المدينة الفاضلة بين الفلسفة والدين – #خاطرة

المدينة الفاضلة خيار كل عاااااااقل حر ينشد السعادة في هذه الحياة أو يطلبها أو يقدم في سبيلها جميل السعي والاجتهاد.

طموح الجميع بوجود المدينة الفاضلة لتحقيق أمانيهم

قم بسؤال من تشاء،اسأل نفسك او اصدقائك او غيرك، عن امانيهم و آمالهم، واستمع  للاجابات المختلفة  و المتنوعة:

  • سيقول لك المريض اريد الشفاء.
  • و يحدثك الطالب عن حلم اجتياز الامتحان بنجاح.
  • العاطل أن يرزقه الله  عملا.
  • والعازب بالزواج الموفق.
  • والمتزوج ان يرزق ذرية.
  • وصاحب الذرية ان يصلح الله له أولاده.
  • والغريب ان يعود إلى أحضان وطنه.
  • والمسجون بإطلاق قيده.
  • والغارم بسداد دينه.

حوائج الناس وما يفقدون هي اجاباتهم المثلى.

الشاهد على ذلك، إذا فقدت شيئا ستربطه بسعادتك، هذا عن أمنيات الناس.

الأمن والأمان والسلامة العامة من أهم ركائز المدينة الفاضلة

لكن ثمة مشترك آخر في غاية الخطورة …يجمع كل العقلاء على أنه السعادة ذاتها ..وإذا ذهب ..فلا قيمة للحياة بعد، ولقد تعمدت في البداية استعمال كلمة عاقل ..لأنها الخيط الفاصل بين عالمي الرشاد البشري والضلال البهائمي.

فالعالم الأول يمتلك المواهب التي تؤهله لأن يقيم جنة فوق الأرض ان أراد  ..أو جحيما أيضا ان أراد ..أما العالم الثاني فهو مبرمج على نظام خاص لا يحيد عنه، منطقه، النزاع ثم النزاع ثم النزاع ..والغلبة للمخالب الشرسة، بهيمة لا تحسن  التمييز بين الخطأ والصواب ..فهي لم تخلق أصلا لهذه المهمة.

فلسفة الأمن في المدينة الفاضلة

التقيت مرة أحد الأصدقاء، كان لقاءا عابرا ودردشة خفيفة، كانت تلك الفترة بحق فترة عصيبة عاشت فيها مدينتنا أحداثا مؤسفة ..فلا يكاد يمر أسبوع الا ونسمع عن حوادث القتل ومعارك السيوف والسطو والسرقة

قال لي هذا الصديق ..مدينتنا ولله الحمد  هي الان مدعمة بفرق أمنية ستعيد الأمور إلى نصابها وننعم بالأمن الحقيقي، فقلت له يا صاحبي هذا صحيح………لكن ………

أدعوك ان تلقي بنظرة خاطفة من  حولك لترى شكل نوافذ البيوت….وستلاحظ  بان اغلبها مسيج ..و لا تكاد تخلوا نافذة من  شباك حديدي ..الباب الواحد فيه أكثر من قفلين

”  مركب الحجار للحديد درناولو  الكركار ”  ..نعم منازلنا أصبحت سجنا

ما هو الأمن الذي يجب تطبيقه للحصول على المدينة الفاضلة؟

  • الأمن هو الهواء النقي وغيابه هو التلوث القاتل
  • الأمن أن يكون المغفل محميا لا مستباح المال والنفس والعرض
  • الأمن إذا غادرت سيارتك ..أن لا تفكر في إحكام  غلقها ..وإذا اغلقتها فهي خوف من الاولاد الصغار ان يعبثوا بها
  • الأمن ان لا تنهض مفزوعا وتقطع قيلولتك  لأنك نسيت ان تغلق باب متجرك جيدا  ..

لا يتسع المقام للغوص في ماهية الأمن ..فالحديث عنه يحتاج الى محاضرات ومؤتمرات !

 

المدينة الفاضلة من منظور أحلام الفلاسفة 

منذ القدم اهتدى الناس في تجمعاتهم إلى وضع فلسفات وتصورات وطرائق تحكم نمط معاشهم ..ولعل القارئ الكريم سيتذكر حين يقرأ عنوان المدينة الفاضلة ..مؤلف الفيلسوف اليوناني أفلاطون  الذي كتب عن مثالية المدينة التي يتصورها ويدعوا الناس إليها وإن كنت انا شخصيا من المتأثرين بطرحه والمعجبين بحلمه

مدينة جل سكانها من العلماء والمفكرين والفلاسفة والكتاب والشعراء مدينة تصنع أودية الفضل من الفلسفة والأخلاق ونبذ الظلم وإعلاء قيمة  العدل والحرص على انفاذه

هذه الاودية كلها تصب في نهر واحد، هو نهر الحياة المثالية والعيش في مدينة فاضلة.

لن اسهب في الحديث كثيرا عن فلسفة أفلاطون في هذا الموضوع  فقط هو تعريج سريع، لكن فيما يبدو أن طرح أفلاطون بعيد نوعا ما عن واقع التفكير البشري ..لانه ليس واقعا ملائكيا  ..فلذلك يصعب تطبيقه ويتعذر تجسيده.

الحقيقة أن الاداء البشري كان سيئا وفاشلا،الإنسان العاقل الحر اخفق في تحقيق هذا المبتغى ..حتى سرى ذلك الوصف عن البشر وقيل أنهم وحوش ولا فرق بين حياتهم وحياة الكائنات البرية.

 

كيف حققت الشريعة الإسلامية كل أسس وشروط إقامة المدينة الفاضلة

..لذلك جاءت الشرائع  لتسوس حياة الناس وتضبطها والمقصد الأسمى _ ألا يجور أحد على أحد _

وان لا يبخس صاحب حق حقه ..فضلا عن  حراسة القيم والمثل العليا بالتحريض على اتخاذها مسلكا..والذود عنها إذا ما افتات غر على تعاليمها أو تهكم ..كل هذا بإسم الله الخالق الواجد الحسيب الرقيب

وهكذا هي شريعتنا الغراء  هدية السماء تحمل قوانين رب الكون ووحيه، شريعة عارفة بأسرار النفوس وطاقة البشر ومستوى تحملهم، اقترابنا منها هو اقتراب من المدينة الفاضلة والعكس صحيح، نحن بحق نملك الضمانة الوحيدة لتحقيق المعجزة.

ما هي المدينة الفاضلة ؟

  • المدينة التي يغلب خيرها شرها هي المدينة المثالية.
  • المدينة الآمنة المطمئنة هي المدينة الفاضلة .
  • المدينة التي يجاهد الفرد فيها ذلك الحيوان الداخلي الذي يسكنه ليلجمه ويروضه ..هي مدينة فاضلة.
  • المدينة التي تستهويك لتحلم ..وتحتضنك لتنجح هي المدينة الفاضلة .
  • المدينة التي تقدس الإنسان ..وتحفظ اعتباره هي المدينة الفاضلة .
  • المدينة التي تأتمر بأوامر الله ..فهذا جزاؤها.

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)

بقلم : فاروق بن عبود

أضف تعليقك هنا