الكلام على الكتب الأخرى فقد يقدم الشرح ثم الكلام على رجال الإسناد ثم الغريب .
- يشير في الغالب إلى ما اتفق عليه البخاري ومسلم والى ما انفرد به مسلم ولا يلتزم ذلك .
- يذكر ما يتعلق بألفاظ الحديث , ثم يعرّج على أحكامه ومعانيه .
- يشير الى ما انتقده واستدركه حافظ عصره الإمام الدار قطني على مسلم .
- يعزو القول إلى قائله ابتداء ,وقد يذكر القول ثم يردفه بقائله , كان يقول مثلاً ( هذا قول فلان او انتهى كلام فلان ……) .
- ينقل توثيق الراوي او تضعيفه عن المتقدمين أمثال احمد وابن معين وابن ألمديني والبخاري وغيرهم ولا يلتزم ذلك .
- ينقل تصحيح او تضعيف غيره على ما يورده ويستشهد به في الشرح ولا يلتزم ذلك .
- أجاب على استدراكات الدارقطني على مسلم , و الحق اجاباته ضعيفة جداً , ولا ترقى لمستوى نقد إمام مثل الدارقطني ( ولعله انتقدها على طريقة الفقهاء لا المحدثين).
- غالب ما يقرره في الشرح، على مذهب الشافعي رحمه الله.
- أكثر من العزو على شرح المهذب.
- شرحه مختصر كما أشار إلى ذلك في المقدمة لكن قد يبسط المسالة بفروعها وأدلتها , كما فعل في مسألة المستحاضة وغيرها , انظر ج4 ص 12 وما بعدها .
- اذا كان الدليل مع غير المذهب عنده أشار إلى ذلك انظر مثلاً ج4ص42 في الكلام على مسألة الوضوء من لحوم الإبل , أشار إلى قوة مذهب احمد وإسحاق ابن راهويه , وحكى قول الجمهور رغم انه ذكر ان الخلفاء الراشدون ومالك وأبو حنيفة قالوا بأنه ينقض .
- من مميزات هذا الشرح:
- قد يذكر المسألة ليدل على غلطها , انظر مثلاً ج4ص134 في الكلام على اعتبار الصف الأول بالقدوم مبكراً ولو صلى في آخر صف قال: ( وإنما اذكره ومثله لئلا يغتر به والله اعلم ) وذلك بعد ان حكم عليه بالبطلان ( قال وهذا غلط صحيح ) .
- طريقة الإمام النووي:
- جمع أكثر من باب في ترجمة واحدة , ولعل السبب في ذلك عدم تكرار الحديث في صحيح مسلم بخلاف البخاري , انظر مثالاً على ما ذكرت هذه الترجمة , قال رحمه الله : ( باب تسوية الصفوف , وإقامتها وفضل الأول فالأول منها , والازدحام على الصف الأول , والمسابقة اليه ,وتقديم أولي الفضل ,وتقريبهم من الإمام ) فهذه سبعة أبواب دمجها في ترجمة واحدة والسبب هو ما ذكرنا .
- أكثر من الإحالة على كتاب الإيمان , وهو أفضل كتاب شرحه شرحاً وافياً .
- استخلص الإمام النووي , وأشار إلى جملة لا باس بها من علامات النبوة ,عند تعرضه لشرح الأحاديث .
- يشير في بعض الأحاديث إلى تبويب البخاري ويستشهد به .
- ادخل الإمام النووي بعض التراجم في عدة أماكن , وليس لها علاقة بالكتاب الذي أورد مسلم فيه الأحاديث , انظر مثلاً في ج6 ص 100 في كتاب صلاة المسافرين , ترجم النووي هذه الترجمة ( باب إسلام عمرو بن عبسة ) وظاهر جداً ان الإمام مسلم ما قصد هذا البتة من ذكره الحديث في هذا الموضع .
- إذا وقع اختلاف في سند الحديث بين رواة الصحيح , تجده يشير إلى نسخ صحيح مسلم عند المشارقة (ويسميها نسخ بلادنا ) وعند المغاربة كما اوردها القاضي عياض, ويحاول الترجيح بينها .
- أفضل كتاب تعرض له بالشرح هو كتاب الإيمان, ويا ليته استمر بهذا النفس طول شرح الكتاب ,لكن واضح انه بعد ذلك فترت همته رحمه الله .
- أكثر الإمام النووي من النقل عن علماء من الشرق والغرب اذكر لك أهمهم :
- ابن الصلاح خاصة في المقدمة – ابو بكر الاسماعيلي – احمد – الدارقطني – ابن عبد البر- القاضي عياض وأكثر عنه جدا لدرجة اني شعرت ان شرح النووي على مسلم اختصر فيه شرح القاضي عياض – ابن معين – الخطيب البغدادي – ابن قتيبة – البخاري – الخطابي – ابن بطال- إمام الحرمين – الإمام الموردي – الإمام المازري – الواحدي – ابو إسحاق الاسفرايني ….. وغيرهم الكثير
- وجه الإمام النووي النقد لمجموعة من العلماء أثناء شرحه اذكر لك منهم :
- الحميدي – ابو الحسن الموردي صاحب الحاوي – ابو عبد الله القلعي – السمعاني صاحب الأنساب – الجوهري صاحب الصحاح – الدارقطني – ابن الجهم المالكي – القاضي عياض وكان له النصيب الاوفر – المذهب الحنفي عموماً – المذهب الظاهري عموماً .
- حوى شرح الإمام النووي على اختصاره مجموعة لا باس بها من الفنون حيث تكلم في شرحه عن كل فن ومن ذلك :
- اللغة والغريب – التراجم – الفقه – مصطلح الحديث – الزهد والرقائق – التفسير –شرح الحديث – علوم القران وعلم القراءات– اصول الفقه – وغيرها …………
- والحق يقال شرح النووي على مسلم لا يكفي ولا يليق بكتاب كصحيح مسلم البتة , لكن مما يشفع للإمام النووي انه شرط على نفسه الاختصار , بل صرح بذلك في غير ما موضع أثناء الشرح , بل قال بأنه لو أراد ان يشرح صحيح مسلم بتوسع , لجاء شرحه في مئة مجلدة , لكن لتقاصر الهمم آثر الاختصار , والدليل على ان شرحه لا يليق بصحيح مسلم انظر مثلاً كتاب الفضائل باب ( ذكر كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ) روى مسلم بإسناده ست أحاديث , شرحها النووي في اقل من ثلاثة اسطر , وانظر أيضا كتاب البر والصلة والآداب باب الوصية بالجار , روى مسلم خمسة أحاديث, شرحها النووي في سطر ونصف … وغير ذلك من المواضع المنتشرة في طول الشرح.
هذا ما علق بذاكرتي من سمات ومميزات هذا الكتاب المبارك.
دمتم في طاعة الله وأمنه
يا نظراً فيه إن ألفيت فائدة
… . فاجنح إليها ولا تجنح إلى الحسدِ
وان عثرت لنا فيه على زللٍ
….. فاغفر فلست مجبولاً على الرشد
فيديو مقال مع الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم